2012، بدءا من أزمة دفاتر التحملات حول الإعلام العمومي في 2012، والتي استغرق حلها شهورا، مرورا بالأزمة التي تسبب فيها حميد شباط طيلة سنة 2013، والتي انتهت باستقالة وزراء حزب الاستقلال، وتعويضهم بوزراء حزب التجمع الوطني للأحرار، ثم أزمات تسبب فيها وزراء مثل محمد أوزين وقضية الملعب، وعبد العظيم الكروج وقضية الشوكولاطة، والحبيب الشوباني وقضية زواجه بسمية بنخلدون، وأخيرا الأزمات المتتالية التي كان وراءها وزراء من حزب التجمع الوطني للأحرار، خاصة أزمة صندوق 50 مليار درهم، التي أثارت أزمة بين وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، ورئيس الحكومة، وأزمة الأساتذة التي خلفت أزمة بسبب تدخل وزير المالية لتقديم فتوى للمعارضة، اعتبرها رفاق بنكيران «طعنا في الظهر». وإذا كانت بعض الأزمات التي يتورط فيها وزراء، من قبيل قضية «الكوبل الحكومي»، أو قضية الشوكولاطة، أو قضية أوزين المعروفة بقضية «الكراطة»، من القضايا التي تقع في حكومات مختلفة، وقد تنتهي بالاستقالة أو الإقالة كما حدث في المغرب، فإن أزمات أخرى من قبيل الأزمة التي خلقها حميد شباط، وبعده وزراء حزب الأحرار تبقى عصية على الفهم. هناك من يرى أن مثل هذه الأزمات طبيعية في ظل مشهد سياسي مفكك وخاضع لتحالفات اضطرارية. وحسب رشيد مقتدر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، فإن الأزمات السياسية التي عرفتها حكومة عبد الإله بنكيران هي «نتيجة طبيعية لتحالفات اضطرارية، استلزمتها المصلحة والبرغماتية السياسية بعد الشلل الحكومي الذي نجم عن خروج حزب الاستقلال من الحكومة»، فهذه التحالفات السياسية رغم استمراريتها -يقول مقتدر- فإنها «تظل هشة يعتريها التوجس وضعف الثقة، حيث فرضها واقع السياسة المغربية». من جهة أخرى، تطرح مشاكل بنكيران مع عدد من الوزراء إشكالية علاقة رئيس الحكومة بالوزراء في ظل دستور 2011 الذي ينص على أن رئيس الحكومة هو المسؤول عن الوزراء. في الواقع، فإن التجربة أظهرت أن بنكيران يواجه ما يمكن وصفه ب«عصيان» عدد من وزرائه. فقد اضطر بنكيران إلى الخروج علانية لمواجهة عدد من وزرائه، فقد هاجم وزير التربية الوطنية، رشيد بمختار، في جلسة عمومية في مجلس المستشارين، بسبب تمرده عليه في قضية اعتماد اللغة الفرنسية في التعليم، ثم أصدر بيانا غير مسبوق ضد وزير المالية محمد بوسعيد، بسبب تدخله في ملف الأساتذة المتدربين، واقتراحه حلا لتوظيفهم دفعة واحدة دون علم المسؤول الأول في الحكومة، كما اضطر بنكيران إلى مواجهة وزير الداخلية، محمد حصاد، بسبب العنف المفرط الذي مورس على الأساتذة المتدربين في الشارع، ففي الوقت الذي أعلن حصاد أن التصدي للأساتذة تم بعلم رئيس الحكومة، حرص هذا الأخير على الرد على حصاد في جلسة مساءلة برلمانية شهرية بثت في وسائل الإعلام العمومية، حيث واجهه مقسما بالله أنه لم يكن على علم بالتدخل العنيف ضد الأساتذة. بالنسبة إلى المراقبين، تبدو هذه المواقف السياسية عصية على التفسير بمنطق الديمقراطية، فداخل حكومة في نظام ديمقراطي يخضع الوزير لسلطة رئيسه. يقول عبد المجيد بنمسعود طريدانو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إنه «في الدول الغربية، كفرنسا، من الصعب تصور وجود رئيس حكومة لا يمارس سلطته على الوزراء، ولكننا في المغرب نبرر بعض المواقف دائما بالخصوصية المغربية». لكن رشيد مقتدر يبرر هذه السلوكات السياسية العصية على التفسير بقواعد اللعبة السياسية في المغرب، يقول: «طريقة التقطيع الانتخابي ونمط الاقتراع المعتمد لا يسمحان بإفراز حزب يحصل على أغلبية عددية كبيرة، تمكنه من التحكم في تكوين حكومته والأحزاب المكونة لها»، مضيفا أن هذه «من الآليات المعتمدة من طرف الملكية لتوجيه اللعبة السياسية والحفاظ على توازناتها الماكرو-سياسية، لذلك تبقى إشكالية تكوين حكومة منسجمة من أصعب ما يواجه الحزب الفائز في الانتخابات أمام تقارب النتائج». تفاصيل أكثر في عدد نهاية الأسبوع لجريدة "أخبار اليوم"