نظمت أمس الثلاثاء8-6-2010 بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط الذكرى الأربعينية للمفكر والفيلسوف المغربي الراحل محمد عابد الجابري. والتي عرفت تقديم شهادات من عدد كبير من الشخصيات الفكرية والثقافية التي عرفته مناضلا ومفكرا وفيلسوفا وصحافيا. استهل عبد الرحمان اليوسفي رئيس اللجنة الوطنية لتأبين الفقيد الحفل بشهادة قال فيها أن المرحوم "ظل في سلوكه وفكره نموذجا للالتزام الوطني والأخلاقي"، مضيفا أن الراحل "كان مواظبا على المسايرة الواعية للمستجدات السياسية في المغرب والعالم العربي على الخصوص ، حريصا على نقل التزامه الوطني القومي من مستوى الحركية المباشرة والعمل التنظيمي إلى مستوى التفكير والتنظير". وأشار السيد اليوسفي إلى أن "تفكير الراحل في المجال المشرقي جزء وصدى لتفكيره في المجال المغربي ولعله بذلك أصبح رائدا من رواد مدرسة فكرية متميزة في المغرب بانفتاحها على الفكر الإنساني الكوني ونزعتها العقلانية وروحها التاريخية ومنهجيتها التاريخانية وذلك عبر مختلف المجالات التي أسهم في دراستها سواء تعلق الأمر بتحقيق التراث الفكري وتأويله تأويلا عقلانيا حديثا أو بدراسته حول المغرب وقضاياه أو بالتعريف بالفكر الكوني في مجالات فلسفة العلوم والابستيمولوجيا". من جانبه، استحضر عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عطاءات الراحل مناضلا ومفكرا وأستاذا ، مشيرا إلى أن الجابري كان يتمتع بقدرة كبيرة على الاجتهاد وهو أحد أعمدة الفكر والبحث العلمي. أما المفكر حسن حنفي ، الذي عرف بحواراته الفكرية مع الراحل على صفحات مجلة اليوم السابع، فقد اعتبر الجابري عبارة عن عدة مشاريع، تربوية، وفكرية وتراثية ووطنية وثقافية وإسلامية. والجابري، حسب الدكتور حنفي، يعبر عن جيل وجيل يعبر عن عصر، حمل هم الفكر والوطن ، وهو المثقف الملتزم ، كان دائما يشعر بوحدة الوطن العربي صادقا . وتحدث المفكر السوري برهان غليون بدوره عن علاقته المتميزة بالراحل ، الذي تعرف عليه من خلال الراحل محمد باهي بباريس . وقال إن ذكراه هي بالدرجة الأولى تذكر للصديق الذي كانت له القدرة على الصداقة. وقال إن "الكبار وحدهم يملكون أن يوقظوا فينا أخلاق الاجتماع وإن تفرقت بنا السبل ". وخلص إلى أن مركز دراسات الوحدة العربية سيبقى وفيا لفكر الراحل. واعتبر السياسي والمفكر التونسي محمد مواعدة ، أن الحفل التأبيني لمحمد عابد الجابري حقق الكتلة التاريخية والوحدة العربية ، مضيفا أن رحيله شكل هزة في تونس وما زالت الندوات عن فكره تنظم يوميا ، داعيا إلى تأسيس مؤسسة عربية وإسلامية ودولية تحمل اسم محمد عابد الجابري. أما الأمين العام للمؤتمر القومي العربي السيد عبد القادر غوقة ، فوصف الجابري بالمدافع الصلب عن الأمة وعن قيم الكرامة والحرية ، وهو الشجاع المثال للمفكر النهضوي والملهم الرائد والمدافع المستميت عن الكتلة التاريخية . وقدمت الباحثة الألمانية صونيا هيكاسي شهادتها من زاوية أخرى ، خاصة أنها تعرفت على الجابري وهي تنجز بحثا عن المجتمع المدني بالمغرب ، واكتشفت أن الطلبة الباحثين يعتمدون في قراءتهم للتاريخ وللمجتمع على كتابات الجابري. وأشارت إلى أن الجابري لعب دورا مهما في إثراء المجتمع المدني وصالح جيلا من الطلبة مع موروثهم الثقافي . أما المفكر المغربي محمد سبيلا فاعتبر الراحل قدوة فكرية ومنارة ثقافية وصل إلى آفاق كونية رحبة دون عقد وبدون أي مشاعر سلبية راكم بين الفقيه التقليدي الراسخ في الثقافة العربية الإسلامية وبين مقومات الفكر الحديث. وهذه الانتقالات الفكرية ، حسب سبيلا ، ليست أمرا سهلا بل تفترض عقلا راجحا وقدرة على الفهم والاستيعاب والتوفيق، مشيرا إلى أن النسق الفكري للجابري يمكن قراءته من خلال أربعة محاور . للإشارة فقد حضرت هذا الحفل شخصيات تنتمي إلى عوالم السياسية والفكر والاقتصاد والثقافة من بينها على الخصوص الوزير الأول السيد عباس الفاسي وعدد من السفراء المعتمدين بالرباط .