قد يكون الدافع هو خوض مغامرة استقرت في الذهن في لحظات طيش عابرة، والهدف من ورائها هو التسلية فقط، كما قد يكون «تحقيقا» على طريقة أفلام «الويسترن» لقضاء مآرب أخرى. وعادة ما تعمد بعض الفتيات إلى تقمص شخصية المحقق «كونان» المعروف في سلسلات الرسوم المتحركة القديمة، من أجل التنقيب في سريرة الطرف الآخر المدعي للبراءة، وقد يكون العكس أيضا، أي أن يعمد بعض الرجال إلى اختبار وفاء زوجاتهم عبر حسابات وهمية. هذه هي تبريرات فتيات تقمصن شخصيات ذكورية للإيقاع بمثيلاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. تبدأ القصة بحساب على الفايسبوك باسم رنان وكنية تحيل على أبناء علية القوم، مصحوبة بصور مثيرة، تكون غالبا لفنانين غير مشهورين. وتكون صور هؤلاء، التي لا يعرفها إلا القليلون، هي الوسيلة الأولى لإغناء لائحة الأصدقاء ب«غنائم» كثيرة.
مغامرات الأنثى المتحولة فيسبوكيا ذات مساء دافئ، اختمرت الفكرة في ذهن «رجاء»... ستصير رجلا! هكذا قررت وبدون سابق إنذار. ستصير رجلا على طريقتها الخاصة، والأمر لا يتطلب عملية تحول جنسي ولا أي شيء، فقط إنشاء حساب مزور بصورة واسم مذكر لتدخل عالم الرجال من النافذة الضيقة. لم يكن للتجربة سبب مقنع، فقط الرغبة في الاكتشاف والتسلية كانت الدافع الرئيس الكامن وراء عملية التحول فيسبوكيا. انطلقت المغامرة في لحظات الذروة، فقد كانت الساعة تشير إلى التاسعة ونصف مساء. الجميع في هذه اللحظات يتربص أمام شاشات الحواسيب حيث تنتعش الدردشة. كان الحساب مثيرا، فالصورة التي اختارتها كانت لرجل يافع ووسيم.. رجل من نسيج أحلامها الخاصة.. عضلات وبنية قوية، ثم نظرة حادة تضيف سمة الوقار... مع ابتسامة خافتة جذابة موجهة إلى الجميع. هذه الصورة هي لفتى أحلامها، وهي بالضرورة تعكس مواصفات موحدة عن فارس الأحلام الذي تنتظر حضوره على حصان أبيض كل الفتيات... كان الحساب يحمل اسما راقيا يحيل على إحدى العائلات المعروفة... بالإضافة إلى تكوين علمي محترم للغاية، إلى جانب عمل مثير، كل هذا مدعم بصور منتقاة بعناية في كبريات العواصم العالمية... تارة في مطاعم فاخرة، وأخرى في سيارات الأحلام... لقد انطلقت رحلة الصيد.
