بدأت مذكرات إصلاح منظومة التعليم التي طالب بها، المستشار الملكي محمد عزيمان رئيس المجلس الأعلى للتعليم، الأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات المجتمع المدني بإعدادها، تتهاطل على مجلسه، في خطوة ممهدة قبل صياغة التقرير الشامل ورفعه للملك . وكانت أولى المذكرات التي توصل بها المجلس تلك، رفعها حزب التقدم والإشتراكية، تقوم على 10 مجموعات من الإجراءات المتصلة بإصلاح التعليم المدرسي، واعدة أن من شأن تطبيقها على المدى القصير أن تسمح بنهوض فعال وملائم لمسلسل الإصلاحات. ونصحت مذكرة حزب بنعبد الله المؤسسات العمومية، التي فاق حجم ميزانية استثماراتها خلال السنة المقبلة 180 مليار درهم، وفي مقدمتها صندوق الإيداع والتدبير وصناديق الاحتياط والتأمينات وبعض المؤسسات البنكية، بالاستثمار في القطاع التعليمي عبر شراكة بين القطاع العام والخاص لإنجاز المشاريع التعليمية الكبرى. وفي خطوة لدعم التعليم في المغرب «غير النافع» طالبت مقترحات الحزب الشيوعي السابق بتوفير السكن للمدرسين بالمناطق القروية، من أجل تثبيت وضمان استقرار مدرسيها، داعية الجماعات الترابية أن تمنحهم بشكل مجاني سكنا لائقا يتملكونه بعد انقضاء فترة 10 سنوات في المنصب، موضحا أن هذه التفويتات ينبغي أن تتم في إطار مشروع مهيكل للجماعة بدعم من صندوق التجهيز الجماعي، كما نادت المذكرة الجماعات المحلية إلى تقديم الدعم اللازم في إطار تعاقدي، وذلك بطلب من الدولة أو من مؤسسات التعليم المتواجدة فوق ترابها. واعتبر رفاق نبيل بنعبد الله أن تمويل التعليم، وإن كان يلتهم ما يفوق ربع الميزانية العامة للدولة أو 6% من الناتج الداخل الخام، فإن هذه الاعتمادات تبقى غير كافية بالنظر للتحديات والأهداف المعلنة. وكشفت مذكرة التقدم والاشتراكية أن الكلفة الفردية للتكوين السنوي للتلميذٌ مازالت ضعيفة، خاصة بالنسبة للطور الابتدائي، حيث تبقى هذه الكلفة عشر مرات أقل مما هو عليه في البرتغال. وفجرت المذكرة فضيحة مدوية حينما كشفت أن المصاريف المخصصة لتوسيع وصيانة الشبكة المدرسية، وكذا تحسين عمليات التدريس لا تتجاوز 150 درهما لكل تلميذ بالتعليم الابتدائي سنويا، وأقل من 500 درهما لكل تلميذ بالإعدادي سنويا. المذكرة طالبت باعتماد إجبارية مجانية التعليم من 6 إلى 15 سنة، مقترحة أن تتم المجانية عبر تفعيل الاتفاقية المبرمة مع صندوق التجهيز الجماعي، والموقعة في أكتوبر 1999. بيد أن موقف شيوعيي المملكة ظل مواربا، فيما يتعلق بإعمال المجانية بعد 15 سنة. واقترحت المذكرة في محاولة لتوسيع تحويل المناصب الكاملة إلى أنصاف المناصب مع تغطية اجتماعية كاملة، وذلك بناء على طلب نساء ورجال التعليم، الذين يرغبون في التفرغ الجزئي، والذين أمضوا عددا من السنوات كحد أدنى في الخدمة، وستمكن المناصب المحررة من توظيفات جديدة تسمح بالاستجابة لحاجيات التأطير التربوي. المذكرة دافعت عن تقديم الحكومة لدعم جبائي للتعليم الخصوصي بالنسبة للشركات الكبرى، التي تقيم استثمارات في مجال التعليم مع ضرورة احترامها لدفاتر تحملات تتعلق بالبيداغوجية والشروط اللازمة للفضاء المدرسي. في سياق ذلك، تفادت مذكرة نبيل بنعبد الله الخوض في الجدل المثار حول استعمال الدارجة في التعليم، ورغم تخصيصها لحيز كبير حول التعليم ما قبل المدرسي، إلا أنها تحاشت الإعلان عن موقف بصدد اعتماد الدارجة في التعليم، كما دعا لذلك رجل الأعمال نورالدين عيوش، ودعت المذكرة إلى وضع التعليم ما قبل المدرسي الذي يهم اليوم حوالي 770.000 طفل، من بينهم فقط 120.000 في رياض الأطفال ضمن سلم أولوية الإصلاحات. المذكرة، التي تناهز 20 صفحة الخاصة بالتعليم ما قبل الجامعي، اشترطت إحداث شبكات مدرسية تضم حول كل ثانوية روافد، تتشكل من مدارس ابتدائية وإعداديات تنتمي لنفس المجال الجغرافي؛ مما سيساعد بحسب المذكرة على تحقيقٌ تناغم فعلي للوسائل والإمكانات المادية والبشرية، وهي وسائل وإمكانات تصعب تعبئتها على مستوى كل مؤسسة تعليميةٌ. وثيقة رفاق بنعبد الله دعت إلى مراجعة الإيقاعات المدرسية والمناهج على مستوى الأغلفة الزمنية الأسبوعية والسنوية، مطالبة بتخفيض الغلاف الزمني، من 30 ساعة في الأسبوع على مستوى التعليم الابتدائي ليصل إلى 25 ساعة في الأسبوع، تضاف إليها 3 ساعات أسبوعيا، تخصص للمطالعة والتعامل مع المكتبات المدرسية والإعلاميات واستعمال القاعات المتعددة الوسائط والتعليم الفني. كما طالبت المذكرة، فيما يتعلق بالعطل المدرسية، الرجوع إلى تنظيم العطل بفصل ثلاثة أشهر، سيما بالنسبة للتعليم الابتدائي. وهذا من شأنه أن يضمن تتبعا أحسن للتلاميذ. وعلى مستوى البرامج الدراسية، اقترحت المذكرة على عزيمان دراسة إمكانية تخفيفٌها، عن طريق التتبع ومراجعة المناهج في أفق تحسين نجاعتها، وتحقيق تناغم بين موادها، وبين الأسلاك،وإعطاء الأولوية لتحديث وتقوية تعليم اللغات والعلوم والتكنولوجيات.