حج الآلاف من المتقاعدين، والأرامل، والأيتام إلى مقر الصندوق المغربي للتقاعد في شارع العرعر بالرباط، للاستفسار عن قطع معاشاتهم (حوالي 20 ألف معاش)، منذ 20 أكتوبر الجاري. وعلمت "أخبار اليوم"، من متقاعدين محتجين، أن إدارة الصندوق اتخذت أربع إجراءات دفعة واحدة، ودون سابق إخبار أدت إلى وقف المعاشات، وأثارت غضب المتقاعدين، وذوي الحقوق. وكان أول هذه الإجراءات؛ مطالبة الإدارة المتقاعدين بالتحقق من أنهم لازالوا على قيد الحياة. والإجراء الثاني؛ يخص الأرامل اللائي يستفدن من معاشات أزواجهن، حيث تمت مطالبتهن بشهادات تدل على أنهن لم يتزوجن بعد، لأنه في حالة زواج الأرملة، فإنها تفقد معاش زوجها. والإجراء الثالث؛ يهم الأيتام، (تتراوح أعمارهم ما بين 16 و21 سنة)، الذين يستفيدون من معاش الأب، فقد تم توقيف صرف معاشاتهم، إلى حين الادلاء بشهادة مدرسية. أما الإجراء الرابع، الذي يعتبر غير مسبوق، فيتعلق بمراجعة طريقة احتساب الضريبة على المعاش، وهو يهم حالة الموظفة المتقاعدة، التي تجمع بين معاشها، ومعاش زوجها المتوفى، إضافة إلى استفادة أبنائها من معاش الأب، إذ قررت الإدارة اعتبار كل هذه المعاشات مجتمعة بمثابة "دخل واحد" تطبق بشأنه ضريبة واحدة، في حين كان في السابق يحتسب كل معاش كدخل مستقل، وغالبا ما كان يعفى من الضريبة. هذا الإجراء أدى إلى ارتفاع الضريبة، المفروضة إلى درجة جعلت بعض الأرامل ملزمات بأداء ضريبة تصل إلى 4000 درهم، بأثر رجعي من تاريخ فاتح يناير 2016. وتساءل أحد المتقاعدين "لماذا تم احتساب معاش الأطفال ضمن معاش الأم، في حين أنه مستقل؟". وكشفت مصادر من المتضررين، ل"أخبار اليوم"، أن إدارة الصندوق دأبت على إجراء مراقبة تخص حياة أو وفاة المستفيدين، لكن ذلك كان يتم بسلاسة، من خلال حضور المتقاعد شخصيا إلى البنك، الذي يحول إليه المعاش، فلماذا اليوم أصبح لزاما على المتقاعد أن يحضر إلى إدارة الصندوق لسحب مطبوع؟". وأضاف أحد المتقاعدين أن "المشكلة أن المستهدفين هم فئات هشة، منهم أرامل، وأيتام، وكذا معاقون، وكان ممكنا تسهيل الإجراءات الإدارية معهم، وليس تعقيدها بهذا الشكل". من جهتها، قللت إدارة الصندوق المغربي للتقاعد من قيمة توافد عدد كبير من المتقاعدين إلى مقرها، وقال بن ميلود حاتم، مدير العلاقات مع الزبناء ل"أخبار اليوم"، إن ما جرى كان بسبب "اتخاذ 3 عمليات مرة واحدة": مراقبة الحياة، وحالة الأرملة، والتمدرس، والتي همت 97 ألف معاش، مما أدى إلى توقيف 20 في المائة من المعاشات المعنية بالمراقبة، أي حوالي 20 ألف معاش. وبرر المسؤول في الصندوق ما حدث، بكون العديد من المتقاعدين يغيرون عناوين سكنهم، وبالتالي لا يتوصلون برسائل الصندوق، التي تحثهم على التوجه إلى البنك لإثبات أنهم أحياء، ما أدى إلى عدم استخلاص معاشاتهم، والأمر نفسه ينطبق على الأطفال في طور التمدرس، الذين تمت مراسلة أولياء أمورهم، للإدلاء بشهادة مدرسية، دون أن يستجيبوا، فتم وقف معاشاتهم. وتابع المسؤول نفسه أن إدارة الصندوق، تسعى الى إبرام اتفاقية مع وزارة التربية الوطنية للحصول منها على معطيات التمدرس عبر برنامج مسار، وتفادي طلب الشهادات المدرسية. ولتفادي مشاكل التواصل مع المتقاعدين، أشار ميلود حاتم، إلى أن إدارة الصندوق وضعت الرقم 5808، الذي يمكن المتقاعد من إرسال رسالة نصية، تحمل رقم البطاقة الوطنية ليتلقى ردا حول ما إذا كان معنيا بالمراقبة، ولكن مع ذلك، لم يكن هذا الحل حاسما. وقال حاتم إن ما أغضب المتقاعدين وذوي الحقوق، ودفع العديد منهم إلى التوافد على مقر الصندوق، هو مراجعة الضريبة على المعاش "كنا نحتسب كل معاش على حدة كدخل، لكن اليوم نجمع كل المعاشات دخلا واحدا لنطبق عليه ضريبة واحدة"، ما يعني أن المعاشات تم تخفيضها. ومع توافد أعداد كبيرة من المتضررين، قادمين من مدن مختلفة، على إدارة الصندوق، فإنهم واجهوا مشاكل أخرى تتعلق بسوء استقبالهم، بسبب التوتر الجاري بين الموظفين، وإدارة الصندوق، والذي أدى إلى اعتصامات في صفوف الموظفين، نفذ آخرها، أمس الأربعاء، داخل إدارة الصندوق. وأشار أحد المتضررين إلى أن "هذا مثال للصورة السلبية لعلاقة المواطن بالإدارة، التي تحدث عنها الخطاب الملكي في افتتاح البرلمان".