مضيفة طيران أول الغنائم... أول «الصيد» كان مضيفة طيران.. الأخيرة استغلت معرفتها بعدد من الساحات والأماكن التي استعرضتها الصور، ودخلت للضغط على زر الإعجاب ولتعلق بحميمية لا تخلو من إعجاب بالشخص، أكثر من إعجابها بالأماكن. لم تكن رجاء تنتظر هذا التجاوب السريع... كانت الشكوك تراودها في بعض اللحظات... وكانت تخشى أن يظهر الحساب مفبركا، لكن شيء من ذلك لم يحصل. بدأت القصة بكلمات إعجاب عامة على الحائط، ثم سرعان ما زاغ النقاش نحو الخاص. في كل ثانية رسالة جديدة... «زرت كندا؟ كنت هناك أيضا... المكان جميل للغاية»، تقول المضيفة، وما إن تتلقى الرد حتى تعاود الجواب بسرعة البرق: «أنا... من الدارالبيضاء.. وأنت؟». كانت ضحكات رجاء تسمع من أبعد نقطة في البيت، فهي لم تكن تعتقد أن صنارتها ستمسك الضحية بهذه السرعة، وكانت تبذل مجهودا كبيرا لتتقمص دور الرجل... تختار كلماتها بعناية، وتعززها بين الفينة والأخرى بعبارات غزل تعمق طابع الحميمية. «الذكاء مسألة مهمة في مثل هذه الحكايات»، تقول رجاء، وتضيف: «لم يكن من الحكمة أن أطيل النقاش مع المضيفة. حيانا كنت أرد على رسائلها، وأحيانا أخرى أتظاهر بأنني لم أرها». كان ذلك من «باب تقطير الشمع»، تقول ضاحكة. يوما بعد يوم، بدأت الصداقة تتوطد... «أي صداقة؟ بل الحب»، تقول رجاء. وتضيف: «صباح كل يوم، استيقظ وأفتح الحساب لأجد عشرات الرسائل التي تتمنى لي يوما سعيدا... إنه إحساس جميل ومضحك في الوقت ذاته». حرصت المضيفة على أن تعرف الكثير منذ الوهلة الأولى، كما قدمت سيرتها الذاتية في أقل من عشر دقائق «هي فتاة غير متزوجة، كانت على علاقة غرامية بشاب يكبرها بخمس سنوات، لكنه تخلى عنها بدون سبب». هكذا قدمت نفسها. وهي الآن «تبحث عن بديل ينسيها جرح الماضي». كانت مدة ثلاثة أيام كافية جدا لتختار من قاموس العشق والغرام أقوى الكلمات وترسلها إلى صديقها الجديد، دون أن تدرك أنها ضحية مزحة ثقيلة للغاية. «أين أنت؟ هل أنت بخير؟ لماذا لم تظهر؟ اشتقت إليك يا حبيبي...»، هكذا بدأت المضيفة تعاني بسبب غياب العشيق المفترض. رجاء قدمت نفسها على أنها شاب من عائلة أرستقراطية بالعاصمة الاقتصادية. اختارت اسم «محمد رضى».. مهندس ناجح وسليل أسرة كلها أطباء ورجال أعمال. محمد رضى شاب في مقتبل العمر.. مطلق، ويبحث عن زوجة تعوضه ألم الماضي، وكان هذا هو الطعم الذي التفت حوله عشرات الفتيات في ظرف وجيز. تقول رجاء: «لم أكن أتخيل أن رغبتي في التسلية ستفتح عيني على عوالم مثيرة للغاية، ولم أكن أتوقع مطلقا أن أصير فارس أحلام ولو بدون هوية. إنها أزمة حقيقية... بل مأساة، فكيف يمكن لفتيات متعلمات بوظائف راقية أن يقعن ضحايا للنصب العاطفي، لا بد أن هناك خللا معينا». في ظرف أسبوعين لا أكثر، صارت المضيفة تعيش حالة هيام وعشق قل نظيره. لم تلمح يوما وجه معشوقها، ولا سمعت صوته، لكنها أحبته! كيف ذلك؟! يقول المحلل النفسي جمال العزاوي: «هناك أسباب عميقة لبحث بعض الأشخاص عن العلاقات العاطفية في عالم الأنترنت، وخصوصا الفايسبوك». ويضيف: «وقد أثبتت الدراسات أن نسبة كبيرة منهم لديهم ضعف في الثقة بالنفس، وعدم قدرة على مواجهة عالم الواقع. وهم غالبا شخصيات خجولة، وأحيانا يكون لديهم تشوه في صورة الذات أو يشعرون بالرفض في عالم الواقع، فيتجهون إلى عالم خيالي افتراضي لتغطية هذا الشعور بالتشوه». والحال أن العلاقة العاطفية تتطلب الحوار والتفاعل اللفظي بين الطرفين، وتشترك حواس السمع والبصر في هذا التفاعل. هذا الشخص يشعر بأنه غير قادر على ذلك فيتجه إلى علاقة عاطفية لا تحتاج إلى مواجهة، يؤكد المحلل النفسي. لكن هل ينطبق هذا التحليل على «ضحايا» رجاء؟ «مطلقا»، تقول، وتضيف: «كل اللواتي تحدثت إليهن من خلال الحساب الوهمي كن على استعداد كامل للقائي، وكنت أنا من يتهرب، وكلهن طلبن رقم هاتفي، وكنت أتذرع بأنني مازلت في آخر مراحل الطلاق، وأن ضبطي مع فتاة أخرى قد يعقد الأمور، بل قد يعرقلها». وزادت: «كنت أراوغ، وفي المرات التي أحس فيها بأن مراوغاتي قد تبوء بالفشل وتنكشف الخديعة، أختلق سببا للجدال والخصام، وأوقف الحديث». وحتى في هذه الحالة –تؤكد- «يواصل الطرف الآخر الإصرار على مواصلة الحديث والصلح، لكنني أرفض بشدة حتى لا ينكشف أمري».
