في الحفل الذي نظمه «مركز مدى» بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء صباح أمس، لتكريم وتتويج الرئيس التونسي شخصية مغاربية خلال 2013، طرحت فكرة الاندماج المغاربي من جديد، باعتبارها المصير المحتوم، سواء للفاعلين السياسيين أو الشعوب المغاربية. إذ انتقد الحبيب الشوباني النزعة القطرية، بينما أكد مدير الرئاسة التونسية أن تأخر الاندماج يفقد الدول المغاربية 2 في المئة من نسب نموها. في حفل تكريم الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي باعتباره شخصية مغاربية خلال سنة 2013، طغت فكرة الاندماج المغاربية على مداخلات المشاركين. إذ اعتبرت شرطا ضروريا وأساسيا لإقلاع دول المنطقة المغاربية. ففي هذا السياق، قال الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، إنه ينبغي أن تشاع فكرة الاندماج المغاربي على جميع الأصعدة حتى لا تبقى رهينة الفاعل السياسي وحده. كما أكد الشوباني، الذي اعتبر لحظة تكريم المرزوقي في كلية الآداب بنمسيك لحظة مغاربية، أن المجتمع المدني ينبغي أن يؤثر في الفاعل السياسي حتى تتملك جميع أطراف المجتمع الفكرة، موضحا أن شعوب المنطقة أصبحت اليوم، تملك كل شروط هذه الفكرة. واعتبر أيضا أن الفكرة المغاربية جوابا عن مصير هذه الشعوب، واصفا التشبث بالنزعة القطرية بكونها متخلفة. وأضاف قائلا إن الفكرة المغاربية يجب أن تطغى على جميع الطروحات القطرية، معتبرا أن الحقوق الخمسة التي طرحها المنصف المرزوقي تمثل الجيل الأول من الحقوق المغاربية. من جهة أخرى، وصف الشوباني اعتماد الدستور في تونس بمثابة «إنجاز ثوري ثان» ينضاف إلى ثورة الياسمين، قائلا إن الدستور التونسي الجديد سيكون عالي الأثر في تونس ومحيطها. كما قال إنه سيمثل قدرة تنافسية عالية في تحقيق الديمقراطية، مشيرا إلى أن أبعاده الفلسفية والقانونية سترد على كل الطروحات التي اعتبرت الشعوب المغاربية متوحشة، وعلى كل الطروحات التي تُروّج مقولة «الخريف العربي»، بدل «الربيع العربي». كما وصف الرئيس التونسي ب»صاحب مقومات العبقرية» التي تصنع التاريخ. بدوره، أكد عدنان منصر، مدير الديوان الرئاسي في تونس والمستشار والناطق الرسمي باسم الجمهورية، أن الاتحاد المغاربي يخسر 2 في المئة من نسبة النمو بسبب تأخر الاندماج المغاربي. كما أشار إلى أن هذا الاتحاد يمكنه أن يقطع أشواطا كبيرة في الاندماج بفضل فكرة اندماج شعوبه ومختلف مؤسساته، موضحا أن القاسم المشترك في هذه المنطقة، التي تعيش اليوم التحولات ذاتها، يكمن في الرغبة في تأسيس مجتمع عصري تؤطره الديمقراطية. ومن جهة أخرى، حذر عدنان، الذي ناب عن المرزوقي في تسلم جائزة شخصية السنة، من عودة الاستبداد، الذي يشكل أكبر عائق أمام الاندماج، بحسب تعبيره. كما قال إنه مع تحقق السلوك الديمقراطي، سيصبح الاندماج فكرة حتمية. وفي سياق حديثه عن التجربة الإسلامية في تونس، قال عدنان إن حزب النهضة حقق للحريات ما لم يحققه أي حزب علماني من قبل. لكنه وصف تجربة الاستفتاء على الدستور المصري ب»المزحة الدستورية» و»المسخرة الديمقراطية»، في إشارة إلى أن زمن التصويت بنسب 99 في المئة عاد من جديد إلى أرض الكنانة. ومن جانبه، قال الباحث مختار بنعبدلاوي، رئيس مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية (مدى) وصاحب مبادرة تكريم المنصف المرزوقي، إنه لا يمكن النظر إلى «القضية المغاربية» باعتبارها تقتصر على الفاعل السياسي، بل باعتبار أن المجتمع هو صاحب المصلحة فيها، موضحا أن هذا الأخير ينظر إلى المنطقة المغاربية باعتبارها فرصة للتنمية والديمقراطية، مركزا في الآن ذاته على الحقوق الخمسة التي أشار إليها المرزوقي (التنقل، التملك، الإقامة، الاستثمار، والمشاركة في الانتخابات البلدية). كما ذكر، هو الآخر، بمقولة المرزوقي الذي قال إن كل تأخر في إنجاز هذه الفكرة يعتبر رجوعا إلى الوراء.