خزينة المملكة: فائض في الميزانية يصل إلى 26,6 مليار درهم        نادي أولمبيك مارسيليا يكرم الراحل برادة        المغرب يدعو إلى احترام سيادة لبنان ووحدته الترابية    المغرب يسجل إصابة جديدة ب"كوفيد-19"    مستثمرون سعوديون يحصلون على تصاريح لاستخراج النحاس والذهب بالمغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الوكيل العام يرفض استدعاء "أحمد أحمد" لتبرير اقتناء الناصري "فيلا كاليفورنيا"    الأميرة لالة حسناء تترأس حفل "فاشن تراست أرابيا" العربية    طنجة المتوسط.. توقيف مهاجر مغربي ببلجيكا حاول تهريب 209 ألف قرص إكستازي    مديرية الأرصاد تحذر من امطار رعدية قوية بعدد من أقاليم المملكة    خطاب ماكرون أمام البرلمان المغربي.. التفاتة ملكية تعكس العلاقات المتميزة بين البلدين    إعلان الميزانية المخصصة لتوسيع سعة مطار الحسيمة ومطارات أخرى في المملكة    الغافولي يعيد إصدار "المعفر" بتوزيع جديد        المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.. قائمة المشاريع والأفلام المختارة في ورشات الأطلس    عدد زبناء "اتصالات المغرب" يتجاوز 79 مليون زبون    كندا تقرر تخفيض عدد المهاجرين القادمين إليها اعتبارا من العام المقبل    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة بهبات رياح اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    الملك يهنئ رئيس جمهورية كازاخستان    بورصة البيضاء تفتتح التداولات ب "ارتفاع"    هل ينجح الميداوي في إيجاد الحلقة المفقودة التي ضيعها الميراوي في ملف أزمة طلبة الطب؟    "سان جرمان" يرفض دفع مستحقات مبابي    "أمو تضامن".. تحويل 15,51 مليار درهم من طرف الدولة إلى الضمان الاجتماعي    لا بَيْتَ في الدَّارْ!    المغرب في المرتبة 92 عالميا في مؤشر سيادة القانون لعام 2024    استشهاد ثلاثة صحافيين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    سبع ترشيحات مغربية ضمن القوائم الأولية لجوائز "الكاف 2024"    زياد فكري.. قصة بطل انطلق من أكاديمية محمد السادس إلى الولايات المتحدة الأمريكية    مهنيو أرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب في وفقة احتجاجية جديدة على قرارات CNSS    لامين يامال يرد على مشجع لريال مدريد سخر من أدائه أمام بايرن    جورجينا رودريغيز تستعيد عافيتها بعد تغلبها على أزمة صحية خطيرة    إعادة انتخاب المغرب عن جدارة ضمن اللجنة الفرعية لمنع التعذيب بجنيف    بايتاس يستعرض استراتيجية الحكومة لضبط أثمان اللحوم الحمراء        الصورة والأسطورة في مواجهة الموت    ماسك يتبرع بملايين الدولارات الإضافية لحملة ترامب في أكتوبر    كيوسك الجمعة | المغاربة أجروا 164 مليون عملية أداء بواسطة البطاقات البنكية    العمال الكردستاني يتبنى "هجوم أنقرة"    الجيش الإسرائيلي يٌعلن مقتل 5 من جنوده في جنوب لبنان.. وحصيلة خسائره ترتفع إلى 890 قتيلا وأكثر من 12 ألف مصابا    حفل عشاء بمناسبة "فاشن تراست أرابيا"    مقتل 3 صحافيين في جنوب شرق لبنان    التهمت ميزانية ضخمة من المال العام.. فشل ذريع لأسواق القرب بمدينة الجديدة    الموثقون الموريتانيون يطلبون الاستفادة من الخبرة المغربية في مجال الرقمنة    ندوة علمية تقارب "الفلسفة الوسيطية"    مغاربة الإمارات يحتفون ب"أبطال القراءة"    لا أريد جوائز    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب تصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    مصطفى الفن يكتب: هكذا تصبح وزيرا بوصفة سهلة جدا    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمسار العقارات يدخل سوق السياسة
نشر في اليوم 24 يوم 23 - 01 - 2017

كإمبراطور مزهو بالنصر، أطل دونالد ترامب على حشد كبير من أنصاره من منصة الكابتول أول أمس، حيث أدى القسم أمام 750 ألفا من المدعوين إلى حفل تسلم مفاتيح البيت الأبيض من الرئيس ال44 إلى الرئيس ال45. هذه هي أمريكا، حيث حضر حفل تنصيب الشعبوي رقم واحد في العالم خمسة رؤساء مازالوا على قيد الحياة: الرئيس أوباما، والرئيس جورج بوش، والرئيس كلينتون، والرئيس جورج بوش الأب، والرئيس جيمي كارتر… هذا المشهد لا يحلم به الكثيرون حول العالم، ومنهم العرب.
