حكم قضائي مثير أصدرته، مؤخرا، استئنافية مراكش، قضى ببراءة شخص متهم باغتصاب قاصر، بعد أن كانت المحكمة نفسها أدانته، قبل ذلك وفي الملف عينه، بسنتين سجنا نافذا، قبل أن يقوم بالطعن بالنقض في الحكم المذكور أمام محكمة النقض بالرباط، التي قضت بإبطال القرار المطعون فيه، وإحالة النازلة على الاستئنافية نفسها من أجل البت فيها من جديد طبقا للقانون، على أن تُعرض على هيئة حكم أخرى، لتصدر قرارا بتبرئة المتهم المدان سابقا من تهمتي "التغرير بقاصر وهتك عرضه". فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش دخل على خط القضية، مصدرا بيانا شديد اللهجة أدان فيه الحكم الصادر في حق المتهم "محمد .ه"، معتبرا إيّاه "يشجع على الإفلات من العقاب في جرائم اغتصاب القاصرين"، مطالبا وزارة العدل والحريّات بفتح تحقيق في حيثيات القرار الصادر عن استئنافية مراكش، وداعيا إيّاها إلى إعادة محاكمة المتهم، الذي أكد بيان الجمعية بأنه كان يتابع، في حالة سراح، في قضية أخرى مماثلة تتعلق بالتغرير بطفلة وهتك عرضها بطريقة شاذة، وهو الملف الذي قالت الجمعية بأن المتهم أدين فيه من طرف المحكمة نفسها بحكم مخفف لم يتجاوز ستة أشهر. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان طالبت بتعميق البحث والتحري والتحقيق في الحكمين القضائيين الصادرين في الملفين المذكورين، مشددة على ضرورة احترام وتطبيق القانون وإعمال القواعد الدستورية والحقوقية، ومراعاة المساواة بين كافة المواطنين أمام القانون. وحمّلت الجمعية القضاء مسؤولية ما اعتبرته "إخفاقا بيّنا في ردع ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال واغتصاب القاصرين والقاصرات بأحكامه المخففة"، مطالبة بإعادة فتح جميع ملفات الاغتصاب والشكايات المقدمة ضد المتهم المذكور بما يلزم الأمر من الشفافية والنزاهة والمساواة أمام القانون، بعيدا عن أية مساومة أو محاباة، والكشف عن أية ممارسات مفترضة مخلة بالقانون في الملفين المشار إليهما في البيان، مع الحرص على كشف الحقيقة كاملة في الشكايات الموضوعة ضده، والدفع بالتحقيقات إلى أبعد الحدود، حرصا على قواعد العدل والإنصاف وجبر الضرر بالنسبة للضحايا والمجتمع معا. هذا، ويتابع أمام استئنافية مراكش شخصان آخران، في حالة اعتقال، بتهمة "البيدوفيليا"، أحدهما انتهى التحقيق في ملفه، ومن المقرّر أن يُحال على المحاكمة أمام غرفة الجنايات الابتدائية، في الوقت الذي من المنتظر أن يعرض فيه المتهم الآخر على جلسة الاستنطاق التفصيلي، أمام قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها، خلال الأسابيع القليلة القادمة. كما سبق لغرفة الجنايات الابتدائية أن أدانت بقالا بمقاطعة النخيل، بسنتين سجنا نافذا، بعد أن تابعته، في حالة اعتقال، بتهمة "هتك عرض قاصر"، كما قضت ضده بتعويض قدره 10 آلاف درهم لفائدة أسرة الضحية. في غضون ذلك، يندد حقوقيون بما يعتبرونه "تواترا لحالات اغتصاب القاصرين واستدراجهم من أجل استغلالهم جنسيا بالمدينة وضواحيها"، داعين إلى مواجهة الظاهرة بما يتطلبه ذلك من توفير الحماية القانونية اللازمة للأطفال، ومتابعة نفسية واجتماعية للأطفال الضحايا، فضلا عن التحسيس بمخاطر الاستغلال الجنسي للقاصرين، عبر التربية على حقوق الإنسان. وتطالب الهيئات الحقوقية بتشديد العقوبات في حق كل من ثبتت في حقه تهم تتعلق بالاستغلال الجنسي للقاصرين واغتصابهم و التحرش بهم، على اعتبار أن استغلال الأطفال جنسيا يعد انتهاكا لحقوق الانسان طبقا للمادة 34 من اتفاقية حقوق الطفل.