كلما اقترب موعد الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر 2016، احتدم الصراع السياسي والانتخابي أكثر. وتزيد الوقائع السياسية والأخلاقية أحيانا من تأجيج ذلك الصراع، بدء بالممارسات الصادرة عن بعض الجهات ضد حزب العدالة والتنمية أساسا، في هذا السياق كان لا بد من الاستماع إلى أحد المفكرين والأنتربولوجيين المغاربة المرموقين، عبد الله حمودي، الذي حاولنا معه في هذا الحوار فهم الخلفيات وتفسير السلوكيات والمواقف وأبعادها الثقافية والسياسية. مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقبلة، سرت توقعات تقول بإمكانية فوز حزب العدالة والتنمية مرة أخرى، هل تتوقع ذلك؟ يصعب علي التوقع، وفيما أقرأ أجد أن التوقعات المنشورة والمعبّر عنها من قبيل التنجيم أكثر منها توقعات مستندة على مؤشرات ملموسة. البعض يستند إلى نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية التي عبرت عن توجه واضح. لكنني بالأساس أظن أن المواقف الفردية في مجتمعنا هي مواقف برغماتية تتغير باستمرار، وقد يؤثر عليها استعمال النفوذ والمال والقرابة وغير ذلك. لاحظنا خلال الأشهر الأخيرة أن وزارة الداخلية تتصرف كفاعل سياسي. ماهي الخطوات والمبادرات التي تقوم بها مثل منع مهرجانات "البيجيدي" وغير ذلك؟ أعتقد أن وزارة الداخلية تندرج لحد الآن ضمن ما يسمى بوزارات السيادة، والتي تتمثل في وزارات الدفاع، والشؤون الدينية، والخارجية، والداخلية. لم تعد "أم الوزارات" كما كانت في عهد البصري مثلا، لكنها تظل وزارة حساسة، وتمتلك رصيدا كبيرا في التدبير والتسيير والضبط. لدي ما يثبت أنها تدخلت في الحياة الخاصة لمناضلين مثل المعطي منجب، وهذا يعني أنها لا زالت تتصرف كما في الماضي. وحينما تُوجه انتقادات لهذه الوزارة بأنها تتمنّع عن نشر النتائج المفصلة حول الانتخابات إلا بشكل متأخر وبعد ضغط، فهذا يعني أن دورها لا زال حاسما في تنظيم وضبط الحياة السياسية. تقصد أن دستور 2011 لم يحدث أي تغيير في ممارساتها؟ ما تغير اليوم هو أن هناك ضغوطات متبادلة بين هذه الوزارة والأحزاب المستقلة في قرارها. اليوم يمكن لحزب العدالة والتنمية مثلا أن ينتقد، وأن يستدعي وزير الداخلية لمحاسبته ومساءلته على خروقات وانتهاكات لحقوق الإنسان. هذا الضغط المتبادل ظاهرة جديدة في الحياة السياسية، رغم ما قلته عن مركزية هذه الوزارة لحد الآن. و أعتقد أن عملية الضغط المتبادل هذه قد تتسع أكثر في المستقبل، وهو تحول مهم. خلال سنوات البصري، لم تكن هناك أحزاب كثيرة تتبنى برامج مختلفة عما تريده وزارة الداخلية، وتشارك في الانتخابات ثم تلج البرلمان وتشارك في الحكومة. اليوم هناك أحزاب لها برامج مستقلة، ولها حضور وازن في الساحة السياسية، وهو أمر جديد نوعا ما. إذن نحن أمام لعبة جديدة، ربما لم تنجح وزارة الداخلية في التكيف معها لحد الآن. لعبة فيها أحزاب مستقلة في القرار، ولها قاعدة شعبية. ويظهر أن وزارة الداخلية بمضمونها القديم لم تستوعب بعد هذا التحول، وإذا فقدت القدرة على التكيف مع الواقع الجديد ستخسر. تتوقع أن تنهزم وزارة الداخلية أمام تنامي قوة الرأي العام وتزايد الأحزاب المستقلة في قرارها؟ لنتصور أن موجة جديدة من الاحتجاجات اندلعت، وتجرأت الفئات التي تحس بالظلم على التجمهر في الشارع العام، ما معنى أن تنهزم وزارة الداخلية؟ معناه أن تعود هذه الوزارة إلى الأساليب القديمة لفض الاحتجاجات السياسية. الهزيمة أن الوسائل التقليدية التي كانت وزارة الداخلية تستعملها في طور الانقراض، وإذا لم تتكيف وزارة الداخلية مع الواقع الجديد الذي يتشكل من أحزاب مثل العدالة والتنمية وفئات ليبرالية ديمقراطية، ستنهزم، بمعنى أن عملها سيَفقد مشروعيته تماما. البعض تغريه كلمة "استقطاب" لتفسير حدة الصراع بين "البام" و"البيجيدي" هل نحن فعلا إزاء قطبية حزبية تشبه المنطق الضدي الذي كان بين القصر والأحزاب الوطنية في السابق؟ المنطق الضدي ربما موجود، لكن المغزى منه تغيّر ولم يعد هو نفسه كما كان بين الكتلة الديمقراطية والقصر. اليوم هناك ظرفية جديدة، فيها أحزاب قامت بعملية تجذير لنفسها في المجتمع، وحزب العدالة والتنمية نموذج في هذا السياق. هناك أحزاب فشلت في إعادة تجذير نفسها داخل المجتمع مثل الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، لكن هناك أحزاب إدارية ورغم ذلك تجذرت وسط فئات لها ثقل سياسي واقتصادي، مثل حزب التجمع الوطني للأحرار. هناك أحزاب مثل الحركة الشعبية والاستقلال لم تفقد عمقها الاجتماعي والشعبي رغم التحولات التي طرأت على النسق السياسي. إعادة التجذر وسط الشعب جاءت في إطار إعادة هيكلة الفضاء السياسي، حيث كل حزب يدافع عن مصالحه بكل قوة. إذن كيف يمكن أن نقرأ حدة الصراع السياسي الحالي؟ أرى أنه إيجابي ودال، قد يؤدي إلى توسيع الفكر الديمقراطي وسط الأحزاب المتجذرة في المجتمع. مثلا حزب العدالة والتنمية الذي يقدم نفسه على أنه زعيم القطب الديمقراطي ربما سينجح أكثر إن هو قبل مفهوما جديدا للحريات الفردية والجماعية. وعندما نسمع بنكيران يقول إن المسيحيين واليهود والمسلمين إخوة لأن أباهم واحد هو آدم، أتفاءل أكثر بمزيد من الديمقراطية، بل وتعميقها داخل هذا القطب الديمقراطي نفسه. لكني أحذر من الشعبوية، لأنها إن هيمنت، لن يبقى سوى التحكم والتحكم الآخر فقط. وفي الأحزاب الطارئة مثل "البام" أنا لا أعرفهم، ولا أعرف كيف يسيّرون أنفسهم، ما أعرفه هو القطب الذي يدفع نحو تغيير جوانب مهمة في النظام السياسي. إني أنتقد بنكيران لأني آمل أن تتعمق الديمقراطية أكثر داخل القطب الذي يتزعمه. هل يمكن أن نؤطر الصراع الحالي بأنه صراع حداثة ضد تقليد؟ هذا تبسيط مختزل. مثلا عندما أنظر إلى حزب الأصالة والمعاصرة أجد بعض التقنيات الحديثة في التسيير والتنظيم، لكن على مستوى المشروع الذي يحمله هذا الحزب لا أجد منبع الحداثة، أي المشروعية السياسية التي منبعها الشعب، بل أجد لديهم نظام الولاء. شخصيا لست ضد نظام الولاء، لكني أقبل به في إطار الملكية البرلمانية. ولا أجد مؤشرات داخل هذا الحزب (البام) تؤكد لي أنهم بصدد الانتقال من منطق نظام الولاء إلى منطق النظرية