دعا أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، علماء الدين والمشايخ في العالم الإسلامي إلى استعمال قدرتهم كوعاظ من أجل كسب الجمهور الواسع من المسلمين، وإلى استخدام صوتهم الشرعي والمشروع لكسب رهان قضية حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي. وأوضح التوفيق، خلال كلمة ألقاها في الجلسة العامة الثانية حول "التأطير والتأصيل لقضية الأقليات الدينية في الديار الإسلامية"، التي التأمت ظهر أمس الاثنين، خلال المؤتمر الدولي حول "حقوق الأقليات الدينية في الدول الإسلامي.. الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة"، المنعقد بمدينة مراكش بين 25 و27 من شهر يناير الجاري، بأن العلماء هم المعنيون بتأويل النصوص الدينية، والمطالبون بتصحيح المفاهيم الخاطئة، بالنظر إلى لمكانتهم ودورهم، لاسيما في مسألة حقوق الأقليات الدينية. وأضاف وزير الأوقاف أن الأديان السماوية جاءت لترسيم الخير القائم على العدل والاعتدال، وللتنافس فيه على أساس كوني لا على أساس التناحر الطائفي، لافتا إلى أن العالم يواجه حاليا أزمات تهدده وقد تدفع بالإنسان، على نطاق واسع، إلى الاهتمام من جديد بمعنى الحياة ومعنى الوجود، بعد أن جرب في مسيرته المعاصرة أنماط عيش وسلوك وتفكير متباينة. وفي السياق ذاته، أشاد مجموعة من وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية بالدول المشاركة في هذا المؤتمر بسياسة المغرب في مجال تدبير الشأن الديني، والدور الذي يقوم به على صعيد نشر قيم التسامح والتعايش بين الأديان، ونبذ كل أشكال التطرف والتمييز على أساس ديني. كما نوه المختار جمعة، وزير الأوقاف بمصر، بالدور الكبير الذي يلعبه المغرب في تشجيع الحوار بين الثقافات والأديان، ونبذ مختلف أشكال التطرف واحترام الأقليات الدينية وحفظ حقوقهم، داعيا المؤسسات الدولية والحكومات المحلية إلى ترسيخ مبدأ التعايش السلمي بين الأديان والحضارات، والعمل على استصدار قانون دولي يجرّم ازدراء الأديان، ويعمل على نشر قيم التسامح بدل الانشقاق والانقسام والإقصاء. من جهته، أشاد وزير الشؤون الدينية الباكستاني، سردار محمد يوسف، بالمكانة المتميزة التي يحظى بها المغرب على الصعيد العالمي، من خلال نشره لقيم التسامح والإخاء بين الأديان، ونبذه لكل أشكال التطرف والإقصاء، موضحا بأن التعاليم السمحة للدين الإسلامي تدعو إلى احترام الديانات الأخرى، مطالبا، في المقابل، الدول غير المسلمة بضرورة حماية الأقليات المسلمة ببلدانها، وصون حقوقها ودينها، لافتا إلى تجربة بلاده في مجال تعايش الأقليات الدينية، وهو التعايش الذي أكد بأنه منصوص عليه في الدستور الباكستاني. بدروه، أشاد وزير الشؤون الدينية السينغالي، بابا سيسي، في كلمته، خلال الجلسة المسائية للمؤتمر، بما سمّاه ب"الحالة المغربية المثالية في ثبوت المشروعية الدينية للحاكم"، من خلال إمارة المؤمنين، في بعدها الرمزي والوظيفي، التي قال إنها هي النظام الأصلي في الدين الإسلامي، معتبرا بأن المغرب يعد نموذجا يحتذى به في مجال نشر قيم التعايش والحوار بين الأديان والحضارات، داعيا القائمين على الشأن الديني في دول العالم الإسلامي باستلهام النموذج المغربي وحكمة قيادته الرافضة لكل أشكال التطرف والعنف الدينيين. ويناقش المؤتمر، الذي يشارك فيه 150 عالما ومفكرا مسلما، و40 من الوزراء والشخصيات الرسمية، حقوق الأقليات الدينية في البلاد ذات الأغلبية المسلمة، ووضع تصور جديد للمواطنة في هذه الدول، بما يتوافق مع التراث الإسلامي، والسياق الحضاري المعاصر المكفول بحقوق الإنسان والدساتير الوطنية، وكذا الإطار الشرعي لقضية الأقليات الدينية، في ضوء السياقات التاريخية والأبعاد الحقوقية المحلية والدولية، تحقيقا للتعايش والاندماج، في إطار "المواطنة التعاقدية" يتصالح فيها الانتماء الديني مع الدولة الوطنية المعاصرة.