قال عبد الرحمان اليوسفي، الوزير الأول الأسبق، إن الصحافي والكاتب والمناضل الراحل باهي محمد كان في مقدمة مؤسسي الممارسة الصحافية المعاصرة في المغرب، وظلت كتاباته في الصحف الوطنية من أكثر وأعمق الكتابات في المتن الصحفي المغربي. وأوضح اليوسفي، الذي ترأس مساء اليوم الجمعة فعاليات ملتقى ثقافي احتضنته وكالة المغرب العربي للأنباء إحياء للذكرى العشرين لرحيل الصحافي باهي محمد، الذي وافته المنية في يونيو 1996، إن هذه اللحظة تعد "وقفة وفاء واعتزاز باستعادة الصحافي الكاتب والمناضل الفذ باهي محمد حرمة في ذكرى رحيله العشرين، وتجديد الثقة في رصيده وتاريخه المكتوب والشفوي، والامتنان بفضله على المغرب وحركته الوطنية، وإسهامه الواسع العميق في الحركة الوطنية الديمقراطية، وإثراء وتطوير سيرورة الممارسة الصحفية الملتزمة في المغرب وفي المغرب الكبير، وفي الامتداد العربي كله". وأضاف اليوسفي أن وقفة الوفاء هاته تعيد قراءة جزء من الإنتاج الفكري والإعلامي الواسع والغني للراحل باهي محمد، وتضحياته وعطاءاته وحضوره المشع المضيء والفاعل في التاريخ الوطني وفي مسيرة تحرر المغرب واستقلاله وفي بنائه الديمقراطي ومأسسته التحديثية. كما أبرز الخصال المهنية الرفيعة التي تحلى بها الصحافي باهي محمد، وتجربته الميدانية الواسعة، مؤكدا أنه كان "صحفيا مهنيا قبل كل شيء، يدرك أصول مهنته وروحها المنهجية ومستلزماتها العرفية والنضالية والأخلاقية" فضلا عن تأثيره "في مسارات الأحداث الكبرى التي طبعت الحياة المغربية والتفاعلات التاريخية التي عاشها المغرب الكبير". واسترسل اليوسفي قائلا "إن قلم باهي الجريء وروحه المهنية الوثابة كان لهما أثر مرجعي بليغ وحاذق وملتزم التزاما مهنيا وأخلاقيا وفكريا وموضوعيا في القضايا المغاربية، وفيما يخص تاريخ وتطورات الأقاليم الصحراوية، وكذا ما يتصل بأبعاد وتشابكات القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي فضلا عن اهتماماته ذات الطبيعة الاستراتيجية". وتوقف، كذلك، عند تجل آخر لعطاءات الراحل باهي محمد، مبرزا أن أسلوبه انطبع بحسه السردي البارع ومدخراته الأدبية – الشعرية منها، خصوصا التاريخية والفكرية، واستخدامه الجيد والأمين والشجاع والموضوعي لمصادر معلوماته، وخبرته الممتدة في الزمان والمكان بالأشخاص والفاعلين. ودعا اليوسفي، في هذا السياق، إلى الاعتراف والامتنان، وإيلاء الاعتبار لاسم باهي محمد، وذكره وتراثه وأسرته الصغيرة قبل أن يختم بالقول "لا حق لبلاد تفكر في مستقبلها بدون أن تتذكر تاريخها وجميع الذين واللواتي أسهموا في بناء هذا التاريخ وإثراء سيرورته".