بعدما ظل لأسابيع يتجاهل الاتهامات التي وجهها إليه حزب العدالة والتنمية، وحزب الاستقلال بعرقلة تشكيل الحكومة، وقيادة مؤامرة للانقلاب على نتائج انتخابات 7 أكتوبر، اضطر حزب الأصالة والمعاصرة للخروج عن صمته في بلاغ رسمي، مؤكدا عدم رغبته في قيادة الحكومة بدل حزب العدالة والتنمية، كيفما كان مآل المشاورات الجارية حاليا بخصوص تشكيل الحكومة. بلاغ حزب الأصالة والمعاصرة، الذي صدر أمس الأربعاء عقب اجتماع المكتب السياسي للحزب أول أمس الثلاثاء، جاء خلافا للمذكرة التي رفعها "الجرار" للملك محمد السادس من أجل تعديل الدستور، خاصة الفصل 47 منه، الذي ينص على تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر الانتخابات من أجل فتح الباب أمام إمكانية تعيينه من الحزب الثاني، في حالة فشل زعيم الحزب الأول في تشكيل الأغلبية، كما يأتي خلافا لرواية حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال بخصوص اجتماع العماري بعدد من قادة الأحزاب السياسية يوم 8 أكتوبر، ودعوتهم إلى تقديم مذكرة للملك محمد السادس يعلنون من خلالها رفضهم التحالف مع العدالة والتنمية، إلا أن شباط رفض الانخراط في تلك المؤامرة، بحسب تصريحاته، قبل أن يعلن تموقعه إلى جانب البيجيدي بدون شروط، الشيء الذي يجعلنا نطرح سؤالا عن الخلفيات الكامنة وراء البلاغ الأخير لحزب الأصالة والمعاصرة . مصطفى اليحياوي، الخبير في سوسيولوجيا الانتخابات، اعتبر في تصريح لموقع "اليوم 24" أن بلاغ "البام" هو تراجع عن مواقف سياسية سابقة من قبيل مذكرة تعديل الدستور التي رفعها الحزب للملك محمد السادس، خاصة ما يتعلق بالفصل 47 منه، كما أنه محاولة لتبرئة الحزب من اجتماع المؤامرة، الذي تحدث عنه حميد شباط، والذي طلب فيه العماري من زعماء الأحزاب السياسية إعلان رفضهم التحالف مع البيجيدي، وتوجيه مذكرة للملك بهذا الخصوص. نهاية "البام" اعتبر اليحياوي أن بلاغ "البام" موجه للقوى القريبة من الدولة العميقة التي استغنت عن خدمات العماري واستبدلته بأخنوش من أجل تحقيق التوازن المبحوث عنه مع العدالة والتنمية، "لذلك فحينما يصدر العماري هذا البلاغ فإنه يريد أن يقول لهم أن إلياس ليس أداة طيعة ستخدم في لحظات وتستبعد في أخرى"، يقول اليحياوي، مضيفا أن استبدال الياس العماري بأخنوش للقيام بمهمة التوازن المبحوث عنه مع العدالة والتنمية أغضب كثيرا العماري، الشيء الذي جعله يقوم بهاته المعاندة . وأضاف الخبير المغربي في سوسيولوجيا الانتخابات أن العماري يعرف أن وظيفة "البام" انتهت بعد فشله في مواجهة العدالة والتنمية وهزيمته في انتخابات 7 أكتوبر، لذلك يحاول تلميع صورته وتحسين وضعيته السياسية، بعد التهميش الذي أصبح يعيشه عقب ظهور أخنوش. وزاد اليحياوي أن العماري سيحاول الظهور بصورة ناضجة تلائم الإرادة الشعبية، والتبرؤ من قيادته لمؤامرة الانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية. وخلص الخبير المغربي أن تبرؤ العماري من عرقلة تشكيل الحكومة ليس نقذا ذاتيا قام به "البام"، بل رد فعل وسلوك محكوم بنفسية وعواطف المنهزم الذي يريد العودة إلى الساحة السياسية، "فالعماري انهزم سياسيا في الانتخابات، وانهزم باختيار القوى التي كانت وراءه لشخص آخر من أجل إدارة التوازن مع البيجيدي، وهو ما يعني أن وظيفة "البام" انتهت مرحليا ولم يعد مطلوبا أن يكون حزبا كبيرا". "البام" أصبح محرجا لجهات في الدولة من جهته، اعتبر عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش أن إعلان "البام" عدم نيته لقيادة الحكومة إذا فشل بنكيران في مشاوراته محاولة للتبرؤ من التهم التي وجهها له حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال بخصوص قيادته لمؤامرة انقلابية ضد نتائج انتخابات 7 أكتوبر، كما أنها خطوة استباقية للتبرؤ من أي فشل محتمل للمشاورات. وأضاف العلام أن "البام" أعلن عن عدم نيته في قيادة الحكومة، بعدما تأكد له أنه لم يعد مرغوبا فيه من طرف الجهات التي تستخدمه، معتبرا أن العماري أصبح يشكل حرجا لبعض الجهات في الدولة، بعدما أصبح الرهان عليه مستحيلا لمواجهة البيجيدي.