مهندسة رسمتتصميما لحياتها في العالم الأزرق وأحبتني! بدأت العلاقة تتوطد فايسبوكيا مع المضيفة، وبالموازاة مع ذلك، ربطت رجاء علاقات مع فتيات أخريات من أوساط مختلفة. وكانت «الضحية» الثانية «مهندسة» جميلة من مدينة طنجة. تقول رجاء: «لم أكن أتوقع أن يكون الإيقاع بمهندسة قضت سنوات من حياتها داخل المدرجات أمرا سهلا للغاية». وتضيف: «أبدت تحفظا في البداية، لكنها سرعان ما التحقت بدائرة الضحايا». ككل القصص، بدأت العلاقة بتحية وسلام، وسرعان ما عرجت المعلومات الشخصية لتستقر في فراش المتعة! كانت للمهندسة علاقة خاصة برجاء، فقد بدت جدية أكثر من اللازم، ومحترمة في حديثها وراقية في تحليلاتها. كانت على اطلاع على كل ما يجري ويدور من أخبار، وملمة بالكثير من اللغات. تقول رجاء: «في كل مرة كنت أصارع نفسي لأخبرها بالحقيقة وأكشف عن وجهي الأنثوي، لكني سرعان ما أتراجع خوفا من ردة فعلها، فهي أحبتني كرجل وليس كامرأة». ككل الفتيات في عمرها، أقرت المهندسة الجميلة بأنها كانت على علاقة حب بشاب كان يدرس معها، عاشت معه أجمل اللحظات. كانت قصة حب حقيقية دامت أربع سنوات، قبل أن تنتهي ويتوقف الحلم بدون سابق إنذار. روت المهندسة تفاصيل القصة بعناية لرجاء... كانت تحرص على أن تترك جزئية بسيطة دون أن تحكيها... ففي ثنايا الحكي كانت ترسم صورتها للعاشق الجديد، وملامح شخصيتها التي صارت تكشف عنها من وراء حجاب. «مرت مدة ونحن نتكلم دون أن تسمع صوتي»، هكذا عبرت المهندسة في إحدى اللحظات عن رغبتها في تطوير العلاقة مع العاشق الجديد ونقلها من العالم الافتراضي إلى الواقع الحي. «أريد أن أسمع صوتك وأراك أيضا، لا يمكن أن أظل أتحدث مع مجهول»، تقول. غير أن مثل هذه الطلبات كانت تربك رجاء، وتجعلها تحفز عقلها على نسج المزيد من قصص الخيال تهربا من المواجهة. «أفضل أن نتعارف أكثر على الفايس، وهي فرصة لأن أسوي كل مشاكلي أيضا»، ترد بلباقة. في كثير من الأحيان، يكون رد رجاء ومبرراتها غير مقنعة بالمرة، لكن، تقول «يكون الطرف الآخر مجبرا على قبولها، لأنه يكون قد تقمص فعلا دور العاشق، ويبقى الفضول يلح عليه لكي يستمر في الدور إلى آخر لحظة». لم تعد المهندسة تقوى على أن تمضي يوما دون أن تتحدث إلى حبيبها الجديد، كانت في البداية تتحفظ وتنتقي كلماتها بحذر، لكنها سرعان ما سقطت في الفخ، وفتحت باب قلبها على مصراعيه في وجه المجهول. «اشتقت إليك عزيزي... أين اختفيت؟ ألم تشتق إلي أيها الشرير؟»