تصوير: منير عبد الرزاق وضع محللون وسياسيون مغاربة، في ندوة علمية نظمتها "جمعية المشروع الجديد"، في اول نشاط لها، مساء اليوم السبت، بالرباط، الحياة السياسية للمغرب نحت المجهر، باسطين معالم أزمة النخب السياسية ومسببات العزوف السياسي للمواطنين. معارضة "منبرية" وحدد النائب البرلماني، والأكاديمي الاتحادي، حسن طارق، في مستهل الندوة، ان تاريخ صناعة التحكم في التاريخ السياسي المغربي، ارتبط بتكتل احزاب الحركة الوطنية، وتحكمها في الحياة السياسية، بالبلاد، الأمر الذي خلق للدولة قناعة بصناعة احزاب سياسية نظيرة لكسر احتكار احزاب الحركة الوطنية. وعن مؤشرات الأزمة في الحياة السياسية، افاد طارق، انها ترتبط بداية بتصريحات المسؤول الحكومي الأول، رئيس الحكومة، عبد الاله بنكيران، التي أقر ب"صعوبة" الإصلاح في المغرب، مع الفاعلين السياسيين (الأحزاب) من جهة، والقائمين بالحكم (القصر) من جهة اخرى. ومن جانب المعارضة، قال طارق، ان المعارضة فشلت في اداء الدور السياسي المنوط بها، وصارت "معارضة منبرية شكلية"، وتدافع على خيارات الحكم في غالب الأحيان. وعن مآل الخطاب السياسي بالبلاد، ترقب الأكاديمي في معرض حديثه، ببقاء خطاب الإسلاميين، في جانب القرب من الدولة وكسب الثقة من لدن القصر، في مقابل الدولة التي ترغب في إقامة توازن ضد اي ايدلوجية إسلامية قادمة. وخلص طارق، الى كون هذا التوازن، الذي ترغب فيه الدولة "ناتج عن الخوف وغير منتج للديموقراطية". "احتباس" سياسي ومن جانبه، قال الصحفي، ومدير نشر جريدة "اخبار اليوم"، توفيق بوعشرين، ضمن الندوة، ان الدولة "لا ترغب في تشكيل جبهة موحدة، متفقة على خريطة طريق واحدة، كعقد اجتماعي حديث يقوم على تحديث نظام حكم البلاد". وأفاد ان الحياة السياسية بالبلاد، دخلت في خانة "الاحتباس"، بين إقرار رئيس الحكومة، بصعوبة الإصلاح، كما أقر بذلك قبله رئيس الحكومة، الأسبق، عبد الرحمان اليوسفي، في ندوة بروكسيل، نهاية التسعينيات، والمعارضة، التي "تدافع على الحكم وتعارض الحكومة"، في جملة من القضايا. واوضح، ان "الأزمة العميقة"، التي تعرفها الحياة السياسية، "لا تمس احزاب الحكومة بل حتى احزاب المعارضة التي تعارض الحكومة وتتفق مع الحكم، الامر الذي زعزع من مصادقية خطاب الأحزاب في الحياة السياسية"، حسب المتحدث. احزاب "الدولة" ووفي سياق تحليل ثنائية الصراع الحزبي بين "البام"، وغريمه "البيجيدي"، إستبعد بوعشرين، ان يصير حزب "الاصالة والمعاصرة"، حزبا عاديا. قائلا :"ان الدولة تريد ان تتدخل في الحقل الحزبي وتريد في تدبير انتخابات اقل تزويرا عبر حزب متحكم فيه و معبئ بالأعيان وبطريقة انتخابية على المقاس من أجل التحكم في الحياة السياسية ". ومضى قائلا :"اذا رفعت الدولة يدها على حزب البام، سيصير حزبا منكمشا، مثل حزب الاتحاد الدستوري، الذي صار حزبا منكمشا لا يساوي شي في المعادلة السياسية، بعد رفع الدولة يدها عنه". وأفاد في معرض كلمته، ان الأفق الساسي للبلاد، هو "التحديث وليس الحداثة"، التي قال انها "تتطلب شروط غير حاصلة الان". واضاف ان العرض الوحيد المقدم في الحياة السياسية، هو "التقليدانية"، كما ذكرها العروي، التي تجعل الحاضر مرتبط بالماضي، يورد بوعشرين. تقرب البيجيدي والبام وفي سياق متصل، رفع الاتحادي، وزير الثقافة الأسبق، محمد الأشعري، في ظل ما قال عنه "العكب السياسي"، الحالي، (رفع) إحتمال تحالف حزب "الاصالة والمعاصرة"، مع غريمه "العدالة والتنمية"، قائلا :"في ظل العطب السياسي الحالي، لابد من فتح النقاش مع وحول حزب البام (..) وممكن ان يصير حليفا للبيجيدي، فالسياسيين ينسون الخطوط الحمراء حينما يفرض عليهم دفتر تحملات قائم". وأفاد ان الخوف اليوم، هو من حصول حالة "التحكم"، ليس بالضرورة بفعل فاعل، بل بقوة الأشياء، التي تفرض طابع التحكم، يورد المتحدث. أزمة تتجاوز "النص القانوني" ومن جانبه، أكد الاتحادي السمتقبل من حزب ادريس لشكر، علي بوعبيد، ان عناصر تحليل الوضعية السياسية الراهنة، نفسها التي كانت في فترات سابقة، مشيرا الى ان الإصلاح في المغرب، يتجاوز الترسانة القانونية والنصوص القانونية للدستور. واوضح، ان النص القانوني هو نقطة إصلاح ممكنة لاصلاح ممكن فقط، تلزمه إرادة الفاعلين في السياسة والحكم. وانتقد واقع شبه الاجماع، بين جميع الفرقاء السياسيين على قواعد اللعبة السياسية الحالية، وعدم وجود نقاش او قناعة بضرورة تغيير قواعد اللعبة السياسية الحالية. "التحكم" يضعف من نسب المشاركة ومن جهته، قال الباحث الأكاديمي، عبد الله الترابي، محلل وكاتب، ان الأحزاب السياسية المغربية، فقدت التمثيلية على مستوى النخب والأفكار، مشيرا الى وجود تحول في البنية الديمغرافية، حيث أصبحت الأحزاب السياسية العريقة، مثل الاتحاد الاشتراكي، التي أصبحت تتنافس في القرى مع احزاب كانت تعتبرها إدارية. وترقب ان الخطاب المتأهب حول عودة "التحكم" للحياة السياسية، من شانه ان يضعف من نسب المشاركة السياسية للناخبين، في انتخابات سابع أكتوبر.