بخلاف دورات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي السابقة، أنهى المجلس الدورة الحالية، اليوم الثلاثاء، في جو روتيني، إذ طغى عليها النقاش التقني من أجل منح الضوء الأخضر لتقرير حول برامج التربية غير النظامية. التقرير الذي نال موافقة أعضاء المجلس، بعد ما تم إدخال بعض التعديلات الروتينية عليه من قبل لجنة خاصة تشكلت لهذا الغرض من داخل المجلس، جاء من أجل معالجة إشكالية الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و15 سنة، والذين يتعذر عليهم متابعة الدراسة أو يفشلون في الاستمرار، الأمر الذي دفع الدولة إلى التفكير في ايجاد حل لمعضلة الهدر المدرسي باللجوء إلى حل "التربية غير النظامية".
واعتبر تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أن البرامج التي واكبتها الدولة منذ عقود لمحاربة الفشل الدراسي والهدر المدرسي، كذل معالجة الأسباب التي تمنع الأطفال من الولوج إلى المدرسة من الأصل، من خلال برامج التربية غير النظامية، كلها آلت إلى الفشل.
وقال التقرير، إن "هذه البرامج تتسم بضعف المردودية الداخلية والخارجية، وأضحت تتحول بالتدريج إلى قطاع مواز للمدرسة النظامية، يتسع ويحقق تضخما مُطَّردا، وينتقل على نحو تصاعدي، من موقع برامج مؤقتة استدراكية إلى شبه منظومة قائمة على هامش المدرسة النظامية".
ويقدم المجلس من خلال توجهات تروم "تحقيق نفَس أقوى وأكثر نجاعة لاستيفاء مهام التربية غير النظامية في أفق سنة 2025".
ودعا التقرير الذي يرتقب أن تتم صياغته في شكل توصيات قريباً، من طرف لجنة تم تشكيلها من داخل دورة المجلس اليوم، إلى ضرورة التعاطي مع برامج التربية غير النظامية باعتبارها ذات مهمة استثنائية ومؤقتة ومحدودة في الزمن، تعالج اختلالاً راكمته المدرسة النظامية منذ عدة سنوات، تتعلق بحالات عدم التمدرس، والهدر والانقطاع عن الدراسة.
ويرى مجلس عزيمان أنه لبلوغ أهداف القضاء على الهدر والفشل المدرسي التركزي على سبعة مداخل، وتتمثل في إدراج البرامج التربية غير النظامية ضمن المهام الأساسية للمدرسة النظامية، وتجديد الأهداف ومقاربة الاستهداف عبر إنجاز إحصاء شامل للطفلات والأطفال المعنيين الموجودين خارج المدرسة، وتمكين تلميذات وتلاميذ التربية غير النظامية من الاستفادة من نفس مقومات النموذج البيداغوجي المتضمَّن في الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، وتطوير نظام التقييم البيداغوجي والامتحانات.
كما يوصي المجلس باعتماد نماذج جديدة من الشراكة التعاقدية مع الجمعيات والمؤسسات العاملة في برامج التربية غير النظامية، مع ضرورة الانخراط الفعلي للجماعات الترابية في هذا المشروع، والشراكة مع مؤسسات التعليم والتكوين الخاصَّين، والشراكة التعاقدية مع النسيج الاقتصادي وتمثيلياته المهنية والاجتماعية، لإشراك المقاولات في تكوين اليافعين ذوي التوجيه المهني من بين تلاميذ التربية غير النظامية، قصد الإسهام، عبر التدريب الميداني، في إعدادهم للحياة المهنية.
ويدعو المجلس ذاته إلى الرفع من التمويل وتنويع مصادره، وإرساء نظام للتتبع اليقظ والتقييم المنتظم لهذا البرنامج.