يقدم محمد الساسي، القيادي في فيدرالية اليسار، نقدا لاذعا لتجربة بنكيران الحكومية، ويعتبر أن الرجل الذي خرج بعد خمس سنوات ليشتكي من التحكم، لم يقم بشيء لمحاربته، إلا في الحالات التي اشتغل هذا التحكم ضده وضد حزبه. دشنت فيدرالية اليسار الديمقراطي مشاركة واسعة في انتخابات 7 أكتوبر بتغطية معظم الدوائر، لماذا هذه المشاركة اليوم بعد مقاطعتكم انتخابات 25 نونبر 2011 التي تزامنت مع الحَراك العربي، وما الذي تغير بعد خمس سنوات على تطبيق دستور 2011؟ التوجه السائد، داخل الفيدرالية، ينطلق من كون المشاركة هي الأصل، ولهذا شاركنا في انتخابات 2007 و2009، والمقاطعة هي استثناء يأتي في ظروف خاصة جدا، وقد عشنا بعد انبثاق حركة 20 فبراير ظروفا خاصة. الحزبان اللذان قاطعا انتخابات 2011، ربما، اعتبرا أن المشاركة ستكون بمثابة خيانة لحركة 20 فبراير، ولكنها كانت مقاطعة من داخل منطق المشاركة أي أن الهدف منها هو الضغط لتوفير شروط أحسن للمشاركة، واعتقدنا أن حَراك الشارع قادر على إيصالنا إلى انتخابات مُؤَسِّسَةٍ للانتقال، واعتبرنا أن الشارع أصبح حلبة مركزية للنضال هَمَّشَت الحلبات الأخرى، مؤقتًا، في انتظار إعادة هيكلة المجال الانتخابي بصورة جذرية. لسنا نادمين على كوننا وضعنا كل بيضنا في سلة حركة 20 فبراير، وفي 2015 استأنفنا مسيرة المشاركة ونحن ندرك أننا لسنا في ديمقراطية، بل في هامش ديمقراطي يمكن أن يسمح لنا بتطوير التيار الديمقراطي في المجتمع. ستستمر علاقتنا بالشارع وبالحركات الاجتماعية والنضالات المطلبية وسنعمل على أن يكون لها صوت في المؤسسات، حتى تعكس هذه الأخيرة بعضًا من مطالب وطموحات الساحة الجماهيرية وحتى تنجح هذه الساحة في الاستفادة من وجود من يعبر عنها ويدعمها من داخل مجلس النواب. ما الذي يميز الحملات الانتخابية للفيدرالية عن بقية الأحزاب الأخرى؟ بالنسبة إلى ظروف سير الحملة، سبق لمنظمات حقوقية ذات مصداقية أن رَتَّبَتْ الحملة الانتخابية السابقة لفيدرالية اليسار الديمقراطي. كأنظف حملة مقارنة بالأحزاب الأخرى، أما بالنسبة إلى الخطاب، فجل الأحزاب تشارك في عرض برامجها وأرقامها في التلفزيون وفي اللقاءات التواصلية بشكل أشبه بخدعة سينمائية، إذ لا تقول الأحزاب كيف تستطيع تطبيق تلك "البرامج". القضية المطروحة في المغرب هي أن يصبح البرنامج برنامجًا، وأن نضمن وحدة البرنامج وأن تكون للحكومة وسائل تنفيذ برنامجها وأن يمثل وثيقة مرجعية وحيدة ملزمة للدولة كلها. في المغرب، تجد الحكومة نفسها أمام : 1- الأوراش الكبرى 2- المخططات القطاعية 3- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 4- التزامات المغرب مع المؤسسات المالية الدولية، وسيكون على الحكومة أن تتحرك في هامش ضيق وتدبر الندرة. وفي النهاية سيخرج رئيس الحكومة، بعد التعيين، ليقول إن برنامجه هو برنامج الملك. المطلوب ليس فقط، أن نضع إجراءات وأرقام ونقول للمواطنين: هذا برنامجنا، بينما نحن نعلم بوجود ما يمكن تسميته ببرنامج الدولة القار، المطلوب هو أن نغير هذا الوضع حتى يصبح لتقديم البرنامج معنى، وإلا فإننا سنستمر في وضع تكونُ فيه للأحزاب "الفائزة" برامج ذات طابع استئناسي فقط. فيدرالية اليسار الديمقراطي تتميز بالربط بين الشق الاقتصادي والاجتماعي، في البرنامج، والشق المؤسسي والسياسي، وكل حزب لا ينطلق من هذا الربط إنما يساهم في تزكية الخدعة السينمائية المشار إليها. هناك إصلاحات ضرورية لكي نتمكن من إعادة الاعتبار للبرنامج. هل سجلتم أي خروقات انتخابية؟ الخروقات متعددة وتشمل مراحل مختلفة من المسلسل الانتخابي، لكن حزب العدالة والتنمية لا يهتم إلا بالخروقات التي تقع في مواجهته وتحاول إضعافه، والباقي لا يهمه ولا يُسمى، في عرفه، خرقًا. الحزب لم يخض أية معركة جدية من أجل محاربة الفساد الانتخابي أو ضمان موضوعية التقطيع، أو استيعاب الأحزاب المبعدة، أو التسجيل التلقائي في اللوائح، أو إشراف هيئة مستقلة على الانتخابات. لا مشكل، عنده، أن تظل الأوضاع كما هي عليه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مادام يحصل على المرتبة الأولى. ما وقع، مثلاً، لمناضلي حزب البديل الديمقراطي، يمثل فضيحة من العيار الثقيل، لقد أُبطل التأسيس القانوني للحزب، ثم حِيل بين المؤسسين وبين استكمال وثائق الملف القانوني بشكل غاية في التعسف. ومن جهة أخرى، يلاحظ، أيضًا، أن حزب بنكيران يرد على الوسائل المستعملة ضده باستعمال وسائل لا تختلف كثيراً عن الأولى. وهذا يُسقطه في الفخ، فهو، أيضًا، أصبح يعتبر هدف احتلاله المرتبة الأولى مسوغاً لركوب كل السبل للرد على خصومه، فيرشح أسماء يعلم علم اليقين أن قبولها للترشيح باسمه لم تمله القناعة، بل تداعيات الصراع داخل أحزابها الأصلية. ما معنى أن يجلس رئيس الحكومة الذي يُفترض أن يكون الأحرص على القانون، بجانب مرشح للعدالة والتنمية مازال حتى تلك اللحظة يمارس مهامه كرئيس لحزب آخر؟ وما معنى أن تتم استعارة مرشحين من أحزاب إدارية معروفة باستعمال وسائل منتقدة من حزب العدالة والتنمية أو في سياق يحمل شبهة تبادل للمنافع؟ يتبع ….