ليس من السهل أن تغوص في "عالم" الحشيش، وتبحث في تفاصيل عملية إنتاج "الطبيسلة"، بالنظر إلى حساسية الموضوع من جهة، وما يمكن أن ينتج عنه من مضايقات من جهة ثانية، على اعتبار أن عنصر الثقة منعدم بين جل الفاعلين في سلسلة إنتاج هذا النوع من المخدرات، ويبقى شعار "ما شاف ما رى" موجهاً أساسياَ ل"البزناسة" في منطقة الشمال. ولأن في التفاصيل يوجد المعنى، ينقل "اليوم24" أسرار "الطبيسلة"، ومراحل إنتاجها؛ والمعطيات المثيرة، التي كشفها متخصصون في عملية تحويل "الكيف" إلى مادة معجونة. "الطبيسلة".. الحشيش الممتاز ! يرتبط مفهوم "الطبيسلة" بالأداة الرئيسية في عملية إنتاج الحشيش، وهو "الطبسيل" تلك الآنية القصديرية، أو المعدنية الكبيرة، يستخدمها المزارعون لاستخراج الحشيش أثناء عملية التحويل، حيث يشترط فيه أن يكون مقعرا، وقادرا على احتواء "الغبرة"، التي تستخلص من الكيف المجفف. وتعني "الطبيسلة" في المعنى المتداول بين أهل "الحرفة"، ذاك النوع الجيد من الحشيش، الذي يستخلص من عملية التحويل الأولى، بعد تثبيت الثوب الرقيق فوق الآنية القصديرية. وقال "جواد.ر"، شاب من منطقة ضواحي جبال تاونات، سبق له الاشتغال في استخراج مخدر الحشيش، خلال حديثه مع "اليوم 24": إن "الطبيسلة تعني السوبير أو النوع الممتاز في الحشيش"، وأضاف:" الحشيش درجات تبدأ ب"السوبير"، وتنتهي إلى "الديشي"، وهو النوع الرخيص، الذي يصل سعره إلى 2 دراهم للغرام". المرحلة الأولى.. تجفيف المحصول مراحل طويلة تتطلبها عملية تحويل مادة "الكيف" إلى مخدر الحشيش، وتبدأ بحصد محصول السنة، ووضعه فوق سطوح المنازل لتجفيفه، قبل أن يخزن في البيوت، في انتظار شهر نونبر، حيث تبدأ عملية استخلاص الحشيش من المادة الخام "الكيف المجفف". وتحدث "م.ب"، أحد العارفين بخبايا عملية إنتاج الحشيش في منطقة كتامة، وأوضح كيف ينضبط المزارع لطقوس خاصة، يفرضها المكان والزمان؛ مكان العمل وزمان التحويل، على اعتبار أنه "في شهر نونبر تظهر في الأسواق الأنية المعدنية، ويظهر معها الثوب الرقيق، وهي أدوات رئيسية في عملية التحويل". وأضاف المتحدث نفسه، في تصريح ل"اليوم24″، أن "المزارعين في منطقة الشمال يشتغلون كثيرا، خلال فصل الصيف، وذلك لحماية المحصول، قبل حصده، وتجفيفه فوق السطوح". وأكد المصدر نفسه أن من المزارعين من يعمد إلى تجفيفه خارج البيت، تجنبا لمضايقات محتملة من طرف رجال الدرك، خصوصا بالنسبة إلى المناطق، والقرى الحديثة العهد بزراعة "الكيف". المرحلة الثانية.. تجهيز أدوات العمل خلال نهاية موسم الصيف، وبالضبط مع بداية فصل الخريف، تظهر في بعض الأسواق بمنطقة الشمال، خصوصاً كتامة، وتاونات، ووزان، والعرائش.. أداوات خاصة تستعمل في عملية صناعة الحشيش، وهي عبارة عن أنية قصديرية كبيرة، وأنواع من الثوب الرقيق، يطلبها المزارعون لبدأ عملية التحويل. وقال "ع.ك"، شاب سبق له أن اشتغل في إنتاج "الحشيشة": إن "النوع الجيد يفرض وضع 8 قطع من الثوب الرقيق فوق الأنية القصديرية، ثم توضع "العشبة" وفوقها قطعة من البلاستيك "ميكا" تحزم الآنية من أطرافها، وذلك تجنبا لتطاير "الغبرة" خارج الآنية المعدنية أو القصديرية". ويضيف المتحدث نفسه أن العامل يشرع في الضرب فوق "الميكا"، لمدة قد تتجاوز 10 دقائق، وكأن الأمر يتعلق بالضرب على "الباطري"، الذي يستعمله الموسيقيون، قبل أن يزيل الغطاء الفوقي "الميكا"، ويضع بقايا "العشبة" في ركن البيت، ثم يضع كمية أخرى من "العشبة" في المكان نفسه، ويشرع مرة أخرى في الضرب، حيث تتكرر العملية مرات، ومرات.. طبعا حسب كمية المحصول، الذي تمكن المزارع من جمعها. وفي ختام العملية، تأتي مرحلة جمع "الغبرة"، ووضعها في "سلوفان" لتتحول إلى مادة معجونة، يعتبرها أصحاب الحرفة "السوبير"، أو النوع الجيد، المستخلص عبر 8 أثواب موضوعة بطريقة أفقية. الإنتاج وإعادة الإنتاج.. بمجرد ما ينتهي المزارع من عملية التحويل الأولى، والتي يراهن عليها كثيرا لربح مبالغ مالية كبيرة، على اعتبار أن "السوبير" يعادل سعره 10 دراهم للغرام الواحد، أي ما يناهز 10 آلاف درهم للكيلوغرام، ينتقل إلى مرحلة تحويل ثانية، لكن بعد مرور مدة من الزمن، وغالبا ما تتراوح المدة بين شهر وشهر ونصف، حيث يتم الانتقال من "السوبير" إلى "المتوسطة"، وهو نوع من الحشيش يستخرج من 4 أو 6 أثواب فقط، وغالبا ما يصل سعر الغرام الواحد إلى 5 أو 6 دراهم، وهكذا يتم الانتقال إلى عملية تحويل ثالثة، والغريب في الأمر، يؤكد واحد من المتحدثين للموقع، أن كل الأنواع تستخرج من "العشبة" المجففة ذاتها. عشبة "خردالا".. السؤال، الذي يقلق المزارعين في مناطق زراعة "الكيف"، يرتبط بنوع النبتة، التي تمكن من تحصيل أكبر كمية من الحشيش، حيث يرى عدد كبير أن نبتة "خردالا" تأتي في المرتبة الأولى، على اعتبار أن قنطار واحد من "كيف" خردالا يسمح باستخلاص ما يزيد عن كيلوغرام من الحشيش، ويوفر هامش ربح، يتجاوز 10 آلاف درهم، في حين توفر باقي الأنواع التقليدية ربحا لا يتعدى 7 آلاف إلى 8 آلاف درهم، الشيء الذي يدفع المزارعين إلى الإقبال على "الخردالا".