شرع حزب الأصالة والمعاصرة، في خضم التحركات الجارية من قبل الفاعلين السياسيين، والحزبيين لترسيم الموقف الحاسم لأحزابهم من الدخول إلى حكومة عبد الإله بن كيران، في بعث رسائل سياسية غامضة الغايات، والأهداف. ومن تحركات حزب الأصالة والمعاصرة، إقدام أمينه العام، إلياس العماري، على تحرير مقالين يدعو فيهما إلى "المصالحة التاريخية" مع جميع الفاعلين السياسيين، بما فيها حزب العدالة والتنمية، خصمه السياسي اللذوذ، وأعقب ذلك، إعلان الحزب اعتزامه رفع مذكرة إلى الملك، يطالب فيها بتعديل دستوري. وفي هذا السياق، اعتبر أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة محمد الخامس، أحمد البوز، أن التحركات الأخيرة لحزب الأصالة والمعاصرة تطرح الكثير من التساؤلات، وتشوش على الموقف السابق للحزب الذي أعلنه عشية إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة، والقاضي بعدم المشاركة في الحكومة. وبعدما أكد البوز أن هناك، فعلا، عددا من الفصول الدستورية غامضة، وتتطلب تعديلا دستوريا، أشار إلى أنه كان من الممكن أن لا يلجأ حزب الأصالة والمعاصرة إلى توجيه مذكرة إلى الملك للمطالبة بتعديل دستوري. وتساءل أحمد البوز حول ما "إذا كان الدستور يعطي الحق لكل حزب، أو أي برلماني أن يقدم مقترح قانون، يقضي بتعديل مقتضى دستوري معين، لماذا لجأ هذا الحزب إلى الملك لإجراء هذا التعديل؟ ". واستدرك البوز بالقول: "إن اللجوء إلى هذه الخطوة يؤشر على أن هناك ربما خلفيات سياسية تحكمها". ويرى الأستاذ الجامعي أن الخلفية السياسية لهذا السلوك السياسي، الذي أقدم عليه "البام" يمكن أن يحمل عدة تفسيرات. وتساءل أستاذ العلوم السياسية "هل البام يتحدث عن تعديل الدستور لمعالجة الوضعية الحالية، والتي لا يزال ابن كيران يجري فيها مشاوراته لتشكيل الحكومة، أم عن أخرى لاحقة؟ أم أن "البام" لديه معطيات تفيد أن رئيس الحكومة سيفشل في تشكيل الحكومة المقبلة؟. وأضاف البوز أن تزامن مبادرة المطالبة بتعديل دستوري مع تصريحات إلياس العماري حول المصالحة التاريخية، تطرح الكثير من اللبس، وعدم الاستقرار، وتُضفي نوعا من اللخبطة في الحياة السياسية، وأحيانا حتى عدم الجدية. وتساءل البوز حول ما إذا كانت المواقف الملتبسة لحزب البام، أخيرا، تعكس أنه لم يفقد الأمل بعد في قيادة الحكومة، أم أن ذلك مجرد محاولات تدخل في إطار الضغوطات، والمزيد من الضغط النفسي على البيجيدي، ودفعه إلى البحث عن خيارات أخرى لتشكيل الحكومة. ولم يستبعد أستاذ القانون العام أن تكون تحركات "البام" يسعى من خلالها إلى الدخول إلى الحكومة، بصيغ مختلفة، قبل أن يؤكد أن ذلك يبقى مجرد تفسيرات. وشدد المتحدث نفسه على أن التحركات الأخيرة "للبام" فيها نوع من رد الفعل، تؤشر على أن "البام" لم يستسغ أمرا كان قريبا منه وهو قيادة الحكومة، قبل أن يضيع منه، ويصبح في يد العدالة والتنمية. ولم يستبعد أن تعكس هذه التحركات "نوعا من النقاش، ربما يجري في مستويات معينة من الدولة لا نعرفه، لأنه لا شيء واضح يسمح بالخروج باستنتاجات دقيقة في الموضوع"، يقول البوز.