في إطار الأنشطة الثقافية التي يقوم بها المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بأكادير، نظم هذا الأخير بشراكة مع مكتب الملحقين القضائيين التابع للودادية الحسنية للقضاة و هيئة المحامين بأكادير العيون ندوة علمية حول موضوع: « مدونة الأسرة عشر سنوات من التطبيق: الحصيلة والآفاق «، و ذلك طيلة يوم الجمعة 02 ماي 2014 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا برحاب المركب الاصطيافي لوزارة العدل و الحريات بأكادير. و قد استهلت الجلسة الإفتتاحية بآيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها الكلمة القيمة للسيد رئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بأكادير السيد «عز الدين الخو» أشاد فيها بالحضور الكريم المكثف و شكر المشاركين في العروض، ثم كلمة السيد نقيب هيئة المحامين باكادير العيون السيد عثمان نوراوي أعرب فيها عن سعادته بتنظيم هذه الندوة من خلال استعراضه لحصيلة تطبيق مدونة الأسرة خلال عشر سنوات متسائلا حول مسار الأسرة المغربية, مستعرضا تاريخها الذي امتاز بالتماسك, مؤكدا أن القضايا الأسرية كانت من حيث عرضها على المحاكم قليلة و هو ما أصبح مستفحلا في وقتنا الحالي و أن الانشقاق في الأسرة المغربية كان هو الاستثناء و أن هذا الاستثناء أصبح هو الأصل و أنه بات من الضروري تأهيل الطرفين : الزوج و الزوجة عن طريق الخطبة ، و اختتمت الكلمات الافتتاحية بكلمة السيد رئيس مكتب الملحقين القضائيين التابع للودادية الحسنية للقضاة السيد وليد الطالبي. و قد انقسمت أشغال هذه الندوة إلى جلستين إحداهما صباحية والأخرى مسائية. و ابتدأت أشغال الندوة الصباحية بكلمة السيد إبراهيم بحماني رئيس الغرفة الشرعية بمحكمة النقض الذي أسندت له مهمة رئاسة الجلسة ، والذي نوه باللجنة المنظمة للندوة على حسن التنظيم, كما نوه بالمكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة باكادير على ترحيبه بجميع الحضور ، وأعقب ذلك استحضاره لمجموعة من العمل القضائي لمحكمة النقض فيما يخص الخطبة و الرضا في عقد الزواج و الإذن بالتعدد و إبرام عقود زواج المغاربة بالخارج ودعوى ثبوت الزوجية . ثم تلاه العرض القيم للفقيه الدكتور محمد الكشبور في موضوع تحت عنوان» إثبات النسب في غير حالات الزواج» تطرق فيه إلى مقدمة أساسية تشير إلى القاعدة العامة في النسب القائلة بأن «النسب يثبت بالفراش» ثم تحدث عن شروط النسب ووسائل ثبوته ووسائل نفيه مستعرضا القاعدة الفقهية القائلة بأن» الشرع متشوّف للحوق الأنساب» و أثار في الأخير بعض الملاحظات المتمثلة في أن المشرع نظم الإثبات بالفراش و الإقرار، و أن الإقرار يثبت به النسب ولا تثبت به العلاقة الزوجية، و أن دعوى النسب هي غير دعوى ثبوت الزوجية. وبعد ذلك تناول الكلمة الدكتور أحمد اد الفقيه في موضوع بعنوان «رصد لمواطن الخلل في تنزيل مقتضيات مدونة الأسرة خلال عشر سنوات الأولى» منطلقا من كون المدونة لا تقاس بالمعايير الرقمية وأن لها مرجعيات مبنية على التوافق بين الأعراف والمعايير الدولية، و أن من مميزات قانون الأسرة أنه قانون يعنى بالمراكز القانونية للأشخاص وفي نفس الوقت يزاوج بين النظرة المنصبة على الإنسان و النظرة المتعلقة بالمال ، و أثار بعض الإشكالات المتعلقة ببعض المواد في مدونة الأسرة كالمادة الثالثة التي تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في قضايا الأسرة و رغم ذلك فإنها لا تكون حاضرة في الجلسات إلا بملتمساتها و زواج القاصر والحضور القوي لمؤسسة الصلح، و أن المواد من 78 إلى 88 يلزمها تعديل تشريعي سريع باعتبارها تقوم على أساس الزواج البدعي لا السني. و قد اختتمت أشغال الندوة بموضوع للأستاذ» عبد الصمد شني» ملحق قضائي الفوج39 بعنوان «الإشكالات التي تعترض القضاء بخصوص تطبيق المادة 49 من مدونة الأسرة» مشيرا إلى أن المشرع المغربي نص على تدبير الأموال المشتركة من خلال الأربع فقرات من المادة أعلاه، و هو ما منظم قبلا بالشريعة الإسلامية و مدونة الأحوال الشخصية الملغاة من خلال الفقرة الرابعة من المادة 35 منها، ومؤكدا على ضرورة الرجوع في مسألة الإثبات إلى الفقه المالكي حسب ما نصت عليه مدونة الأسرة و ليس لظهير الالتزامات و العقود. وقد اختتمت الجلسة الصباحية بكلمة السيد رئيس الجلسة أشاد فيها بالعروض القيمة للمشاركين في الندوة. وفي الجلسة المسائية فتحت لائحة المناقشات التي عرفت زخما في عدد المتدخلين، أبانت بحق عن أهمية هذه الندوة العلمية. وقد عرفت الجلستين الصباحية و المسائية زخما من المداخلات والمناقشات من طرف الحاضرين سواء من رجال القانون أو المجتمع المدني أو الطلبة، بينت بحق أهمية موضوع هذه الندوة، و تركزت بالأساس حول تحليل مضمون المادة 156 من مدونة الأسرة و الإشكالات التي صاحبت تطبيق المدونة خلال هذه السنوات ومسطرة الصلح في المادة الأسرية و تزويج القاصرات و ثبوت النسب و انتهاء مدة التمديد والمشاكل المتعلقة بحضانة الأطفال خلال الفترة قبل صدور الطلاق أوالتطليق، إلى غير ذلك من المداخلات التي يصعب حصرها باعتبار كثرة المتدخلين و أن المتدخل الواحد يستعرض مجموعة من الأسئلة والإشكاليات المتعلقة بتطبيق مدونة الأسرة. وقد اختتمت هذه الندوة العلمية بكلمة السيد رئيس الجلستين نوه فيها بالمشاركين على العروض القيمة التي تقدموا بها ، وشكر الحاضرين على مداخلاتهم ومناقشاتهم المتميزة، و ثمن عمل اللجنة المنظمة التي أشرفت على إنجاح هذه التظاهرة العلمية. وبعد ذلك تمت إقامة حفل تكريم الرعيل الأول من القضاة المتقاعدين كشكر لهم على ما أسدوه للقضاء المغربي من خدمات.