قال ادريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن الأطفال المغاربة لا زال يعانون من مشكل عدة، كالهدر المدرسي و الاستغلال الجنسي والتشغيل دون السن القانوني. ما هو تقييم المجلس لوضعية الأطفال في المغرب وخاصة في الوسط القروي؟ رغم إسهامات البرامج الخاصة بصحة الأم والطفل كتعميم التلقيح والبرنامج الوطني للتلقيح، والتي مكنت من القضاء على العديد من الأمراض؛ إلا أن معدل وفيات الأمهات ووفيات الأطفال الرضع لازال مرتفعا ويعرف تفاوتا بين العالم القروي والوسط الحضري. فمعدل وفيات الأطفال المغاربة دون سن الخامسة بلغ حوالي 36 وفاة عن كل ألف ولادة حية سنة 2010، ويبلغ معدل وفيات الرضع أقل من سنة نحو 30 وفاة عن كل ألف ولادة حية ومعدل 19 وفاة بالنسبة للرضع حديثي الولادة. وأوضح تقرير اليونيسيف، أن العدد السنوي للوفيات بالنسبة للأطفال المغاربة دون سن الخامسة بلغ 22 ألفا، من العدد الإجمالي للمواليد المسجل في نفس السنة والبالغ حوالي 632 ألف مولود. ورغم المجهودات التي تبذلها الدولة من أجل الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، وتشجيع الآباء على تمدرس أبنائهم، فإن المؤشرات الواقعية والتقارير الدولية الصادرة مؤخرا، تؤكد استمرار المشكل وترسم صورة «قاتمة» عن وضعية الأطفال المغاربة في المدرسة. حيث أن نسبة 10 في المائة من الأطفال الذين يبلغون السن المخولة لهم الالتحاق بالتعليم الابتدائي لم يلتحقوا قبل ثلاث سنوات، وأن 13 في المائة من الأطفال المغاربة لم ينتقلوا إلى مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي لأسباب مختلفة، فنسبة التحاق التلاميذ بالثانوي لم تتجاوز قبل ثلاث سنوات نسبة 34.5 في المائة.(تقرير اليونسكو). معدل الأطفال الذين لا يلتحقون بالمدارس قبل الابتدائي بلغ نحو 20 في المائة بالنسبة للذكور ونسبة 47 في المائة بالنسبة للإناث، ما يعني ذلك أن الإقبال على «روض الأطفال» والكتاتيب التي تعلم القراءة والكتابة للأطفال غير متواز بين الجنسين. وهناك كذلك اتساع الهوة بين الملتحقين بالمدرسة من الذكور والإناث. ظاهرة تشغيل الأطفال تتمركز في الوسط القروي بنسبة 5 في المائة من الأطفال (113 ألفا) مقابل 16.2 في المائة سنة 1999 (452 ألف طفل)، فيما تهمّ هذه الظاهرة في الوسط الحضري 0.4 في المائة من الأطفال البالغين ما بين 7 وأقل من 15 سنة (10 آلاف) مقابل 2.5 في المائة سنة 1999 (65 ألفَ طفل) حماية القاصرات لا تزال معقدة نظرا للفئات العديدة والمختلفة المُعرَّضة لهذا الخطر خاصة من الإناث المتواجدات خارج النظام المدرسي، والخادمات الصغيرات المستغلات اقتصاديا «العمالة»، وضحايا الاعتداءات الجنسية، والإناث المتخلى عنهن خاصة عند الولادة. ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال أصبحت مقلقة في المجتمع المغربي هل للمجلس اقتراحات لوضع قانون يحد من هذه الظاهرة وما هي الإجراءات التي تقترحونها للتقليل من حدتها.؟ التحدي المطروح اليوم ليس على مستوى النصوص القانونية، ولكن على مستوى العقليات. لأن النصوص القانونية تضمن الحماية وتضمن عقابا شديدا للذين يقومون بالاغتصاب والاعتداء الجنسي. وهناك مشاريع نصوص قانونية على مستوى المؤسسة التشريعية التي تشدد من العقوبة لتصل إلى30 سنة فيما يخص اغتصاب الأطفال. ولكن التحدي اليوم مطروح على مستوى العقليات. فهذه الظاهرة التي انفجرت بصورة جديدة مؤخرا، يجب أن نفهم مسبباتها البينية والعميقة. ولا يمكن الاشتغال على هذه الظاهرة دون معرفة مسبباتها. فهل هذه الظاهرة لها علاقة بالتكوين الاجتماعي؟ أم لها علاقة بالتربية داخل البيت والمدرسة والشارع؟ هل لها علاقة بالزخم الإعلامي الذي يعيش فيه المجتمع المغربي؟ أم لها علاقة بالتحول المجتمعي الذي يعيشه المجتمع المغربي؟ لأن الجواب القانوني هو مكوّن من الإجابات التي سنقدمها، رغم أنه يظل غير كاف إذا لم نصغ أجوبة لها علاقة بتغيير العقليات، وبتغيير السلوك وبتقوية القدرات لمختلف المتدخلين. وهناك دراسة في طور الانجاز لفهم الظاهرة وفهم أسبابها والمتدخلين، عند ذلك سنقوم بصياغة أجوبة تكون ناجعة فاعلة ودائمة على المستوى البعيد. كيف يمكن إدماج الشباب والأطفال لوضع سياسة واضحة لحماية الطفل؟ يتم ذلك عبر المساهمة الفعلية للأطفال في المشاورة الوطنية لوضع البرنامج الوطني المندمج لحماية الطفل، وتفعيل ووضع آليات للمشاركة الفعالة للأطفال بالمؤسسات التشريعية من خلال الإسهام الفعال لبرلمان الطفل والأخذ بعين الاعتبار اقتراحاته في بلورة السياسة العمومية لحماية الطفولة إضافة إلى تعميم مجالس الأطفال والشباب في تدبير الشأن المحلي بالجماعات، مع الأخذ بعين الاعتبار آراء الأطفال في المؤسسات التعليمية والقاطنين في مؤسسات الرعاية الاجتماعية ومراكز حماية الطفولة..