عقب تعيين عبد المؤمن ولد قدور على رأس سوناطراك، القلب النابض للاقتصاد في الجزائر، بلغ تحوّل اتجاه السلطة في الجزائر لصالح اللوبي الأمريكي. واتضح مغزاه العميق، يوم 20 مارس، حيث تولت هذه الشخصية المثيرة للجدل، منصب الرئيس التنفيذي سابقاً في مؤسسة "BRC"، وهي مؤسسة جزائرية أمريكية، وفرع تابع لسوناطراك، وشركة هاليبرتون الشهيرة. وحسب تقرير لصحيفة التحقيقات الفرنسية "موند أفريك" فقد كانت "BRC" قد أطلقت في الفترة بين عامي 1994 و2007، تاريخ صدور قرار حلها، مشاريع ضخمة، مع الجيش، ووزارة الطاقة الجزائرية كما أن عبد المومن ولد قدور سبق أن جسد النخبة الجزائرية، التي ولت وجهها نحو العالم الأنجلو سكسوني، لكن في آخر المطاف أعلنت "BRC" إفلاسها، وتركت خلفها فضيحة مدوية، وخيمت شكوك واسعة حول قضايا فساد، واختلاس تخص صفقات تقدر بأكثر من 560 مليون دولار، أبرمت مع وزارة الطاقة برئاسة شكيب خليل، الذي يعتبر أكثر القادة الجزائريين قرباً من "الأمريكيين"، إلى جانب صفقات تقدر بمبلغ 1.3 مليار دولار، أبرمت مع الجيش الجزائري. وأشارت تحقيقات "موند أفريك" إلى أن شكيب خليل، اللوبي المقرب من أمريكا تمكن، أخيرا، من تعزيز موقعه، والارتقاء بهدوء والاطمئنان، وصولاً إلى أعلى سدة الدولة الجزائرية. وترى "موند أفريك" أنه منذ عودة شكيب خليل إلى البلاد في 17 مارس 2016، لم يتوقف من التحرك النشط، وممارسة سياسة الاستمالة، والضغط الهائل للتأثير على السياسة الجزائرية. وأصبح صديق بوتفليقة، حالياً، محل اهتمام، يصغى إلى نصائحه، ويستشار من قبل كبار المسؤولين، ويؤدي دوراً استراتيجياً في خارطة الطريق الجديدة، التي اعتمدتها الجزائر في أعقاب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، وبناء على نصيحته، بحسب الصحيفة، دخلت الجزائر في مواجهة كسر عظام مع شركة توتال، والتفاوض على اتفاق شامل مع الدول الأخرى، المنتجة للنفط أثناء قمة كبرى انعقدت في الجزائر، في نونبر 2016. ولم يتوقف مجال نفوذ صديق بوتفليقة عند هذا الحد، بل إن الرجل، الذي ناضل على الدوام لإخراج الجزائر من نفوذ فضاء الأورو، كانت آخر خطواته الناجحة، عملية سوناطراك، من خلال تنصيب صديقه، العائد من منفاه في دولة الامارات العربية المتحدة. ووضع قادور على رأس القلب النابض للاقتصاد الجزائري، وبهذه الخطة يمكن لأنصار التوجه الأمريكي، وضع خارطة الطريق حيز التنفيذ، خصوصا أن الجزائر منحت موازاة مع ذلك، مشاريع كبرى للشركات الأمريكية، في ظل تسارع وتيرة زيارات العمل للمسؤولين الجزائريين إلى الولاياتالمتحدة، منذ عام 2016. كما اتخذت التبادلات الاقتصادية بين الولاياتالمتحدة، والجزائر فعلاً بعداً جديداً منذ زيارة سلال في نهاية مارس 2016 إلى واشنطن، حيث التقى بعدد من قادة لمجموعات أمريكية كبرى، مثل رئيس أناداركو، آل ووكر، أول منتج خاص للنفط في الجزائر، القائم على تطوير حقول نفط في حاسي بركين، وأورحود، والمرك، الواقعة في حوض بركين في إليزي. ثم أجرى رئيس الوزراء الجزائري مناقشات مع جيف ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون، وهي مجموعة أمريكية كبرى متخصصة في مجال الصناعة والخدمات الطاقوية. وأشارت، أيضا "موند أفريك" إلى أن المشاريع الأمريكية اقتحمت الأسواق في الجزائر، في الوقت، الذي يواصل فيه شكيب خليل وجماعته من الأصدقاء والأطر، ذوي التوجه الأمريكي، العمل من وراء الكواليس لتحقيق المزيد من التقارب بين الجزائر، وواشنطن. وقد وصل مستوى هذا التقارب إلى حد تكليف شركات أمريكية بمشاريع زراعية كبرى، حيث إن كبار المسؤولين الجزائريين أصبح يراودهم الحلم الأمريكي، وتتساءل الصحيفة الفرنسية هل هو حلم فعلاً، أم مجرد وهم؟ وبهذا بعد خيبات الأمل التي تعرضت لها الجزائر من قبل أوروبا، غيرت وجهتها لتنظر ما وراء المحيط الأطلسي لإيجاد الطريق الصحيح حتى تتحقق تنميتها,