أخذت الأصوات ترتفع شيئا فشيئا لصالح تقنين استهلاك الحشيش حتى يتم التحكم ولو بشكل نسبي في تجارته التي تجري إلى غاية اليوم في السر. ونورد هناك إطلالة على مقترح الاستقلال في هذا الشأن ونماذج عالمية أخرى. ولسنا هنا ندعم هذا التوجه أو نعارضه بقدر ما نرغب في فتح نقاش جدي وعميق وهادئ حول هذا الموضوع دخلت مسألة تقنين استهلاك وزراعة وتصنيع وتسويق عشبة الكيف أو القنب الهندي دائرة الجدل السياسي، بعد تنظيم حزب الأصالة والمعاصرة يوما دراسيا بمجلس النواب شارك فيه مختلف المهتمين بهذا النقاش، وبعد أن تقدم الفريق النيابي لحزب الاستقلال بمقترح قانون بهذا الشأن. يعد هذا النقاش بمثابة صدى لما يدور في العديد من دول العالم، حول رفع تجريم استهلاك القنب الهندي، والترخيص باستهلاكه بمقتضى وصفة طبية، وفرض قيود على استهلاكه للترفيه. وحسب معدي مقترح القانون الاستقلالي، فإن حزب الميزان يروم وضع حد للتعامل الأمني في تدبير مسألة زراعة وتسويق عشبة جعلها سوء استعمالها تتحول إلى مواد مضرة بصحة الإنسان، ونهج مقاربة اجتماعية واقتصادية من خلال تفعيل مقتضيات الدستور الجديد، وبخاصة المواد20 و31 و32 منه؛ بشأن الحق في الحياة الكريمة، وتعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من الحق في الشغل، وغيرها من الحقوق الصحية والاجتماعية والتنمية المستدامة، ومسؤولية الدولة في ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة.
إطار تشريعي مقترح قانون حزب الاستقلال يرمي إلى وضع إطار تشريعي لسياسة الدولة يجعل من عشبة الكيف في خدمة المجتمع اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، وتنظيم استعمالها لأغراض العلاج الطبي ولأغراض الصناعة الصيدلية كدواء، ويضع ضوابط لمنع تحويلها إلى مواد تضر بصحة الإنسان والحد من الاتجار غير المشروع فيها، ويهدف إلى تنظيم اقتصاد فلاحي في مناطق تعتمد ساكنتها على موارد من خلال توزيع وبيع عشبة الكيف أن تحدد معايير علمية لتوزيع وتصنيع وتسويق عشبة الكيف الخامة بالمغرب وخارجه. مع اتخاذ إجراءات وقائية لمحاربة سوء استعمالها واستخداماتها من طرف المستهلكين، وإعادة تأهيل المدمنين وإدماجهم في الحياة الطبيعية للمجتمع.
محاربة الزراعات العشوائية يعرف مقترح قانون حزب الاستقلال، أن ما يطلق عليه المزارعون المغاربة من ألفاظ، مثل: الحشيش أو الكيف أو الباكستانية أو الخردلة أو المكسيكانية أو الأفوكا. ويلزم المزارع لعشبة الكيف بالتصريح بنوع البدور والمقدار الذي سيستعمله في أي موسم من مواسم الحرث، وكل نوع من البدور غير المصرح بها، تعتبر خارج القانون ويترتب عنها سحب الرخصة من مالك الأرض، أو من موكله لمدة 5سنوات. ويحدد مقترح القانون النطاق الترابي لزراعة عشبة الكيف في مناطق محددة ومعروفة تاريخيا بنشاطاتها في هذا المجال، وحسب مساحات محددة مصرح بها، كما يحدد مواسم الزراعة والحصاد للحد من النشاطات العشوائية. كما يمنع على الشركات والمختبرات الطبية تحويل إنتاج عشبة الكيف الخام إلى صناعة مضرة بالصحة والسلامة الجسدية للإنسان، أو بيع منتجات لأشخاص طبيعيين أو قانونيين غير مرخص لهم؛ بما يعني وضع قيود على نشاطات التهريب المنظمة، وتحميل المزارعين مسؤولية التعامل مع شبكات تهريب المخدرات. ويتيح مقترح القانون للمزارعين إمكانية تأسيس تعاونيات فلاحية لزراعة عشبة الكيف، وفقا لقانون التعاونيات. ويسير هذا الإجراء في نفس التوجه ما أصبح جاريا في ولاية «دنفر الأمريكية» التي أصبح فيها مزارعو القنب الهندي يجتمعون في إطار نوادي للمزارعين؛ تضم ما بين 15 و40 عضوا.
عقوبات يتضمن مقترح القانون عقوبات جنائية تترتب عن كل فعل له علاقة بزراعة أو إنتاج أو توزيع أو تسويق منتجات عشبة الكيف أو مشتقاتها أو منتجات مماثلة، بدون ترخيص الوكالة أو التوزيع المجاني لها بغرض الترويج التجاري، أو توظيف واستغلال القاصرين في التجارة، أو الإنتاج والتوزيع والتصدير والبيع. ويعاقب على كل هاته الأفعال، وعلى كل خرق لمقتضياته بعقوبات إدارية وبعقوبات منصوص عليها في القانون الجنائي. وتهم هاته العقوبات المصنعون والموزعون. وتلزم المادة59 منه السلطات الأمنية والإدارية إبلاغ الوكالة الوطنية بكل عملية ضبط مخالفات مقترح القانون في أجل لا يتجاوز 48 ساعة، وأن تحيل الأخيرة على الجهة الأمنية والقضائية المعنية بمرتكبي المخالفات في أجل لا يتجاوز ثلاثة أيام.
وكالة وطنية للحشيش يوصي المقترح كذلك بإحداث وكالة وطنية لإنتاج وتوزيع وتسويق عشبة الكيف، بصفتها مؤسسة عمومية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وخاضعة لوصاية الدولة. يعين مديرها بمرسوم وفق مقتضيات القانون التنظيمي بشأن التعيين في الوظائف العليا، لمراقبة احترام توقيت موسمي الزراعة والحصاد وإمكانية تمديد الموسم لفترة أطول إذا أقتضى الأمر ذلك. ويحدد اختصاصاتها في اقتراح سياسات عمومية، واستراتيجيات على الحكومة في مجال تنظيم وتقنين إنتاج وتوزيع واستهلاك عشبة الكيف، وتنسيق كل الأعمال المرتكبة بالمراقبة الصحية لمنتجات ومشتقات العشبة. ويحدد أربعة موانع تحول دون زراعة عشبة الكيف. وتتوزع بين عدم الحصول على ترخيص مسبق من طرف الوكالة الوطنية المعنية، والتي تتكلف كذلك بمنح التراخيص لمصنعي وموزعي عشبة الكيف أو مشتقاتها. وينص المقترح على تسديد المزارعين لمبلغ يخصص لدعم الوكالة الوطنية لإنتاج وتسويق وتوزيع الكيف، يحتسب وفق نسب مائوية من الإنتاج، ويمنع أيضا استعمال نباتات تضر بالسلامة الجسدية أو المعنوية للإنسان، كما يمنع حرث أو حصاد عشبة الكيف خارج موسمها، دون موافقة الوكالة الوطنية، أو زراعتها خارج المناطق المحددة.