وصل الصراع بين السلطات المغربية وجماعة العدل والإحسان إلى القصر الملكي الإسباني، في مدريد، بعد توجيه جمعية إسلامية، يقودها مغاربة في إسبانيا، اتهامات إلى الحكومة، والقصر الإسبانيين، بالانحياز إلى بعض الهيآت الإسلامية، التابعة إليها. وتتهم السلطات الإسبانية منتقديها المغاربة بالتبعية إلى العدل والإحسان، التي تتبنى "فكرا متشددا، ولا تعترف بالنظام الملكي المغربي، وبالملك محمد السادس أميرا للمؤمنين". وأماط تحقيق لصحيفة "إلكوفيدينثثيال"، تناقلته مجموعة من وسائل الإعلام الأوربية، اللثام عن الصراع، الذي أثار جدلا كبيرا في إسبانيا، منذ الخميس الماضي، بعد أن استقبل الملك فيلبي السادس مجلس إدارة اللجنة الإسلامية في إسبانيا، برئاسة السوري رياض تاتاري، لمناقشة وضع المسلمين في إسبانيا، والعالم. وفي المقابل، "أقصت" الفيدرالية الإسبانية الهيآت الدينية الإسلامية بقيادة المغربي منير بنجلون، وهو ما أثار غضب مجموعة من الجمعيات الإسلامية، التي يهيمن عليها المغاربة. أعرب منير بنجلون عن غضبه من إقدام القصر الإسباني على "عقد اجتماع رفيع" دون استدعاء جميع الأطرف، التي تمثل المسلمين، وأشار إلى أن الذين استدعاهم الملك فيلبي "لا يمثلون الصوت المسلم". وأضاف بنجلون: "لم نكن متأكدين من أن هذا الاجتماع سيعقد. نحن غاضبون، ولن نسمح بخيانة الرأي العام، لأن هذا الاجتماع لا يعبر عن صوت كل المسلمين". وقال بنجلون إن في إسبانيا 14 فيدرالية إسلامية، فيما تمثل الفيدرالية الإسبانية للهيآت الدينية الإسلامية، التي يتزعمها 400 مسجد في الجزيرة الأيبيرية، وسبتة، ومليلية المحتلتين، وجزر الكناري، متسائلا عن سبب "تغييبها". التحقيق أرجع سبب إقصاء فصيل المغربي بنجلون، ابن مدينة الدارالبيضاء، إلى كون "وزارة العدل الإسبانية تربط الفيدرالية، التي يقودها بنجلون بجماعة العدل والإحسان، وهي تيار محافظ، وملاحق في المغرب لأنه يتحدى السلطة السياسية، والدينية للملك محمد السادس". بنجلون أكد لصحيفة "إلكوفيدينثثيال" أنه "لا تربطه أي علاقة عضوية مع جماعة العدل والإحسان"، غير أنه اعترف بأنه "يتقاسم معها مجموعة من الأفكار، التي تدافع عنها". واتهم بنجلون السوري، رياضي تاتاري، بكونه صنيعة الحكومة الإسبانية، والنظام المغربي، وينفذ سياستهما، فيما يصف التحقيق رياض تتاري بأنه "فصيل معتدل يحتفظ بعلاقات جيدة مع السلطات المغربية، والإسبانية". حسن بناحج، عضو الأمانة العامة لجماعة العدل والإحسان، نفى، في اتصال مع "أخبار اليوم"، كل الاتهامات الموجهة إلى الجماعة في إسبانيا، وأشار إلى أنه لا تربطه أي علاقة بالفيدرالية الإسبانية للهيآت الدينية الإسلامية بقيادة المغربي منير بنجلون لا من قريب ولا من بعيد، وأن الجماعة مغربية، ولا امتداد لها في الخارج، غير أنه اعترف بوجود جمعيات مسلمة في إسبانيا قد تتقاسم معها بعض الأفكار التربوية فقط، ولا وجود لأي علاقة تنظيمية. الجمعيات الإسلامية المقربة من المغربي بنجلون أكدت أنها ستراسل الملك فيليبي بهدف تحذيره من أن مجلس إدارة اللجنة الإسلامية بإسبانيا "فاقد للشرعية" التي تعطيه حق الحديث باسم 1.8 مليون مسلم. كما اتهمت رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي بتفضيل جمعيات على أخرى، والتدخل في الشؤون الداخلية للجمعيات الإسلامية. وأشار التحقيق إلى أن الصراع بين بنجلون، وتاتاري، هو في الحقيقة صراع بين جماعة العدل والإحسان، والسلطات المغربية، والإسبانية للحد من هيمنتها على الجالية المغربية في إسبانيا، موضحا أن أصل الحرب كانت قائمة منذ سنوات، لكنها اشتدت سنة 2015 بعد أن أطاح رياض تتاري بمنير بنجلون من قيادة اللجنة الإسلامية، التي كان يقودها ما بين عامي 2012 و2015، إذ اعتبر بنجلون أن السلطات الإسبانية دعمت تاتاري للوصول إلى رئاسة اللجنة لخدمة مصالحها على حساب مسلمي إسبانيا. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الإسلامية في إسبانيا تضم نحو 14 فيدرالية، لكن هناك فيدراليتين بارزتين تسيطران عليها، وهما الفيدرالية الإسبانية للهيآت الدينية الإسلامية بقيادة المغربي منير بنجلون، وفيدرالية الجاليات الإسلامية في إسبانيا بزعامة السوري تاتاري رياض، وهما اللتان دوما يتناوبان على رئاسة اللجنة الإسلامية. ويذكر أن الفيدرالية، التي يترأس بنجلون، تبقى الأكثر قوة، باعتبار أن المغاربة يشكلون 50 في المائة تقريبا من الجالية المسلمة في إسبانيا.