في الوقت الذي بدأت ببلجيكا أطوار محاكمة خلية متهمة بالمشاركة في أنشطة جماعة إرهابية، يغيب عنصر مهم عن القضية رغم بروز اسمه بقوة كطرف أساسي في الملف. يتعلق الأمر بعبد القادر الفرساوي، الإمام المغربي الأصل، الذي برز اسمه لأول مرة وتداولته وسائل إعلام عديدة إبان الأحداث الإرهابية التي شهدتها العاصمة الإسبانية، مدريد، عام 2004، حيث تم تقديمه حينها كمتعاون مع المخابرات الإسبانية وكان يُعرف بلقب "كارطاخينا"، وكان له دور في كشف خلية "مدريد". وكانت وسائل إعلام إسبانية قد كشفت حينها عن الدور الكبير الذي لعبه الفرساوي، الذي كان إمام بمسجد "تاكوما" بفيلافيرد ضواحي العاصمة الإسبانية، مدريد، مشيرة إلى أن تعاونه مع المخابرات الإسبانية بدأ حتى قبل التفجيرات التي شهدتها مدريد عام 2004 والتي راح ضحيتها 191 شخصا. على إثر الأحداث الإرهابية التي شهدتها مدريد، برز اسم الفرساوي كمتعاون مع المخابرات الإسبانية، الأمر الذي عبر عن استيائه بخصوصه حينها حيث أكد أن المخابرات "خانته" وأنه ما كان عليها أن تكشف اسمه، مشيرا إلى أنه صار هو وأسرته الصغيرة عرضة للخطر إثر تعرضه ل"تهديدات بالقتل"، قال إن كان يتلقاها من قِبل متطرفين عبر الهاتف والانترنيت. اختفى الفرساوي لسنوات قبل أن يبرز اسمه مجددا حين ذكرت الصحافة الفرنسية أنه التقى بمحمد مراح، الفرنسي الجزائري مرتكب هجمات تولوز الدامية عام 2012، وذلك ثلاثة أسابيع قبل ارتكابه تلك الهجمات، "كان يريد أجوبة تهم بعض الأمور الدينية" قال الفرساوي للمحققين البلجيكيين تعليقا على لقائه بمراح الذي أشار إلى أنه لم يكن يعرفه وأن صديقا مشتركا بينهما هو من جمعهما. صحيفة "ماريان" البلجيكية، أعادت ترتيب الأحداث وذلك من خلال تحقيق نشرته عبر موقعها الإلكتروني، حيث تشير باستغراب إلى بروز اسم الفرساوي في عدد من القضايا ذات الصلة بالجماعات الإرهابية، وكيف أنه بالرغم من ذلك نجح في أن يفلت من المتابعة القضائية ولم يتجاوز الأمر في أقصاه توجيه استدعاء إليه والاستماع إلى أقواله دون اعتقاله. اليوم، مرة أخرى يبرز اسم الفرساوي في ملف جديد مرتبط بمتابعة شابين سافرا قبل نحو سنتين نحو سوريا للانضمام إلى جماعات إرهابية هناك، قبل أن يقررا العودة ليتم بمجرد نزولهما من الطائرة اعتقالهما ومتابعتهما بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي. "مراد.د" ذو الأصول التركية، و"إبراهيم.إ" الحامل للجنسية البلجيكية، التحقا بسوريا للقتال إلى جانب الجماعات الإرهابية في عام 2013 حين كان سنهما لا يتجاوز 18 عاما، وبمجرد عودتهما واعتقالهما كشفا للمحققين أن من ساعدهما على السفر ليس سوى عبد القادر الفرساوي. "مراد.د" ذكر أن الفرساوي أخذه من بيت أسرته على الساعة السادسة من صباح يوم العشرين من شهر نونبر من عام 2013، حيث رافقه إلى مطار "بروكسيل"، وقبل ذلك إلى وكالة الأسفار وأعطاه مبلغ "50 أورو" قبل أن يسافر، نفس الشيء قام به مع الشاب "إبراهيم.إ"، كما أنه كان يتحدث باستمرار مع الشابين خلال الأيام التي سبقت السفر، وحرص على أن يوجه إليهما "نصائح" من قبيل "اكتبا لوالديكما وأخبراهما أنكما حاولتما توجيهها للطريق المستقيم"، "اذهبا بسرعة قبل أن يمنعكما الشيطان"، "ثقا في الله"… الشابان اليوم يتابعان بتهمة "الانتماء لجماعة إرهابية" وذلك في إطار الخلية المعروفة باسم "خلية دوني"، وبينما يواجه المتهمون في إطار هذه القضية السجن لسنوات، فإن الفرساوي ذو 42 عاما، يستفيد حسب وسائل إعلام بلجيكية، من معاملة وصفتها ب"الاستثنائية"، حيث قررت المحكمة استدعاءه بصفته "شاهدا" فقط، مع العلم أنه مختف في الوقت الحالي. "لماذا عبد القادر الفرساوي الملقب بأبي جابر يتمتع بحصانة تسمح له بالإفلات من المتابعة أو استدعاءه للمحكمة؟" تتساءل الصحيفة البلجيكية "ماريان" باستغراب، لتردف بالقول إن الجواب على ذلك السؤال يحرج السلطات والسبب، حسب المصدر نفسه، أن الفرساوي عنصر متعاون مع المخابرات البلجيكية بعدما كان متعاونا مع المخابرات الإسبانية !