، عبارات من ضمن أخرى ظلت المهندسة توجهها إلى «عاشقها» المجهول، دون أن تدرك أنها ضحية تسلية نسوية. حسب المحلل النفسي، جمال العزاوي، فإن الشخصيات الأكثر عرضة للوقوع ضحايا النصب العاطفي يعانون عزلة اجتماعية وقلة أصدقاء، وليست لديهم هوايات أو مهارات ليشغلوا أنفسهم بها في حياتهم الفعلية، فينسحبون من عالم الواقع إلى عالم يشعرون فيه بالأهمية، ويشبع حاجاتهم الاجتماعية والنفسية والعاطفية.. عالم خلف الأبواب المغلقة يتحررون فيه من النقد الاجتماعي والرقابة الأسرية. وبرأي العزاوي، فإن «المرأة أكثر عرضة للوقوع في المصيدة العاطفية، ولديها قابلية أكبر لتصديق الخداع، وبعض الرجال محترف في سد الفجوات العاطفية التي قد تعانيها المرأة، فيعطيها كل الأحاسيس التي تنقصها، ويسكنها في قصر من خيال». ذات يوم، تقول رجاء، «اقترحت علي المهندسة أن نلتقي وألحت في طلبها، وفضلت أن يكون اللقاء خارج أرض المغرب، وصرت أتجه ذات اليمين وذات الشمال بحثا عن حل، وفي الأخير اضطررت إلى توقيف الحساب لفترة من الزمن حتى تهدأ الأمور». وتضيف: «بعد عودتي، صعقت عندما عاينت عدد الرسائل الخاصة التي كانت تنتظرني، البعض يتساءل إن كنت بخير، وهل أصابني مكروه، والبعض الآخر يعاتب...». كانت رجاء تعتقد أن فترة الغياب رسالة ستلتقطها المهندسة وتبتعد، لكن ذلك لم يحصل، بل وجدتها في انتظارها، وكانت أول من علم بعودتها إلى العالم الأزرق. بكت لطول الغياب، وتساءلت إن كان صدر منها شيء غير مقبول. «فاجأني رد فعلها، وكنت مضطرة إلى أن أخبرها بأنني سأتزوج بطلب من العائلة، وأن والدتي اختارت لي عروسا من العائلة»، تقول رجاء، وتضيف: «المهم أن القصة انتهت بالدموع كباقي قصص العشق».
نهيلة تعرضت لعملية نصب عبر الأنترنت... ومازالت مصرة على فارس سيأتي عبر الفايسبوك! كانت قصة نهيلة الأكثر إثارة وغرابة من قصة رجاء مع التحول الذكوري الفايسبوكي. فهذه الصبية التي لم تتعد سن ال21 كانت أكثر جرأة، فمنذ الوهلة الأولى بدأت ترسل صورها الحميمة من داخل غرفة النوم، وتطلب صورا مماثلة. الصورة تلو الأخرى، وروايات متضاربة في أقل من نصف ساعة، قبل أن تزيل القناع في نهاية المطاف وتدخل واحة البوح. نهيلة شابة من العاصمة الرباط، انقطعت عن الدراسة في مرحلة الثانوي، وصارت هي وشقيقتها تشتغلان ليلا في المطاعم الراقية. هذا العمل فتح عينيها على عوالم لم تعهدها من قبل، خصوصا أنها من أسرة متواضعة جدا. هي شابة جميلة جدا، مكتنزة بعض الشيء، لكنها فخورة بذلك، لأن ذلك «هو طلب الرجل المغربي والعربي بصفة عامة»، وفق ما أسرت به لرجاء. في البداية ظنت نهيلة أنها وضعت اليد على صيد ثمين.. شاب وسيم ومن عائلة مرموقة، والأكثر من ذلك يرد على رسائلها... إنها فرصة العمر! صارت نهيلة تقضي ساعات طوال تنتظر الإشارة... بدت متسرعة وجريئة أكثر من اللازم. كانت تعرض جسدها بدون خجل. تقول رجاء: «منذ الوهلة الأولى اقترحت أن تزورني في بيتي، وسألت إن كنت أعيش وحيدا». وتضيف: «كنت أحاول أن أتجاهلها، خاصة بعد أن اكتشفت جرأتها الزائدة، لكنها بقيت مصرة على الحديث». خلافا للضحايا السابقات، كانت لنهيلة حكاية