رمى أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية بالرباط، بكرة ملتهبة في حقل النقاش الفقهي القانوني والحقوقي المثار في الآونة الأخيرة، بشأن إثبات البنوة للأب من علاقة غير شرعية، عندما انتقد إصرار المشرع المغربي على رفض كتابة الاستعانة التحليل الجيني ADN، لإثبات البنوة في مدونة الأسرة. وقال الخمليشي الذي كان يتحدث في ندوة حول موضوع "إثبات البنوة خارج مؤسسة الزواج"، نظمتها جمعية السيدة الحرة بطنجة، مساء أمس الجمعة، "إن المشكل بخصوص إثبات البنوة، يتعلق بمشكل ثقافة، لأن وسيلة التحليل الجيني، تم الإصرار على رفض كتابته في مدونة الأسرة، واكتفى بإيراد الخبرة الطبية". وأضاف مدير دار الحديث الحسنية، ضمن نفس المداخلة، أنه خلال إعداد مدونة الأحوال الشخصية، "وقعت مناقشات كثيرة حول (البصمة الوراثية)، ولأنها لم تستعمل في الفقه، فإنه لا يجوز أن تذكر في مدونة الأسرة". من ناحية أخرى، أبرز الخمليشي، أن الاقرار بابن الزنى يوجد له سند في أحكام الشريعة، ومن ذلك القاعدة الفقهية، "النسب يثبت ولا ينتفي إلا باليقين"، وأن "الشرع متشوف لإثبات النسب"، موضحا بأن هذه القواعد الفقهية تأخذ بالغالب، والقاضي عندما يقرر حكما إنما يراعي الغالب. وبخصوص نازلة حكم غرفة قضاء الأسرة بمحكمة طنجة، اعتبر الخمليشي، أن الحكم لم يأتي بجديد، سوى أن هذه الطفلة من البنوة البيولوجية، لأن القانون لم يمنع صراحة إثبات البنوة الغير الشرعية، حسب ما أكدته المادة 142 من مدونة الأسرة، " البنوة تتحقق بتنسل الولد من أبويه وهي شرعية أو غير شرعية"، لكنه أوضح أن القضاء لا يتناولها لشروط الدعوة المدنية. وتابع قائلا؛ "اذا بقي الأمر في حدود البنوة، فلا أثر لها إطلاقا لأن المجتمع يقول البنوة للأب ملغاة لا يترتب عليها أي أثر، حسب مدلول المادة 148 من مدونة الأسرة،وبالتالي فإن السؤال المطروح هو هل يمكن استغلال الفجوة الموجودة في قانون الحالة المدنية، لإثبات هوية البنوة، ليجيب بأن الراجح هو أن ظابط الحالة المدنية سيرفض. وخلص المتحدث، إلى أن الفقهاء الأقدمون كانوا أحسن منا من حيث مراعاة الأحكام الفقهية، مشيرا في هذا الباب إلى تضمين مصطلح الظهار في مدونة الأسرة، بالرغم من أنه لم يعد موجودا على أرض الواقع، وذلك لأجل أن يبقى المصطلح الإسلامي ولو بدون فائدة، وبالتالي يضيف المتحدث "نحن أمام مشكلة ثقافة وليس شيئا آخر، وما لم تصلح ثقافتنا، لا يمكن أن نتجادل بالعقل، وإنما بالعاطفة، وبالتالي لا نصل إلى نتيجة". من جهتها، قالت الفاعلة الجمعوية، عائشة الخيداني، في مداخلتها خلال نفس الندوة، الخطأ في عدم ايلاء الأهمية الكبرى للتقرير الذي أصدرته اللجنة الأممية لحقوق الطفل، لكن لا تعطى الأولوية للطفل عندما تتعارض مصلحته مع مصلحة الأبوين أو الإدارة أو أي جهة أخرى. وانتقدت الخيداني، عدم التزام المغرب بتطبيق مقتضيات الاتفاقية الدولية المتعلقة بالطفل، وعدم تفعيل ضمانات الإعمال وتجنب إهمالها، مؤكدة أن الدولة مطالبة بتنفيذ واحترام الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية التي وقع عليها بدون تحفظ، من تعدي أطراف أخرى عليها. وشددت المتحدثة على ضرورة، تطبيق المبادئ الفضلى للطفل التي ذهبت إليه اللجنة الأممية لحقوق الطفل، وحين يكون الحرص على تطبيق هذا المبدأ، يجب أن تسير الأحكام أو الإجراءات أو التدابير القضائية، في نفس الاتجاه، من أجل تحقيق العدل والإنصاف.