أثار تخلف ممثل المجلس الجماعي لمراكش، بلقايد، عن حضور أربع جلسات، تتعلق ب"تبديد أموال عمومية"، قدرت ب 56 مليار سنتيم أمام غرفتي الجنايات الابتدائية والاستئنافية، جدلا سياسيا وقانونيا في المدينة ذاتها. ومن المقرّر أن تستأنف هذه الجلسات مجددا، يوم غد الثلاثاء، وبعد غد الأربعاء. ويُتابع في هذا الملف 41 شخصا بتهم تتعلق ب"تبديد أموال عمومية"، ومن بينهم 13 منتخبا حاليا وسابقا، على رأسهم العمدة الأسبق للمدينة، الدستوري عمر الجزولي، ونائبه الأول في المجلس الجماعي السابق، عبد الله رفوش، الملقب ب"ولد لعروسية"، و لمستشار البرلماني الاستقلالي، عبد اللطيف أبدوح، والمنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار في مراكش، عبد العزيز البنين، بالإضافة إلى حميد الشهواني، النائب الرابع للعمدة السابقة، فاطمة الزهراء المنصوري، ووصيفها في لائحة "البام" خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة بمقاطعة "مراكشالمدينة". وعلى الرغم من توصل ممثل المجلس الجماعي لمراكش بالاستدعاءات للجلسات السابقة، فإنه لم يحضرها، وكان يُفترض أن يعلن تنصيب البلدية طرفا مدنيا في هذه الملفات، التي أكدت أحكام قضائية وتقارير رسمية أنه وقع فيها تبديد أموال عمومية، كما في حالة ملف "كازينو السعدي"، الذي من المقرّر أن تنعقد جلسته أمام غرفة الجنايات الاستنئافية، بعد غد الأربعاء، والذي أكد تقرير صادر في شأنه عن المفتشية العامة للإدارة الترابية، التابعة لوزارة الداخلية، أن "أكثر من 46 مليار سنتيم ضاعت في تفويت مجلس بلدية المنارة جليز، الذي كان يترأسه أبدوح بين عامي 1997 و2003، لأملاك جماعية لفائدة مؤسسات فندقية وخواص بأسعار بخسة، وفي أجواء غابت فيها الشفافية". وتنعقد جلسات، يوم غد الثلاثاء، للنظر في ثلاثة ملفات هي الأخرى بددت فيها أموال عمومية، وتتعلق باتهام البرلماني التجمعي السابق البنين بجنايات:"تبديد أموال عمومية، واستعمال وثيقة مزورة، وتلقي فائدة من مؤسسة يتولى تسييرها"، والذي منحت لجنة الاستثناءات، برئاسة والي مراكش الأسبق، محمد حصّاد، شركته "سيتي وان" امتياز إضافة طابقين اثنين في مشروعه السكني الفاخر، مقابل تنازله عن جزء من العقار لإحداث طريق عمومية. وكان البنين قد أدلى بتنازل مكتوب ومصادق عليه، قبل أن يرفع في عام 2008 دعوى قضائية ضد البلدية، التي كان يشغل نائبا لرئيسها السابق، مكلفا بتدبير الممتلكات الجماعية، قضت المحكمة الإدارية فيها، ابتدائيا، بتعويض خرافي لفائدته، يبلغ أربعة ملايير، و800 مليون سنتيم، إلا أن محكمة الاستئناف الإدارية بعد إجراء الخبرة رفعته إلى حوالي تسعة ملايير سنتيم. أما عمر الجزولي فسبق للهيأة القضائية للمجلس الجهوي للحسابات في مراكش أن أدانته، بتاريخ 6 غشت عام 2012، بأداء غرامة قدرها 40 مليون سنتيم، وإرجاعه مليارا و264 مليون سنتيم لمالية الجماعة، على خلفية تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات حول "اختلالات شابت التدبير المالي للجماعة بينعامي 2003 و2009". كما يتابع في الملف الأخير حميد الشهواني، نائب العمدة السابقة، والمفوض إليه تدبير سوق الجملة، إلى جانب 23 شخصا آخرين، بتهم تتعلق ب"اختلاس أموال عمومية، وتزوير أوراق رسمية، وإخفاء وثائق من شأنها تسهيل البحث في جنايات"، على خلفية شكاية سبق أن تقدم بها رئيس جمعية التضامن لتجار سوق الجملة حول ما اعتبره "تبديدا واختلاسا للمال العام". وفسر متتبعون محليون غياب ممثل المجلس الجماعي عن حضور جلسات المحكمة، بأنه تأكيد للموقف السياسي، الذي أعلنه العمدة الحالي، خلال ندوة صحافية سابقة، ونفى فيه نيته رفع أي دعاوى قضائية للحجز التحفظي على ممتلكات المتابعين في القضايا المعروفة ب"ملفات الفساد المالي" المعروضة على القضاء، معللا قراره بأن هذه الملفات لم تصدر فيها بعد أي أحكام قضائية نهائية. ويعتبر نشطاء حماية المال العام أن تنصيب المجلس طرفا مدنيا، ورفع دعوى قضائية للحجز التحفظي على ممتلكات المتابعين في هذه الملفات ليس سوى إجراء تحفظي، خشية تفويت ممتلكاتهم لأفراد من عائلاتهم، أو بيعها قبل صدور الأحكام النهائية، وهو إجراء لا يؤثر في استقلالية القضاء، ولا في مسار المحاكمة، ولن يستغرق وقتا طويلا، ولا يكلف سوى 100 درهم عبارة عن رسوم قضائية، فضلا عن أنه يدخل في إطار اختصاصات رئيس المجلس الجماعي، محذرين من أن التقاعس عن القيام بهذه الإجراءات من شأنه أن يعرض العمدة نفسه للمساءلة القانونية بتهمة "التفريط في حقوق الجماعة". وخلصوا إلى أن التنازل عن النيّابة في هذه الملفات، وعدم القيام بالإجراءات التحفظية، بذريعة انتظار صدور الأحكام النهائية، سيضيع وقتا طويلا، وسيضطر المجلس، في حالة إدانة المتهمين، إلى رفع دعاوى قضائية مدنية مستقلة، ستكلف مالية الجماعة رسوما قضائية مرتفعة بملايين الدراهم.