حزينة، فمنذ ريعان شبابها اضطرت إلى العمل من أجل مساعدة أسرتها الصغيرة على تحمل أعباء الحياة. اشتغلت في المطاعم وفي الملاهي الليلية مقابل أجر زهيد، وكانت بين الفينة والأخرى تضطر إلى تلبية خدمات أخرى لزبائن يدفعون بسخاء. تقول رجاء: «آلمتني قصتها، خاصة أنها شابة في مقتبل العمر، وظلت تلح علي أن أنتشلها من واقعها، وأدبر لها عملا برفقتي، أكثر من ذلك اقترحت علي أن ترد الجميل بأن تعيش معي وتلبي هي الأخرى كل رغباتي!». صار لرجاء قاموس رجالي غني، فقد أصبحت على دراية بأساليب الغواية الرجالية التي كانت وسيلتها الوحيدة للإيقاع بالغنائم، ومع مرور الوقت بدأ القاموس يتسع، وصارت رجاء معشوق فتيات كثيرات أخطأن التقدير. لم تكن قصة نهيلة مع رجاء العلاقة الأولى التي تعيشها عبر الفايسبوك، فهي معتادة على البحث عن فرسان أحلامها عبر النت، وعلى الرغم من أنها تعرضت لعملية نصب سابقة إلا أن ذلك لم يمنعها من مواصلة رحلة البحث، وارتكاب الأخطاء نفسها. تقول رجاء: «أخبرتني نهيلة بأنها تعرفت على شخص عبر شبكة الأنترنت، حيث قام باستدراجها عاطفيا، ثم أوهمها بأن هناك مشروعا تجاريا يدر الكثير من الأموال، ومن الربح سوف يدفع مهرها الكبير بعد أن يتقدم لخطبتها». كانت نهيلة تسعى إلى الزواج بأي طريقة، وازدادت مطامعها بعد أن أوهمها الفارس الوهمي بأنه شخص معروف وله وضع اجتماعي جيد، حيث انجذبت إلى اسم عائلته المعروفة، فقبلت أن تعطيه 40 ألف درهم نقدا ليبدأ مشروعه. لم يكن تحصيل المبلغ أمرا سهلا، واضطرت نهيلة إلى الاقتراض من جميع معارفها بذريعة أن والدتها ستجري عملية جراحية، والحال أنها كانت تسعى إلى تدبير المبلغ الذي طلبه حبيبها الافتراضي. بعد عدة مكالمات تلفونية، أكد لها فيها أنه يجب أن يحصل على المبلغ نقدا لأن صرف الشيك يحتاج إلى وقت، وأكد أنه سيعيد إليها ضعف المبلغ بعد استخلاص الأرباح. التقت نهيلة ب«حبيبها»، الذي بدا جليا أنه أعد العدة للقاء، حيث حضر مستقلا سيارة فخمة مستأجرة، أخذ المبلغ، وذهب مع الريح. ظلت نهيلة تتصل به، وبعد عدة محاولات رد عليها شخص غريب أخبرها بأن حبيبها مسافر، وبعد أيام أغلق هاتفه واختفى عن الأنظار. وحسب مصدر أمني، فإن قصص النصب على الفتيات وسلبهن أموالا صارت كثيرة في الآونة الأخيرة، مضيفا أن أغلب القضايا يتم خلالها إيهام الضحية بالرغبة في الزواج بها، والمشكلة أن الكثير من الفتيات يتجاوبن مع هذه الوعود الكاذبة، خاصة أنهن يتعلقن عاطفيا بهؤلاء النصابين. وفي بعض الحالات تكون الضحية قد زودت الحبيب المفترض بصور خاصة وحميمة، يستغلها ضدها ويقوم بابتزازها وتهديدها بنشرها أو إطلاع أقاربها وأهلها عليها، فتكون الضحية أمام خيارين، إما الاستجابة له أو اللجوء إلى القانون. وفي أغلب الحالات -يقول المتحدث ذاته- تتحاشى الضحية