بقلم: محمد بالدوان سبحان مبدل الأحوال، إلى وقت قريب كان سلفيو المغرب مصدر إزعاج وقلق، ومظنة إرهاب ورجعية وتطرف، وسجناؤهم ليسوا أهلا للحوار ولا يسحقون العفو، ومدارسهم القرآنية استبيحت بالإغلاق، وأنشطتهم ووجهت بالمنع. أما اليوم فصارت تشد إليهم الرحال، وتعقد بهم اللقاءات وتنظم لهم الندوات. فما الذي دعا القوى السياسية إلى الاهتمام بالتيار السلفي؟ وهل لاستمالته إلى حزب ما خطوة حسم في انتخابات 7 أكتوبر 2016؟ وما احتمالات سلوكه الانتخابي إبان هذه الانتخابات التشريعية؟ يرجع الفضل إلى انفتاح التيار السلفي على العمل السياسي العصري إلى القوى الوطنية التي اختارت نهج الحوار لاستيعاب القوى السلفية المؤمنة بالعنف بشتى ألوانه سبيلا للتغيير، لكن لا يمكن أن نهمل فضل ماكينة الحداثة وعظمتها وبراعتها في صهر كل القوى وإسالتها في قوالب وأنساق المجتمع الحداثي. لكن تزايد اهتمام جل الأحزاب السياسية بالتيار السلفي نابع من طبيعة المجتمع المغربي المحافظ، فكل شيء يحيل إلى المحافظة سيكون محط تنافس واستقطاب بين الأحزاب السياسية. وعلى العموم، فإن التيار السلفي قريب من ناحية المرجعية العامة من حزب العدالة والتنمية، ولكن ذلك لم يمنع السلفيين من الانخراط في أحزاب سياسية أخرى، إذ أن لكل شخصية سلفية تطلعاتها وطموحاتها وموقفها من التجربة الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي. وإذا ما استحضرنا اصطفافات أهم الشخصيات السلفية، يمكن التنبؤ بالسلوك الانتخابي للتيار السلفي. فحماد القباج قَبِل عرض ترشحه باسم العدالة والتنمية بمراكش أكبر المدن المغربية، ولا شك في أن ترشحه سيكون له إشعاع على الصعيد الوطني. أما الشيخ السلفي محمد الفيزازي فحسب تصريحه يوم 30 غشت 2016، رفض عرض الأحزاب الوطنية الكبرى التي دعته إلى الترشح باسمها، ولكن في نفس الآن استغرب الحملة التي تُشن ضد القباج. أما عبد الوهاب رفيقي، فقد قَبِل منذ وقت مضى عرض حزب النهضة والفضيلة ذي التوجه الإسلامي والفاقد للتمثيلية بالبرلمان المغربي، وانخرط فيه بُعيد خروجه من السجن. لكن انخراطه في عمل إعلامي يقوده رموز حزب الأصالة والمعاصرة، وتصريحه الترشح باسم حزب الاستقلال بفاس، فضلا عن تغييره الزي السلفي، يشوش على وضوحه السياسي، وبالتالي على شعبيته، ويضعف من تأثيره في السلوك الانتخابي للسلفيين. أما عبد الكريم الشاذلي الذي اختار بعد خروجه من السجن حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية ذا التمثيلية الضعيفة في البرلمان (مقعدان)، فلا زال يدرس ترشحه بالدار البيضاء، وهو لا يملك الرمزية والامتداد الكافيين للتأثير على السلفيين. بناء على المعطيات أعلاه، فإن بقاء شخصيتين سلفيتين تمتازان بصيتهما الوطني، من حجم القباج مرشحا لحزب العدالة والتنمية ومحمد الفيزازي الجانح إلى الحياد، والواقف بمسافة قريبة من العدالة والتنمية، قريبين من العدالة والتنمية، واتخاذ عمر الحدوشي والكتاني مسافة من الأحزاب السياسية، وتأرجح باقي الشخصيات كالمغراوي بين مواقف وتيارات مختلفة أو ارتباطها بأحزاب ضعيفة، لا شك في أنه سيشتت الكتلة الناخبة السلفية بمراكش وعلى الصعيد الوطني، وإن كان الأرجح ظفر العدالة والتنمية بأكبر عدد من الأصوات منها. غير أن الفاعل السلفي لا يرقى إلى أن يكون ورقة الحسم في تشريعيات 7 أكتوبر إذا استحضرنا انحصار أنصاره في ربوع الوطن ومحدودية أنشطته الاجتماعية. ولذلك تبقى ورقة الحسم، لحصد أكبر عدد من مقاعد مجلس النواب المغربي والظفر برئاسة الحكومة، في الوصول إلى كل الفئات والأطياف الاجتماعية؛ من شباب، جمعيات، رجال أعمال مثقفين، سياسيين… فضلا عن قوة الفكرة والدافع الذي يؤطر الأحزاب السياسية. إن استقطاب أمين عام سابق لحزب سياسي إلى لوائح ترشيح حزب يقود الحكومة، وتلقي بعض رجال الأعمال تهديدات إذا ترشح بقوائم الحزب الحاكم، لدلالات قوية عمن سيتصدر تشريعيات 07 أكتوبر 2016.