هم سياسيون ومشاهير عُرفوا لدى المغاربة كوزراء ومسؤولين، أو قياديين في أحزابهم، أو فنانين، أو حقوقيين.. لكن ما لا يعرفه الكثيرون عنهم، هو نقطة البداية في حياتهم، والمهن التي امتهنوها في بداية الطريق.. في حلقة، اليوم الإثنين، من سلسلة "مهنهم الأولى"، ينشرها "اليوم24′′، كل يومين، نتقرب أكثر من حياة النائب البرلماني والكاتب الوطني لشبيبة "العدالة والتنمية"، خالد البوقرعي. عرف بمداخلاته النارية في مجلس النواب وكذا في أنشطة شبيبة حزب المصباح، واستطاع لفت الانتباه بعدة مواقف جريئة.. يعرفه الجميع كقائد شبيبة البيجيدي وعضو الأمانة العامة للحزب الذي يقود الحكومة، لكن قليلون من يعرفون أنه مدير لمدرسة في مدينة مكناس. ولد البوقرعي سنة 1974 في دوار "بني عرفجة" بجماعة بني يفتح، بإقليم تازة، والده كان يشتغل في التجارة والفلاحة كما تولى رئاسة جماعة قروية.. بداية احتكاك القيادي في البيجيدي بالعمل كانت في الأنشطة الفلاحية :"في العطل كنا نساعد العائلة في الأرض"، يقول البوقرعي في حديثه ل"اليوم 24″، قبل أن يضيف مازحا أنها كانت "اعمالا إجبارية بدون مقابل". وخلفت هذه الأعمال أثرا واضحا على السياسي الشاب : "لحد الآن ما أزال محتفظا ببدويتي في معانيها الإيجابية". تابع البوقرعي مساره الدراسي في مدينة تازة، في ما عدا سنتين دراسيتين في فترة التعليم الثانوي قضاها في مدينة جرادة ل"ظروف خاصة"، قبل أن يعود لمدينته حيث نال شهادة الباكالوريا سنة 1994 شعبة آداب وعلوم إنسانية. اختار البرلماني التكوين في مجال الحقوق في مساره الجامعي، حيث ولج كلية القانون بمدينة فاس، وقضى فيها ثلاث سنوات قبل أن يقرر مغادرتها بسبب ظروف مرتبطة ب"النضال وانتقام بعض الأساتذة من تحركاته داخل الجامعة"، يقول البوقرؤعي. ويروي :"منذ السنة الأولى كنت متابعا من طرف بعض الأساتذة الذين لا يروقهم الطلبة المناضلون خصوصا إذا كانوا من حساسيات أخرى". غادر البوقرعي الكلية التي درس فيها القانون العام ثلاث سنوات بالرغم من توفره على نقط جيدة في الامتحانات الكتابية. تغير مسار البوقرعي بسبب "الاستهداف" وانتقل إلى كلية الآداب تخصص دراسات إسلامية، حيث حصل على الإجازة "بأربع ميزات". المسار النضالي للسياسي انطلق سنة 1994 بعد نيل الباكالوريا مباشرة، حيث انضم إلى صفوف الحركة الطلابية "فصيل الطلبة التجديديين"، وشبيبة العدالة والتنمية، منذ بداية التفكير في إنشائها. بالموازاة مع دراسته، مارس قائد شبيبة البيجيدي التجارة، بالاستثمار في منتجات تركية بداية دخولها إلى المغرب :"كان هناك إقبال على هذه المنتجات، وشاركت بها في عدة معارض، وعن طريق أرباحها تمكنت من اقتناء أولى تجهيزات بيت الزوجية"، يحكي المتحدث. وبعد تخرجه، اشتغل البوقرعي كمدير مكتب نائب برلماني، ثم مديرا جهويا لحزب "العدالة والتنمية"، في جهة فاس بولمان إلى غاية نهاية 2005 التي كانت بداية ل"مسار سياسي جديد" ما يزال منخرطا فيه. إذ اشتغل البرلماني كمدير عام لمجموعة مدارس خاصة، تضم مستويات الابتدائي والإعدادي والثانوي، يدرس في صفوفها أزيد من 1700 تلميذ. "دخلت هذه المهنة قدرا، لم أخترها، لأنني كنت أحلم أن أكون أستاذا.. لكن بعد مرور الزمن أحببت مهنتي وتشبثت بها حتى بعد دخولي إلى البرلمان"، يقول بوقرعي. وبالرغم من اضطراره إلى السفر كثيرا إلى مدينة الرباط بحكم عمله البرلماني، ما يزال اليوقرعي مصرا على الاستمرار في مهامه كمدير مدرسة :"لم أستطع الاستغناء عن مهنتي، الأمر الذي أثر على وقتي الخاص إذ أن أيامي موزعة بين حضور أنشطة البرلمان والإشراف على المؤسسة، فيما نهاية الأسبوع مخصصة لأنشطة الشبيبة"، يحكي المتحدث. "ما زلت أتبع منهاج المدراء القدامى، بالحضور مبكرا للمدرسة، والإشراف على ولوج التلاميذ للمؤسسة غاية دخول آخر تلميذ،" يورد البوقرعي. وعن عمله في المؤسسة التشريعية يقول المتحدث :"ليس من رأى كمن سمع، بالرغم من تواصلنا مع البرلمانيين في ما قبل كنا أن نقول أنهم يقصرون في بعض الاشياء، لكن عند القرب من طريقة تسيير الأمور تتضح أشياء كثيرة.. أدعو العازفين عن العمل السياسي والذين لديهم أحكام مسبقة عن العمل البرلماني إلى الاقتراب قليلا مما يقوم به البرلمانيون الجادون من مجهودات وأمور تشرف البلد وتدفع بالمؤسسات إلى الامام"، يقول البوقرعي.