بعد عواصف جوليان أسانج السياسية، عبر تسريبات ويكيليكس، والتي بدأت بكشف ما يدور في أروقة السياسة العالمية للعلن، بصورة غير مسبوقة، والفضائح الأمنية والمخابراتية، التي أثارها الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن، عبر كشفه عن تفاصيل طرق تجسس الاستخبارات الأميركية، عالمياً، تأتي "أوراق بنما" كموجة جديدة كاشفة لجزء يسير من الفساد المالي العالمي هذه المرة، بشكل غير مسبوق. "أوراق بنما" تمسّ قطاعات متنوعة هذه المرة، تشمل قادة دول وسياسيين، بالإضافة إلى موظفين في الأممالمتحدة، والاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، ورياضيين، وأبناء أصحاب النفوذ، في هزة ستكون الأكبر من نوعها عالمياً. "أوراق بنما"، التي تعد الأضخم حتى الآن، من ناحية حجم الوثاق المسربة، كشفت عن 2.6 تيرابايت من الوثائق المنشورة إلكترونياً، ما مقداره 11.5 مليون وثيقة، تشمل إيميلات وقواعد بيانات وصورا، ووثائق نصية، تغطي الفترة ما بين 1977 و2016. وقد عمل على الوثائق قرابة 400 صحافي من 100 مؤسسة إعلامية و80 دولة، حيث قاموا وعلى مدى سنة كاملة بمراجعة الوثائق وتصنيفها وتجهيزها للنشر. وتكشف "أوراق بنما" وثائق تتعلق ب 200014 شركة مرتبطة بمشاهير وأثرياء، وتشمل معلومات أنشطة مالية ل 72 رئيس دولة، وقرابة 143 سياسيا مع عائلاتهم، ممن ارتبطت أعمالهم ب"صفقات مشبوهة". ما تتميز فيه "أوراق بنما"، علاوةً على ضخامة حجمها، أنها أثارت بشكل مباشر موجة من التحقيقات القضائية، في قضايا تتعلق بالتهرب الضريبي، والتحايل على قوانين التمويل المالي، وتسجيل شركات وهمية من أجل عقد صفقات مشبوهة. بدأت قصة "أوراق بنما" المسربة، قبل عام من الآن، عندما تواصل شخص مجهول مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ الألمانية" (Süddeutsche Zeitung )، وقام بإرسال مجموعة من الوثائق التي تتعلق بمؤسسة قانونية، مقرها في بنما، تسمى موساك فونسيكا (Mossack Fonseca) وتبين أن الشركة تقوم ببيع شركات "أوفشور"، تتيح لبعض مالكيها تغطية صفقاتهم الوهمية، وغسل أموالهم، وتسيير أنشطتهم المالية المحظورة. مع مرور الوقت، بدأت الوثائق بالتراكم، حتى وصلت إلى رقم مهول، لم تتمكن صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" من التعامل مع الوثائق وحدها، فقامت بالتعاون مع الجمعية الدولية للصحافيين الاستقصائيين، بمشاركة أبرز المؤسسات الصحافية العالمية، مثل مجموعة "بي بي سي" و"ذا غارديان" البريطانيتين، وصحيفة "لوموند" الفرنسية، بالإضافة إلى الصحيفة الألمانية، وصحف أخرى في مناطق مختلفة من العالم. فيما يخص العالم العربي، تكشف "أوراق بنما" تفاصيل حول فساد أقارب الرئيس السوري بشار الأسد، رامي مخلوف، وحافظ مخلوف، بالإضافة إلى الفساد المالي الذي تورط فيه علاء مبارك، ابن الرئيس المصري، حسني مبارك، والذي أطاحت به ثورة 25 يناير في 2011. كذلك تكشف الوثائق معلومات عن رئيس الوزراء العراقي السابق، إياد علاوي.