اللجوء إلى القانون خشية الفضيحة. وعلى الرغم من الصفعة التي تلقتها نهيلة، وعملية النصب التي تعرضت لها، إلا أن علاقتها بالعالم الافتراضي بقيت قائمة. يوميا تبحث عن «فرسان أحلام» جدد، وتدخل في علاقات غرامية، غالبا ما تنتهي بطريقة درامية. تقول رجاء: «اقترحت علي أن تعيش معي، وأن أنتشلها من عالم الليل الذي تعبت منه، كنت أحيانا أصدقها، وأحيانا أخرى أشك في نواياها وفي أنها تريد الإيقاع بي فقط». وتضيف: «في إحدى المرات طلبت مني مالا، وقد كان الطلب فرصة سانحة لأقطع علاقتي بها نهائيا». تحدث المحلل النفساني جمال العزاوي عن «المجرم العاطفي» أو «نصاب الأنترنت»، ووصفه بالمجرم الذكي الذي يستطيع التأثير على ضحيته عن بعد. وأضاف: «هو رجل متخصص في اللعب في العالم الافتراضي، ويقوم بدراسة حالة المرأة من أول تعارف، فيقرر كيف سيعاملها وبأي وجه سوف يسيطر عليها، ويتبع معها تكتيكات معينة حتى تبقى في مداره. فبعد أن يتأكد أنها تعلقت به عاطفيا يختفي فجأة حتى تشعر بالقلق والخوف من فقدانه، ثم يعود بمبررات كاذبة لاختبار مدى اشتياقها إليه. وفي المرحلة التي تليها ينقل العلاقة إلى عالم الواقع ليستغلها إما ماديا أو جنسيا، حسب هدفه». واكتشاف المرأة للحقيقة بعد أن يخلع نصاب الأنترنت قناعه قد يعرضها لصدمة نفسية أو اكتئاب تفاعلي أو فزع وهلع واضطرابات في النوم وفقدان الشهية وإهمال واجباتها الأسرية والوظيفية. وقد ساهمت بعض المسلسلات والأفلام في تشجيع الشباب والشابات -خاصة في مرحلة المراهقة التي تتسم بحب المغامرة والاندفاع بدون وعي- على اقتحام عالم الحب والعشق، مقلدين بذلك ما يشاهدونه على شاشات التلفاز، وهو ما دعا المختصين إلى تحذير الأسر وتوعيتهم بضرورة الانتباه إلى أبنائهم، وإرشادهم إلى الطريقة المثلى للتعامل مع «الأنترنت»!
التحول كاد يكون حقيقيا! فجأة صار اسمها الحقيقي غريبا عنها... بعد جلسات دردشة ليلية، وجدت رجاء نفسها مهددة بالتحول الفعلي، فقد صار اسمها المذكر، الذي اختارته في البداية لنفسها من أجل التسلية، الأقرب إليها... صارت متعايشة معه، وتقبل أن ينادى عليها به دون أي حرج! أكثر من ذلك، صار إقبالها على حسابها المزور أكثر بكثير من مرورها السريع على حسابها الحقيقي الأنثوي... صارت تعشق تهافت النساء على «رجولتها» المصطنعة، ورسائل الصباح الحميمية، والأحاديث الليلية الخافتة... تقول: «في لحظة معينة أدركت أن الأمر صار خطرا فعليا، وأن التراجع إلى الوراء صار ضروريا قبل فوات الآن... فالأمر بدأ كمزحة، لكن تأثيره صار كبيرا إلى درجة أنني كدت أنسى هويتي الحقيقية... وقررت أن أوقف كل شيء». وزادت: «أنا توقفت، ووضعت حدا لتجربتي التي اكتشفت فيها الشيء الكثير، لكن الأكيد أن الأطراف الأخرى، أي الغنائم، مازلن يبحثن عن فارس جديد باسم جديد».