العصرية لمشروعية الحكم. طبعا، في نظام الولاء هناك الملكية كمركز، وهناك أيضا القبيلة والبيعة وحتى الأحزاب التي تعطي صبغة شعبية للحكم، لكني شخصيا مع الصبغة الشعبية التي مصدرها الانتخابات في الحكم، حيث السلطة بيد المؤسسات المنتخبة، وتكون فيها الملكية برلمانية. إذن هذا التصور الحداثي للحكم لا أجده لدى حزب الأصالة والمعاصرة، وأطمح أن أجده لدى أحزاب أخرى، خصوصا عند العدالة والتنمية وبالأخص إذا تخلى عن أسطورة الإرادة الدينية للشعب في فرض بعض مواقفه. هناك من يقول إن بعض الأحزاب مجرد صدى لقوى داخل الدولة، وأن الصراع الحزبي استمرار لصراعات داخل أجهزة الدولة؟ لايمكن أن نقول بهذا. لا يمكن مثلا أن نقول إن حزب العدالة والتنمية مجرد صدى لجهات في الحكم، فهو قوة مستقلة عما يسمى بالدولة العميقة. ربما يُقال مثل هذا الكلام عن حزب الأصالة والمعاصرة، وهذه هي أطروحة بنكيران حول التحكم. شخصيا لا أفنّد هذه الأطروحة، لكني أقول إن الدولة لديها أجهزة ظاهرة وأجهزة عميقة، والعلاقة بينهما لا أعرفها. طبعا الكل يعرف أن حزب الأصالة والمعاصرة تأسس على يد رجل قوي في الدولة، لأنه كان صاحب تأثير في وزارة الداخلية، لكن هل هناك علاقة بين هذا الحزب والأجهزة العميقة؟ شخصيا ليست لدي مؤشرات على ذلك. لو كنت فاعلا سياسيا ربما يكون لدي رأي آخر. لكن هناك ملاحظة سبق أن أدلى بها الأستاذ حسن طارق ل"أخبار اليوم" حول اللحظة السياسية الحالية، حيث إن الأحزاب كلها تناست البرامج وعرضها على الناخب، وهذا أمر مخيف ولا يبعث على التفاؤل. هل تفسّر احتدام الصراع السياسي بأهمية الانتخابات التشريعية المقبلة؟ نعم، أظن أن أهمية تلك الانتخابات ستكون كبيرة، بسبب أن الصراع السياسي يدور بين نظريتين: نظرية يدافع عنها حزب الأصالة والمعاصرة، ويزعم من خلالها أن الحداثة والليبرالية مهددة من قبل حزب العدالة والتنمية، وهذا التخوف يبدو لي في جزء منه مشروع خصوصا ما يتعلق بالمسّ بالحريات الفردية. لكن عن أية ليبرالية يتحدث "البام"؟ في تقديري إن حزب الأصالة والمعاصرة يدافع عن "ليبرالية طبقية" لتستفيد منها فئات معينة على حساب باقي المغاربة، وهذا يقلقني شخصيا. بالمقابل، يدافع حزب العدالة والتنمية عن أطروحة الديمقراطية، لكن هناك تصريحات ومواقف تجعلني أقول إنها ديمقراطية لا تؤمن بالاختلاف، وبالتحديد بالحريات الفردية كما أؤمن بها. إني ضد "ليبرالية المصالح المتوحشة" كما يسعى إليها حزب الأصالة والمعاصرة، وضد الديمقراطية مع الوصاية على القيم كما ألاحظ ذلك في سلوك ومواقف حزب العدالة والتنمية. ومع ذلك فأنت متفائل بمجريات الصراع الحالي؟ أتوقع أن يؤدي احتدام الصراع السياسي إلى ما أسمّه ب"التنافس الإيجابي"، لأنه صراع يؤدي إلى الوضوح الكافي لدى الرأي العام حول المشاريع السياسية المتنافسة. وآمل أن يتمخض عن هذا الصراع توسيع مساحة الديمقراطية، بل إلى تعميق الفكر الديمقراطي داخل الأحزاب المتنافسة، بحيث تتسع الليبرالية عند "البام" لتشمل الشعب وليس فئات طبقية معينة، وأن تتسع الأطروحة الديمقراطية عند "البيجيدي" لكي تقبل بالقيم والقيم المخالفة. في سياق أسميته ب"الضغط والضغط المضاد"، هل الملكية محايدة؟ الملكية جزء من التشكيلة السياسية والاقتصادية، وعلينا أن نعرف ونفهم أهدافها. انطلاقا من هزة 20 فبراير، لاحظنا أن الملكية تفاعلت مع الاحتجاجات، وتبّنت دستور 2011 الذي يتكلم بلغتين مزدوجتين، والذي جاء بنصف إصلاح ديمقراطي أيضا. في هذا السياق أتوقع أن دورها حاسم في عملية الإصلاح تلك. لكني، كمحلل، أرى أنها لا تحسم في مثل هذه الازدواجية. لكن حينما يقول الملك إن الحزب الوحيد الذي ينتمي إليه هو حزب المغرب، ألا يعني ذلك أنه يضع الملكية فوق الصراع السياسي؟ كلام الملك متوافق عليه بين أغلب الأحزاب السياسية. قد يكون لدي أنا أو أنت رأي مخالف، لكن جميع الأحزاب تقول إن الملكية توجد خارج الصراع السياسي والانتخابي. وبما أن هذا التوافق حاصل، فليس هناك مانع من أن يقول الملك إن الحزب الوحيد الذي ينتمي إليه هو حزب المغرب، وبالتالي فهو خارج الصراع السياسي بين الأحزاب. هل هذا صحيح علميا؟، في كتابي "الشيخ والمريد" قلت إن الملك الحسن الثاني توفر على رصيد كبير من القوة، السياسية والاقتصادية والعسكرية، التي تجعل منه حكَما، لكنها تجعله قادرا على التحكم كذلك. هل هو الواقع نفسه مع الملك محمد السادس؟ الواقع السياسي هو ما تعارف عليه الفاعلون. كمحلل يمكنني القول إن الملكية تعتبر قطبا كبيرا وقويا في المغرب، ولا بد أن يكون لها تأثير على الفاعلين في الحقل السياسي أو الاقتصادي وغير ذلك. لكن على مستوى الخطاب، فالملكية تقول إنها فوق الأحزاب، وبالتالي لا دخل لها في الصراع السياسي، والأحزاب تعترف بذلك. ولا أحد من الأحزاب يقول إن الملكية قطب سياسي مؤثر، بل يقولون إن الملكية قطب سياسي حَكم. رأيي أن الملكية كانت دائما حكما، لكنها حكما من نوع خاص، لديه كل الوسائل وأدوات للتأثير في الحقل السياسي. ورد في الخطاب الملكي لعيد العرش كذلك عبارة أكدت في نظر البعض وجود غضب ملكي على بنكيران، كأنتروبولوجي ما دلالة الحديث عن غضب ملكي تجاه رئيس الحكومة؟ ليس لدي معطيات مؤكدة حول وجود غضبة ملكية، لأنه ليس لدي اتصال بالملك أو حاشيته كي أعرف صحة هذا المعطى. يمكنني القول إن هناك إشاعة غضب تستعمل من قبل الفرقاء السياسيين ضد بعضهم البعض. ومن يروج هذه الإشاعة المتمثلة في وجود غضبة ملكية ضد بنكيران، فهو يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية. إذا كان حزب الأصالة والمعاصرة مثلا هو من يروّج هذه الإشاعة فهو يسعى من وراء ذلك إلى تسجيل نقاط سياسية ضد بنكيران . – أنتروبولوجيا كيف تفهم عبارة "غضبة ملكية"؟ أنتربولوجيا هذا كان موجودا في بعض جوانب الثقافة المغربية، وإن كانت تتلاشى حاليا. فحين يغضب السلطان على قبيلة معينة لسبب ما، ويسمونهم "مساخيط السلطان"، وبذلك يتم عزلهم عن بقية القبائل، وربما تم تأديبهم بواسطة الجيش الملكي، كما أن الناس كانوا يعتقدون أن القبيلة المغضوب عليها من قبل السلطان قد ينزل بها البلاء أو المصائب ب"جاه السلطان". في مقابل الغضب الملكي، هناك مفهوم "الرضى الملكي"، وهذا مستمر لحد الآن كذلك ومنتشر في الممارسة وفي الفكر، ومن آلياتها "وسام الرضى"، أو خطاب يعبّر فيه الملك عن رضاه على خدام الدولة، أو وزراء ورجال السلطة. لكن هذا ليس من اختراع الملكية فقط، بل يستثمر فيه السياسيون كذلك، من الذين يسعون إلى الرضى الملكي لاستعماله كرأسمال سياسي. – هناك من قرأ في الخطاب الملكي لعيد العرش بأنه حكم بالفشل على تجربة بناء الثقة بين الإسلاميين والقصر؟ لا أظن ذلك. لكن بعض ما جاء في الخطاب الملكي من وجود من يستدر عطف الشعب باستغلال عواطفه، ربما يقصد من ورائها بنكيران، الذي يروّج خطابا يخلط بين السياسة والدين، أسمّيه خطاب "العين الحولة"، فهو حين يتكلم في السياسة لا بد وأن يغمز في الدين، وحين يتحدث في الدين فهو يغمز في السياسة. وهذا الخلط مزعج، لكن من خلال قراءتي للمواقف، ألاحظ أن بنكيران حين ينتقد التحكم، أي القمع والتسلط، فلا يمكنني سوى تأييده، لكن حين تطرح قضايا للنقاش مثل إصلاح نظام الإرث نجده هو نفسه يتحول إلى ممارسة ما أسمّيه "التحكم الآخر"، يهدد باللجوء إلى الشعب لإغلاق النقاش في قضية كبيرة المطلوب أن يُحسم فيها القول من قبل العلماء في التخصصات الاجتماعية والفقهية والإنسانية. هذا "التحكم الآخر" في تصريحات بنكيران يزعجني شخصيا. – ماذا تقصد بالتحكم الآخر؟ أرى أن لدينا في الساحة تحكم من نوعين: الأول هو التحكم بواسطة الأجهزة، وهو الذي يشتكي منه بنكيران أساسا. أما النوع الثاني، فهو التهديد بالرجوع إلى الشعب في مسائل قانونية لها صلة بالدين والشريعة، مع أن تلك المسائل تتطلب إعمال العقل والفكر، وهي من اختصاص علماء الدين وعلماء الحقول المعرفية الأخرى كالاجتماع والقانون والاقتصاد وغيره. إنني أؤكد أن الدين لم ينتشر بالاستفتاء حتى نعود إلى المساطر الديمقراطية بشأنه. هذا النوع الثاني من التحكم، أقول إن بنكيران يلجأ إليه، وأملي هو أن نتفادى ذلك في اتجاه التوافق الديمقراطي. – خلال خمس السنوات الماضية، هل ترى أننا تقدمنا نحو ربح مساحات جديدة لصالح الديمقراطية؟ نعم، لقد حقق المغرب تقدما على درب الديمقراطية، بسبب أن الضغط والضغط المضاد أصبح مكتسبا وشيئا جديدا لم يكن من قبل. صحيح أن الأحزاب المستقلة لم تصل بعد إلى التأثير وتسيير البنيات الحساسة في البلاد مثل الاقتصاد والأمن، وهذا لأنها لم تدخل بعد لتلك المجالات أو البنيات. لكن مع الضغط والضغط المضاد، ومع الوقت، قد نتقدم نحو تدبير وتسيير المصالح الكبرى للبلاد من قبل أيادي منتخبة. – أين اليسار وسط كل هذا الصراع؟ اليسار كأحزاب ضعيف، لكن اليسار كحساسية في المجتمع له تأثير ودور كبير. هناك فئات واسعة ذات خلفية يسارية ديمقراطية، تخلت عن السياسة وتحولت إلى الاشتغال في الثقافة والعلم أو في قطاع المال والأعمال أو في المجتمع المدني، وموجودة كذلك في وسط الشباب، وهاته الفئات قد يكون لها دور كبير في المستقبل، وربما تمثل بديلا حقيقيا للأحزاب الحالية المتجذرة في المجتمع في حال ارتكبت أخطاء قاتلة على حساب الديمقراطية.