لم تجف دموع والدي "التوائم الأربعة" بسبب الفاجعة التي ألمت بهما، جراء وفاة اثنين من التوائم، مساء السبت الماضي وهما على متن سيارة الإسعاف في طريقهما بين مستشفيي القصر الكبيروالعرائش، حتى لفظ التوأمان الآخران أنفاسهما بمستشفى سانية الرمل بتطوان، بعد ساعات عن وفاة شقيقيهما، حيث تعيش الأسرة المكلومة مأساة حقيقية، بعدما صدمت بواقع لا يرحم بثلاث مستشفيات عمومية، اضطرت إلى التنقل بينها في محاولة لإنقاذ التوائم الأربعة. عبد السلام الهيش، والد التوائم الأربعة الذين قضوا حتفهم تباعا، يحكي ل"اليوم 24" كيف عاش كابوسا حقيقا لا زالت أحداثه المأساوية تخيم على مخيلته، وهو يلج ثلاث مستشفيات ويستعطف أصحاب الوزرة البيضاء لإنقاذ أبنائه، في رحلة انطلقت في البداية من مستشفى القصر الكبير، بعدما ولجته زوجته "حنان قريطس"، ظهر السبت الماضي، لتضع به ثلاث توائم، بعدما كانت قد وضعت التوأم الأول بمنزلها بالمدينة، ليعجز الطاقم الطبي عن إنعاش التوائم الأربعة، لانعدام أبسط التجهيزات الطبية هناك، لتنطلق الرحلة في اتجاه المستشفى الاقليمي بالعرائش، حيث تم وضع التوائم في سيارة إسعاف وصفها "الهيش" في حديثه ل"اليوم 24" ب"الكروسة"، لأنها كانت تتمايل وهي تخترق الطريق، لتصل في الأخير إلى بوابة مستشفى العرائش، حيث الأب كان مفعما بالأمل في أن يتم إنعاش فلذات كبده، ليفاجأ بموظفين وهم يمنعون سيارة الإسعاف من الدخول إلى ساحة المستشفى، بدعوى أن هذا الأخير لا يتوفر على حضانات المواليد "الخدج"، وعلى باقي التجهيزات الضرورية لمثل هذه الحالات الاستثنائية، لتحتج عن الوضع سيدة كانت ترافقه في رحلته، لتحضر طبيبة، حيث عمدت إلى الكشف عن التوائم الأربعة داخل سيارة الإسعاف وببوابة المستشفى، لينزل الخبر كالصاعقة على الأب، عندما أخبرته بوفاة التوأمين الذكرين في الطريق. الصاعقة أججت غضب الأب، حيث شرع في الاحتجاج على أطقم ومسؤولي المستشفى، مطالبا إياهم بالقيام بواجبهم اتجاه "التوأمين" البنتين المتبقيتين على قيد الحياة، ليتقرر الانطلاق في رحلة ثانية في اتجاه مستشفى سانية الرمل بتطوان، فانطلقت الرحلة في الساعة ال 10 من مساء السبت، بعد طول انتظار، بعدما ظل التوأمان مهملان داخل سيارة الإسعاف، لتصل الأخيرة إلى تطوان في الساعة 12 ليلا، حيث فوجىء الأب برفض استقبال التوأمين، بمبرر أن المستشفى لا يتوفر على جناح خاص بالتوائم الخدج، ليتم في الأخير الاحتفاظ بالتوأمين، لكن سرعان ما لفظتا أنفاسهما الأخيرة، ظهر الأحد الماضي، ليصل الخبر لعبد السلام، منتصف ليلة الأحد/ الاثنين، وهو الذي أخبر زوجته التي ظلت تنتظر بمنزلها نبأ وفاة توائمها الأربعة وهي على فراش المرض. وبعد مصرع توائمه الأربعة أمام أعينه، أسر عبد السلام الهيش، في تصريح خص به "اليوم 24" أنه يعتزم رفع دعوى قضائية ضد وزارة الصحة، لكونها المسؤولة عن وفاة أبنائه، متسائلا عن دور الوزارة، قائلا:"أنا غير درويش، هاد وزارة الصحة علاش دايرنها، هاد الدولة علاش كاينا، ملي ما تهزنيش أنا مواطن بسيط، ها أنا طلعت لتطوان ورجعت عندي دابا 50 درهم"، قبل أن يستطرد الحديث وهو يرتعش من شدة الفاجعة التي ألمت به قائلا:"أنا ما خصنيش نضيع ويضيعو ناس آخرين"، معاناة عبد السلام لم تنتهي بوفاة توائمه، بل أكد أنه يواجه عراقيل لنقلهم إلى مدينة القصر الكبير، حيث طالبته سيارة خاصة لنقل الأموات بدفع 2800 درهم، بعد ما فرض عليه مسؤولون بمستشفى تطوان أن يستقدم سيارة خاصة، معلقا على ذلك بقوله:"علاش هاد 2800 درهم لمن، واش لصندوق الدولة، أنا سأقاضي وزارة الصحة، وأطالب بدعم الجمعيات والمجتمع المدني، لأنني مرتبك ولا أدري السبل التي يجب أن أتبعها في ذلك"،يضيف الهيش.