رغم مرور أزيد من 3 أشهر على تقديمها إلى رئيس الحكومة، لم يتلق أي مسؤول ببنك المغرب وجمعية البنوك والاتحاد العام لمقاولات المغرب، أي جواب عن المذكرة الثلاثية التي تتضمن سلسلة من الإجراءات الاستعجالية، والتي تهدف الإجابة عن المشاكل التي تعيق حصول المقاولات على القروض البنكية، ما يؤدي بكثير منها إلى صعوبات كبيرة تصل حد الإفلاس. وكشف محمد الكتاني، الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفا بنك، في ندوته الأخيرة أنه إلى حدود الآن لم يتلق أي من الأطراف الثلاثة ردا من رئيس الحكومة ولا من فريقه، علما أن الولاية الحكومية شارفت على الانتهاء. وكانت المذكرة الثلاثية، أثارت حين بعثها لرئيس الحكومة الكثير من اللغط، وبشكل خاص بسبب توقيتها ومضامينها التي اعتبرت من أطراف حكومية محاولة ضغط من طرف الباطرونا على الحكومة. فضلا عن الجدل، الذي أثاره مشاركة بنك المغرب في صياغتها بمبرر انه مؤسسة يفترض فيها الحياد، وهو ما دفع عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إلى المسارعة في نفي الاتهامات والتأكيد على مبدأ الحياد الذي طبع من يقفون وراءها ورغبتهم في تقديم تصور يمكن من دعم المقاولات وإعادة الروح إلى عجلات الاقتصاد الذي يشهد ركودا غير مسبوق. وترتكز المذكرة المرتقب الكشف عن مضامينها، على خمسة إجراءات رئيسية ترى المؤسسات الثلاث التي ساهمت في بلورتها بأنها كفيلة بتجاوز حالة الجمود المسجلة، والتي استمرت منذ مدة، وكانت محور العديد من الاجتماعات منذ بداية السنة الجارية، وهي الاجتماعات التي تنظم موازاة مع عدد من الإجراءات التي اعتمدت من طرف بنك المغرب، خاصة تخفيض معدل الفائدة الرئيسي للقروض الممنوحة للبنوك بهدف حثها على تيسير ولوج المقاولات إلى القروض. ومن ضمن الإجراءات التي تقدمها المذكرة تخص ضبط الاستراتيجيات القطاعية، إذ خلص التحليل المنجز إلى وجود تأثير لتعدد الاستراتيجيات القطاعية المعتمدة من طرف الدولة على الاقتصاد الوطني، وهذا يتطلب اعتماد مجموعة من الإصلاحات والتعديلات لتحسين أداء هذه السياسات بهدف الاستفادة أكثر من الجهود المبذولة على مستوى الاستثمار. إجراء آخر يهم تخفيف الأعباء المالية للمقاولات، تتضمنه المذكرة ويتطلب هذا الإجراء إيجاد حلول لمشكل أساسي يتعلق بتأخر آجال الأداء الذي يؤثر على أداء المقاولات ويحد من إمكانيات استثمارها، وبالتالي يحول دون قدرتها على الولوج إلى التمويلات البنكية. مشكل آجال الأداء كان ضمن الملفات التي ناقشها الجواهري في أكثر من مناسبة مع ممثلي رجال الأعمال وممثلي المجموعة المهنية للبنوك، خاصة مع ارتفاع أصوات أرباب المقاولات المتضررين من تأخير استخلاص الفواتير ما يؤدي بالعديد منها إلى الإفلاس. المذكرة تنص، أيضا، على إيجاد حل للضمانات التي تلزم المقاولات بوضعها للمشاركة في المشاريع العمومية، والتي تبلغ في الغالب 10 في المائة، لكنها لا تسلم في كثير من الحالات عند الحصول على تأشيرة تسليم الأشغال، وهو ما يؤثر على مالية المقاولات، وتقترح المذكرة لتجاوز هذا المشكل الرفع الأوتوماتيكي للضمانة بمجرد التأشير على تسلم المشروع وإلا يتم تبرير الاحتفاظ بمبلغ الضمانة في حالة العكس. على صعيد آخر تقترح المذكرة المساعدة، على استكشاف الفرص في مشاريع الجماعات المحلية، وفضلا عن دعم ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة للمشاريع العمومية، وهي العملية التي باشر بشأنها في وقت سابق الاتحاد العام للمقاولات اتصالات مع الخزينة العامة للمملكة، تقترح المذكرة إجراءات تمكن من دعم مساهمة المؤسسات البنكية في بعض القطاعات التي تمنح فرصا كبيرة، وعدم الاقتصار على دعم صندوق التجهيز الجماعي فقط، كما هو علية الحال اليوم. قطاع الفلاحة كان حاضرا، أيضا، في المذكرة، إذ تقترح فسح مجال أكبر أمام البنوك لولوج مجال التمويل في هذا القطاع الذي يحتل مكانة مهمة في الاقتصاد الوطني، فضلا عن أهمية الأهداف التي سطرها مخطط المغرب الأخضر. مع التأكيد على أن التمويل في القطاع الفلاحي يتم بشكل أساسي من طرف القرض الفلاحي الذي يستفيد من امتيازات تفضيلية، في حين لا تتعدى نسبة التمويلات الفلاحية 2 في المائة من مجموع المبالغ المخصصة من طرف البنوك الأخرى.