لم تصمد مسيرة النقابات، التي دعت إليها بعض المنظمات النقابية التعليمية، أكثر من ساعة من الزمن حتى أعلنت عن نهاية سيرها أمام مقر البرلمان في شارع محمد الخامس في الرباط، صباح اليوم الأحد 5 مارس الجاري. المسيرة الباهتة مرت في جو يطبعه الارتباك، والفوضى، وغياب عنوان جامع يوحد المسيرة، ويخرجها عن شتاتها، فضلا عن ضعف التنسيق بين الفاعلين النقابيين المحتجين، وارتباك الشعارات، وخروجها عن المطالب، التي على أساسها قررت النزول إلى الشارع. ورفض الفرع النقابي للنقابة التعليمية، التابعة لنقابة الاتحاد المغربي للشغل الانخراط في المسيرة، منذ البداية، استجابة لطلب وزير الداخلية، الذي حذر النقابات من النزول إلى الشارع، يوم 19 فبراير، بينما فضل التيار المنشق، الذي يمثله عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم في الاتحاد المغربي للشغل – التوجه الديمقراطي، الانخراط في هذه المسيرة، بعدما استدعى إليها، كما لم يشارك فيها الفرع النقابي في التعليم، وفروع نقابية أخرى تابعة إليه، منها فروع نقابية تنشط في قطاعات الجماعات المحلية، وقطاعات أخرى. واعتبر الادريسي في تصريح ل "اليوم 24″ أن الملفات الكبيرة والشائكة التي دفعتهم للخروج في هذه المسيرة الثانية من نوعها، هي سلسلة الاعفاءات والإقالات التي طالت مجموعة من الأطر التربوية، و"ترسيب" الأساتذة المتدربين. و"إجهاز" الحكومة على هذين الملفين، اللذين يضربان في الصميم مبادئ الديمقراطية، فضلا عن ملفات أخرى كثيرة لا تزال تراوح مكانها في وزارة رشيد بلمختار، كان ملفتا للانتباه. واستغرب المتحدث ذاته لكون وزارة التربية الوطنية لم تتخذ أي رد فعل، تجاه احتجاجات الشارع، سوى قرارات اتخذتها وزارة الداخلية، والقاضية بتعنيف المحتجين، ومصادرة حقهم في الاحتجاج السلمي، كما حدث، أخيرا، مع تعنيف أطر المهندسين في طنجة، وتعنيف الأساتذة المدربين "المرسبين"، في مدينة العرفان في الرباط. وطالب الادريسي بفتح تحقيق من قبل لجنة محايدة في موضوع "ترسيب" الأساتذة المتدربين لمعرفة ما إذا كان الترسيب بسبب "ضعف" الكفاءات، أم أن الترسيب تحكمت فيه أمور أخرى، يقول المتحدث. وحول موقفه من رفض الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنصوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، المشاركة في مسيرة اليوم، قال الادريسي إن هذه النقابة برفضها المشاركة، تكون قد انسجمت مع منطقها، لكونها نقابة محسوبة على العدالة والتنمية، وبما أن هذا الأخير هو الذي يقود الحكومة فإنها تتحمل المسؤولية بطريقة أو بأخرى في كل هذه الملفات، يقول الادريسي.
وأضاف أن نقابته وبعض النقابات الأخرى تحفظت على التنسيق مع النقابة التعليمية التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب التي يرأسها عبد الاله الحلوطي، لكونها مقربة من العدالة والتنمية. وتابع بالقول "هناك ملفات ننسق فيها جميعا، ولكن هناك ملفات يصعب أن ننسق معهم فيها"، منها ملفات ترسيب الاساتذة وإعفاء الأطر التربوية من مهامهم. ومن جانب آخر، كان حضور العدل والإحسان باهتا في مسيرة اليوم 5 مارس، إذ رغم أن قطاعها النقابي ساند المسيرة ودعا أعضاءه إلى الانخراط فيها، إلا أن عددا من أتباع الجماعة لم يتعد بضع عشرات في مسيرة اليوم، في الوقت الذي كان بالالاف في مسيرة 19 فبراير الماضي. وبعدما أقر محمد بنمسعود، مسؤول القطاع النقابي بجماعة العدل والاحسان بهذه المشاركة الضعيفة للجماعة في المسيرة، أوضح، أن قوة نزول الجماعة للاحتجاج تحكمه "سياقات وظروف"، وهي التي تجعل الجماعة تقرر متى تنزل بقوة أو العكس. واستدرك بنمسعود في حديثه ل "اليوم 24" بالقول إن الدولة لا يجب أن تأخذ الدرس فقط بالنزول المكثف للمحتجين بالشارع، مضيفا أن الدول الديمقراطية يجب أن تستجيب لنداء الشارع فقط بنزول بضع عشرات.