أمريكا بلد كبير، وقوة عظمى موجودة ومؤثرة في كل العالم، أساطيلها في جميع البحور والمحيطات، وأقمارها الصناعية في كل السماوات، وثقافتها في كل المجتمعات. تكنولوجيتها في كل بيت، وشركاتها العملاقة بلا حدود. إنها دولة كبيرة ومشكلة كبيرة… لهذا، تابع العالم كله تنصيب تاجر العقارات، دونالد ترامب، رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية.. الرئيس الذي خرق كل القواعد والتقاليد والأعراف، وأولاها قاعدة الخبرة السياسية، وثانيتها الاعتماد على الحزب، وثالثتها التودد للإعلام، ورابعتها مراقبة اللسان قبل خروج سهامه، وخامستها ضمان استمرارية التوجهات الاستراتيجية للدولة.
دونالد ترامب سمسار عقارات جمع أكثر من خمسة ملايير دولار، لكنه لم يتقلد مهمة سياسية واحدة ولا منصبا إداريا، ولا تمثيلية شعبية قبل ترشحه للانتخابات الأخيرة. كل معرفته بالعالم تنحصر في البيع والشراء، وإقامة حفل لاختيار أجمل نساء الكون، والمشاركة في برامج تلفزيون الواقع. ترامب، وقبل أن يكسر الحزب الديمقراطي، هشَّم حزب الجمهوريين الذي تقدم باسمه للانتخابات، ورغم معارضة أقطاب الحزب له ولرعونته، فإنه فاز في الانتخابات دون دعم من المؤسسة الحزبية التي رجعت إليه خاضعة بعد انتصاره على كلينتون. ترامب يكره الصحافة والإعلام، ويعتبر السلطة الرابعة أسوأ ما خلق الله في هذا الكون. وفي المقابل، يعتمد دونالد على التواصل المباشر مع الرأي العام عبر حسابه في التويتر، الذي يضم 20 مليون متابع، وخطبه المباشرة في التجمعات. أول حوار أعطاه ترامب لوسائل الإعلام التقليدية كان لصحيفة إنجليزية. ترامب لا يدير الكلام في فمه قبل إلقائه إلى الجمهور.. عفوي إلى درجة التقزز، يتحدث في موضوعات حساسة كما يتحدث رجل الشارع في الحانة مع أصدقائه. مرة قال عن منافسته كلينتون: « Comment peut-elle satisfaire son pays si elle ne satisfait pas son mari ? »
ترامب وافد جديد من خارج المؤسسة، جاء ليزيل كل شيء وضعته نخبة واشنطن فوق طاولة البيت الأبيض، بما في ذلك التوجهات الاستراتيجية للأمن القومي. يرى أن روسيا ليست عدوا، وأن علاقات ودية ممكنة مع بوتن. يدعو إلى تمزيق الاتفاقية النووية مع إيران التي استغرقت كتابتها سنوات طويلة، ويتجه إلى محاصرة الصين تجاريا، واستفزازها في المناطق الحساسة من أراضيها، وكل هذا تحت شعار أمريكا أولا ومصالحها فوق كل اعتبار.
الطريق لن تكون سهلة أمام تاجر العقارات الذي اعتاد الصفقات المربحة. أول أمس خرج الملايين للتظاهر ضد برنامجه وضد تصريحاته وضد شعبويته وضد حماقاته، وهذه أول مرة يخرج الشارع الأمريكي للتظاهر في يوم تنصيب الرئيس الجديد، حيث يسود إحساس بأن ترامب لا يمثل كل الأمريكيين، وأنه غير قادر على علاج الجروح التي أصابت البلاد عقب حملة انتخابية صاخبة، لم توفر أي سلاح لم تستعمله… لهذا، يعتقد الكثيرون أن ترامب لن يكمل ولايته إذا لم يراجع قناعاته وطرق اشتغاله، وأن المؤسسة الأمريكية لن تستسلم له بسهولة.
كان وجه ميشيل أوباما العابس في حفل التنصيب صورة معبرة عن خيبة أمل أمريكا الأخرى التي تعارض ترامب، وتنتظر منه الأسوأ، لكن المحللين يَرَوْن في ترامب تعبيرا عن مرض أمريكا، ومرض الرجل الأبيض الذي لم يستطع أن يتكيف مع واقع العولمة، وضريبة السوق المفتوحة، وتداعيات الأزمة الاقتصادية، فراح يبحث عن حل سهل للمشاكل، فسقط في يد ساحر يزعم أنه قادر على إخراج البلاد من أزمتها، وأن قبعته السوداء فيها كل ما يطلب المشاهدون.
لسنوات، ظل الغرب ينتقد المجتمعات العربية، والشرقية عموما، ويشنع على نمو الانغلاق والتطرف والكراهية فيها، وميلها إلى الأصولية والقومية والشعبوية، ولم ينتبه إلى أن مجتمعاته هي أيضا معرضة للأمراض نفسها، رغم تطورها وتقدمها وحداثتها. هذا ما حصل، حتى صار الخوف برنامجا انتخابيا، وكراهية المهاجرين إيديولوجيا سياسية، ومعاداة الإسلام مذهبا فكريا، والانعزالية هروبا من الواقع.
قال ترامب، ذات مرة، في الحملة الانتخابية: "يمكنني أن أقف في وسط شارع فيفث أفينيو في مانهاتن، وأطلق النار على شخص ما، ولن أفقد أصوات الناخبين". سنرى هل تصدق نبوءة السمسار، أم إن الرصاص الذي يهدد بإطلاقه يمكن أن يؤذيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.