كادت مأساة الأسرة، التي فقدت حياتها على مستوى الطريق السيار، الرابط بين مراكش وشيشاوة، أن تتكرر، الأسبوع الماضي، بعدما تعرضت أسرة صغيرة إلى هجوم خطير من طرف عصابة ملثمين، تستهدف رواد "الأوطوروت"، الرابط بين الدارالبيضاء والرباط. ويقوم أفراد العصابة برمي السيارات والشاحنات العابرة للطريق بالحجارة، من أجل إجبارها على التوقف، إذ يهجمون، حينها، على السائق ومن معه، ويسلبونهم كل ممتلكاتهم. والهجوم الخطير، الذي تعرضت له أسرة الزرايدي، يوم الثلاثاء الماضي، من طرف العصابة المذكورة، كاد أن يفقد أفرادها الحياة، إذ فوجئوا في طريق عودتهم من الدارالبيضاء إلى الرباط بشخص ملثم، خرج من مكان ما على يمين الطريق، حاملا حجرا كبيرا رمى به الواجهة الأمامية للسيارة، حيث اخترقها، وأحدث الرعب وسط راكبيها. وفي الوقت الذي كان السائق ( رب الأسرة) بالكاد يحاول استيعاب ما حدث باغثه شخصان آخران من يسار الطريق، محاولين إجباره على التوقف. وقال منير الزرايدي ل"أخبار اليوم": "شعرت بالخطر، فزدت من السرعة"، وأضاف: "حينها لم أكن قد استوعبت ما يجري، ولم انتبه إلى أن الحجر اخترق زجاج السيارة، كنت فقط أفكر في الهروب من الخطر، والوصول إلى محطة الأداء"، إلا أنه فوجئ أثناء ذلك بأن زوجته مغمى عليها، وطفليه يصرخان من شدة الخوف، يوضح الزرايدي. وأضاف الزرايدي أنه عندما التفت إلى زوجته ووجدها تنزف دما، استمر في قيادة سيارته بسرعة فائقة، خوفا من أن يكون أفراد العصابة لا يزالون يلاحقونهم. وتابع المتحدث نفسه أنه بمجرد توقفه في محطة الأداء حاول أن يوقظ زوجته، التي كانت تضع يديها على وجهها، إلا أنه فوجئ بأن شفتها العليا انتزعت من مكانها، وأصيبت على مستوى فكيها. ولم يكن أفراد أسرة الزرايدي الوحيدين، الذين تعرضوا للهجوم في تلك الليلة، فبعد وصولهم إلى محطة الأداء، وجدوا عددا كبيرا من السيارات، والشاحنات متوقفة هناك، بينما سائقوها يقدمون إفاداتهم لعنصرين من الدرك الملكي بخصوص تعرضهم لهجوم من طرف أفراد العصابة نفسها، "أردت تقديم شكاية للدركيين غير أنهما طلبا مني الإسراع بنقل زوجتي إلى المستشفى، وبعدها العودة إليهما لتقديم الشكاية"، يقول منير. واضطر منير إلى نقل زوجته بنفسه على متن سيارته إلى المصحة في الرباط، بعدما أصرت سيارة الإسعاف على نقلها إلى إحدى المستشفيات في بوزنيقة، "كنت أعلم أن ذلك المستشفى لا يتوفر على الأطباء الأخصائيين في جراحة الأنف والحنجرة والرأس، الذين ستحتاجهم زوجتي بحكم إصابتها على مستوى الوجه، ولذلك كنت أعلم أنهم سيطلبون مني نقلها إلى الرباط، لذلك قررت أن أسرع بنقلها إلى الرباط بنفسي"، يحكي الزوج، الذي يسترجع بألم تلك اللحظات. وزاد الرجل يحكي عن معاناته خلال تلك الرحلة: "لا يمكنكم أن تتخليوا كيف مر الوقت علينا ما بين محطة الأداء والرباط.. الزوجتي مغشى عليها، وطفلاي يبكيان، والزجاج محطم، والبرد يدخل من الحفرة التي خلفها الحجر…". وبعد وصول الأسرة إلى مصحة "الشيخ زايد" في الرباط، حيث خضعت زوجة منير للصور الإشعاعية اللازمة، ظهر أن إصابتها بليغة، ما ألزم، في اليوم الموالي (الأربعاء) إجراءعملية على وجه السرعة، ويرتقب أن تخضع، غدا الاثنين، لعملية أخرى، وهنا يشير منير الزرايدي إلى إشكالية أخرى وجد نفسه أمامها، تتمثل في كون زوجته التي تعمل كصيدلانية لا تتوفر على تغطية صحية، كما لا تشملها التغطية الصحية التي يستفيد منها الزوج الذي يعمل كإطار في مؤسسة شبه عمومية، مبرزا بخصوص تكاليف ما خضعت له زوجته من عمليات أنه لا يعلم بعد "لم أسأل حتى لا أُصدم فأنا أعلم أن الكلفة ستكون عالية ولكن الأهم بالنسبة لي الآن أن تشفى زوجتي وتعود كما كانت". عناصر الدرك الملكي قامت بزيارة للزوجة في المصحة في اليوم الموالي للحادث وسجلت إفادة الزوج الذي اكتشف بأن هناك العديد ممن تعرضوا للهجوم على مستوى نفس النقطة من الطريق السيار. "نؤدي الواجب الخاص بعبور الطريق السيار ونعتقد أننا في أمان والواقع أننا لسنا كذلك" يقول الزوج قبل أن يتساءل بحرقة "ما ذنبي أنا وأسرتي؟ من يضمن حقنا؟ من سيتقاسم معنا اليوم هذه المعاناة التي نمر منها؟". يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تسجل فيها حوادث من هذا النوع، حيث سبق لكثير من السائقين أن سقطوا ضحايا كمائن تضعها عصابات على الطرق السيارة، وهي الكمائن التي تتسبب في حوادث سير وقد تؤدي إلى إصابات خطيرة قد تصل حد الوفاة، ولعل أشهر قضية بهذا الخصوص، تلك التي انتهت أطوارها السنة الماضية بإصدار حكم غير مسبوق بإعدام شخصين بتهمة تكوين عصابة إجرامية تقوم بعرقلة السير والاعتداء على مستعملي الطريق السيار الرابط بين مراكش وشيشاوة تحت التهديد بالسلاح الأبيض حيث تسببا في مقتل أفراد أسرة كاملة بعد إلقائهما حجرا في الطريق أدى إلى انقلاب السيارة التي كانت تقلهم.