بعد ثلاث سنوات من الثورة الي اسقطت الرئيس حسني مبارك قائد القوات الجوية السابق كشف الجيش المصري القوي النفوذ رغبته في استعادة حكم البلاد من خلال قائده المشير عبد الفتاح السيسي الذي اسقط اول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا. ونداء قيادة الجيش الاثنين للمشير السيسي بالاستجابة ل "رغبة الشعب" وان يترشح الى الانتخابات الرئاسية, له على الاقل ميزة ازالة كل لبس. الا ان الامر لم يكن مفاجئا حيث يحظى المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وقائد الجيش منذ سبعة اشهر بشعبية هائلة منذ عزل مرسي. السيسي هو الذي اعلن بنفسه في الثالث من يوليوز عزل الرئيس الاسلامي وتوقيفه وذلك كما اعلن استجابة لطلب ملايين المصريين الذين نزلوا في 30 يونيو الى الشوارع مطالبين برحيل مرسي. وكان الجيش الذي يعتبر واقعيا الجهة التي تدير اكبر بلد عربي لجهة عدد السكان منذ 1952 حيث خرج من صفوفه الرؤساء محمد نجيب (1952-1954) وجمال عبد الناصر (1954-1970) وانور السادات (1970-1981) واخيرا حسني مبارك (1981-2011), افسح المجال لرئيس مدني صيف 2012 بعد 16 شهرا من الاطاحة بمبارك وسلم الحكم الى مرسي بعد انتخابات رئاسية. لكن الجيش بقي متربصا مستغلا بعد ذلك بعام, الاستياء الشعبي العارم من حكومة الرئيس الاسلامي لاستعادة زمام الامور. واليوم تنتشر صور المشير عبد الفتاح السيسي (59 عاما) في كل الشوارع والمتاجر وحتى بعض الادارات وبات غالبية المصريين يتغنون بمن "حررهم" من "الخطر الارهابي للاخوان". هذه الجماعة التي تتحرك في الشارع منذ سبعة اشهر والتي وضع الكثير من قادتها في السجن, فازت بكل الانتخابات منذ الاطاحة بمبارك. القمع الدامي احيانا لكل تظاهرة وسجن Bلاف من الناشطين اسلاميين وحتى بعض العلمانيين منذ سبعة اشهر, جعل منظمات حقوقية تقول انه اذا كان من الصحيح ان الجيش استجاب لرغبة اغلبية الشعب التي ضاقت ذرعا بثلاث سنوات من الفوضى لكن يبدو ان البلد عاد الى قمع عهد مبارك. ويردد الكثير من المصريين من الطبقات كافة العبارة التالية "يجب ان يتولى الحكم عسكري لاستعادة الاستقرار" ويطالبون فعليا بضرورة "القضاء" على الاخوان. بعض الخبراء والمعارضين لا يسعهم سوى الاقرار بذلك مع الشعور بالاسف له. ويرى محمد الغراب عضو مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" , انه "كان هناك فراغ سياسي والمدنيون عجزوا عن انتاج زعامة" مضيفا "ان الاخوان المسلمين فشلوا وكنا نامل ان يخرج حزب ليبرالي ويملا الفراغ لكن ذلك لم يحصل والنتيجة فان العسكريين وبدعم قسم هام من المجتمع, يملأون هذا الفراغ". واتهمت منظمة العفو الدولية في الاونة الاخيرة السلطات بان "سياستها الحالية تشكل خيانة لمطالب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية" التي كانت في قلب ثورة 2011 ونددت في تقرير "بانتهاكات حقوق الانسان (..) غير المسبوقة" من قبل السلطة التي يقودها عمليا الجيش. ويقول كريم بيطار مدير البحوث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس "حتى ان كانت السلطات العسكرية تحاول الابقاء على غلاف ديمقراطي فانه من الواضح ان مصر بصدد الوقوع في براثن شياطين القمع القديمة والتسلط والحكم الفردي, والامال التي ولدتها ثورة 25 يناير 2011 لدى الليبراليين والتقدميين بصدد التبخر". والخطوة التالية في الصعود الحتمي لعبد الفتاح السيسي منتظرة في الايام القريبة, حيث انه ونظرا لان الدستور يفرض ان يكون الرئيس مدنيا سيكون على السيسي ان يقدم استقالته من الجيش قبل الاعلان عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة منتصف ابريل. واذا بقيت شعبيته الجارفة الحالية حتى موعد الانتخابات فمن المؤكد انه سيفوز بها لينهي ذلك عاما من الحكم المدني الاسلامي.