تعرف المغاربة على الكوميدي باسو سنة 2009 لحظة ظهوره ببرنامج «كوميديا شو» على القناة الأولى، ومنذ ذلك الحين بدأ هذا الشاب القادم من الجنوب الشرقي، وبالضبط من دوار «تكموت» بإقليم زاكورة، يشق طريقه في عالم الكوميديا بثبات، وذهب بعيدا في المجال. «اليوم24» التقت الكوميدي باسو فكان معه الحوار الآتي: ما الذي يميز الجيل الجديد من الفكاهيين عن الجيل القديم؟ الجيل الجديد، بكل صراحة، يعرف كيف يتعامل مع الجمهور ومتطلباته، فالشباب المغربي أصبح يفهم الكوميديا، وللتواصل معه لا بد من فهم ما يشغل باله، والحراك الذي يقع داخل مخيلته، ففي ظل التقدم التكنولوجي الحاصل، توجد بكثرة قنوات رقمية على اليوتوب وإنستغرام والفايسبوك، وهي وسائل تتيح للكوميدي سرعة نشر أعماله، بعكس الجيل السابق الذي كان يعتمد على التلفزة والإذاعة والسهرات العمومية القليلة، وبالرغم من ذلك يجب ألا ننسى فضل الجيل السابق وما قدمه لميدان الفكاهة المغربية، فهم أساتذتنا ومنهم تعلمنا الكثير، ونحن اليوم كشباب امتداد لهم، وقد ضحكنا لساعات مع إبداعاتهم، ولا يمكن إنكار تضحياتهم في سبيل الرقي بالكوميديا المغربية، وأضيف نقطة بسيطة حول هذا السؤال أن جيل اليوم يتواصل بشكل جيد مع الجمهور لأنه واكب التطور، ويساير زمانه، ويصعب على الجيل السابق أن يتواصل مع الشباب الحالي الذي يسير بسرعة كبيرة يصعب فهم ميكانيزماتها، وحتى المواضيع التي تضحكه وتنال إعجابه فهي في حد ذاتها «مشكلة» قبل أن تكون طريقة لنزع البسمة من شفاه جمهور الشباب. باسو قبل الشهرة؟ أنا من مواليد دوار تامكروت بإقليم زاكورة، بها تلقيت تعليمي الأول، وانتقلت بعدها إلى أكادير والتحقت بجامعة ابن زهر وتخصصت في اللغة الإنجليزية، بعدها حصلت على الماستر وسجلت الدكتوراة تحت عنوان: «الكوميديا الواقفة.. دراسة مقارنة بين أمريكا والمغرب»، قبل الشهرة كنت كأي مواطن عادي. شاب أسمر ينحدر من الجنوب الشرقي (وما أدراك ما الجنوب الشرقي). كان لدي الكثير من الطموح، وانتقالي إلى الدارالبيضاء ومشاركتي في برنامج كوميديا شو قلب حياتي رأسا على عقب، والجمهور حقيقة هو الذي صنع باسو. أنت بصدد إعداد عمل جديد. حدثنا عنه؟ أشتغل على إنجاز مجموعة من الإشهارات مع شركات خاصة خلال هذه الفترة الصيفية، واليوم نعمل في إطار خلية كتابة مع مجموعة من الكوميديين الشباب: طاليس، يسار، رشيد، رفيق، وأيوب، ونشتغل على إعداد عمل فكاهي لرمضان المقبل في التلفزة والراديو، وسنكون حاضرين في الإعلام المرئي والسمعي المغربي خلال رمضان المقبل، ونتمنى أن نكون خفيفي الظل على المغاربة داخل بيوتهم. ما سر نجاحك في الكوميديا؟ وما مصدر موهبتك ؟ أقول دائما إن سر النجاح أن تحدد طريقك وأهدافك منذ البداية، فطموحاتي كانت كبيرة جدا، وكنت دائما لا أحب البكاء على الأطلال، ولا أشتكي حظي العاثر الذي صادفني كثيرا في محطات من حياتي، ولا أحب الخطاب التشاؤمي، ومن بين نقاط القوة في حياتي أنني أشتغل في صمت، وأحاول أن أواكب حراك المجتمع، وأنظر بعين النقد، فأرى كيف يتنفس ويتحرك المغاربة في الشارع وسط العائلة والأسرة الصغيرة والفضاءات العمومية، وما يقع داخل البلد، وأحاول التعليق على كل هذه الأمور بطريقة كوميدية، وأنقل إحساس وهم المواطن، وفي بعض الأحيان أشتغل على المواطن نفسه. وبخصوص سر النجاح فهذه لغة كبيرة على باسو، فمواضيعي آنية وبسيطة ويعيشها المواطن المغربي. أحب التجديد في أعمالي، وأحاول أن يكون شكلي مغايرا في كل عرض أقدمه، وربما هذا هو مصدر القوة. الشهرة في عالم الكوميديا هل أتت بالصدفة؟ في الحقيقة هي صدفة في جزء منها، ولكن حلمي الذي راودني منذ طفولتي وهو أن أظهر على شاشة التلفزة، وأنا أقطن في منطقة يصعب علينا التقاطها بالهوائي حينها، وكذلك حبي الكبير للخشبة وإضحاك الناس، وخلق الابتسامة في جميع الملتقيات التي أكون حاضرا فيها، كلها عوامل أسهمت في جعلي أتحين الفرصة، وفعلا تحقق الأمر سنة 2009. ما قصة الدكتوراة التي شغلت الرأي العام قبل أسابيع؟ أنشأ شخص مجهول باسم باسو صفحة في الفايسبوك، واستغل صورة لي لحظة حصولي على الماستر، وعلق عليها «باركو لي الدكتوراة»، ولقيت الصورة إعجاب الآلاف من رواد العالم الأزرق، وتلقيت اتصالات بالتهنئة، وكان لوسائل الإعلام دور في نشر الحقيقة، حيث تلقيت اتصالات من صحف إلكترونية وجرائد ورقية وبينت لهم حقيقة الخبر، والغريب أنني مازلت في سنتي الأولى، وكل ما يمكن أن أقوله لمخترع تلك الإشاعة: الله يهديك أوصافي، ودعي معانا نجيبو الدكتوراة بصاح. ما موضوع الدكتوراة؟ موضوع الدكتوراة هو «الكوميديا الواقفة بين أمريكا والمغرب»، وأحاول أن أعطي للكوميديا الواقفة قيمتها، فهي ليست تهريجا أو ارتجالا، وحاولت في أطروحتي التي يشرف عليها الدكتور شكيب بن نيني المقارنة بين اللغات الكوميدية في المغرب وأمريكا، ومن خلال المقارنة أحاول تحليل وشرح المسائل الثقافية والسياسية والاجتماعية التي تجعل الكوميديا تختلف بين البلدين، وطرحت سؤالا عريضا: كيف استطاعوا أن يجعلوا من قطاع الكوميديا الواقفة صناعة أكثر مما هي مجال فني، فأصبحت اليوم تحرز الأموال وتعطي الضرائب، وفي المغرب مازلنا في مرحلة الهواية، واختياري للموضوع كان أساسا لقربه من مهنتي كفنان كوميدي. اخترت الحمار صورة لصفحتك بالواتساب. لماذا ؟ هذه صورة شريك بطل معروف في السينما ومن لا يعرف شريك، وأنا أحترم هذا الحيوان كثيرا، فيه خصال كثيرة لا بد أن نتعلمها منه كالمثابرة والصبر والتجرد من الأنا، ففي مسقط رأسي تامكروت يستيقظ هذا الحيوان منذ ساعات الفجر، ويستعين به أهل الدوار في جميع أعمالهم حتى مغيب الشمس، والمغاربة يرون فقط الوجه السلبي لهذا الحيوان. يمكن أن يضع آخرون فراشة أو حمامة، أما أنا فأفضل صورة الحمار للأسباب التي ذكرتها.