طارق باطما فنان مغربي شاب، ينتمي إلى العائلة التي أغنت الساحة الفنية المغربية باسم «العربي باطما» عمه. أصدر مؤخرا ألبومه الثالث، ويتميز بلونه الغنائي الموسيقي الخاص. في هذا الحوار يحدثنا عن ذلك وعن واقع فن الشباب، وكذا سر التوتر الحاصل بينه وبين دنيا باطم ما سر التوتر الحاصل بينك وبين دنيا باطما؟ وكيف هي العلاقة التي تربطك بها؟ علاقتي بدنيا باطما هي علاقة أخوية، يطبعها الاحترام والمحبة، وتشرفني باعتبارها ابنة عمي.
لكن خروجك الإعلامي الأخير، متحدثا عنها، يقول إن هناك تشنجا ما؟ خروجي الإعلامي ناتج عن اهتمامي بدنيا باطما كصوت بالأساس. فبحكم قربي من جمهوري وتواصلي معه على شبكات التواصل الاجتماعي، صرت قريبا جدا مما يكتبه ويحكيه الجمهور العام عن دنيا باطما على مدى سنتين، فلمست حجم الإساءات التي تلقتها دنيا ومعها صورة عائلتها بسبب عملها مع الإعلام الخليجي، الذي يشبه الإعلام الأمريكي في احترافيته، من حيث التركيز على صناعة النجم والتركيز على خصوصياته، وهذا الإعلام لم يتعود عليه المغاربة، وسايرته دنيا، ما جعل كثيرين يسخرون مما ينشر عن دنيا أو ما تتحدث عنه بشأن زواجها وما ماثله، كما خاض كثيرون، بسبب الجهل أو الحسد، في مقارنات لا أساس لها بين دنيا وأفراد عائلتها كالعربي باطما، والقول إنها أساءت لهم، وهذا غير صحيح. وبناء على هذا، قدمت لدنيا وللجمهور من خلالها نصيحة.
ما هي هذه النصيحة؟ هي الاهتمام بالفن ونشره بدل التركيز على الخرجات الإعلامية للحديث عن الخصوصيات، لأن دنيا تملك كل الإمكانيات، ومنها شهرتها التي حققتها، والتي يحتاج غيرها إلى عشرين سنة ليحققها، هذه الشهرة وصوتها وقربها من كبار الكتاب والملحنين يمكنها استثمارها. دنيا لم تخرج بعد من «آرب أيدل»، مازالت مكتفية بأداء الأغاني التي غنتها فيه، وقد حان الوقت لتقدم إنتاجاتها الخاصة، ألبوما، أو أغاني جديدة، فهي منذ بدأت لم تقدم غير أغنية واحدة، وذلك حتى يتجه الجمهور إلى الاهتمام بفنها بدل حياتها الخاصة، لتترك بصمتها الخاصة، وتغني الخزانة الموسيقية المغربية مثل الفنانين الكبار المغاربة، وتحافظ أيضا على اسم باطما. وأيضا لأن الشهرة على النحو الذي تسلكه دنيا تزول مع الوقت، وما يخلد هو الأعمال الفنية الكبيرة التي يقدمها الفنان. وندائي للجمهور أنه إذا أحب فنانا فليحبه لفنه وليدع عنه خصوصياته جانبا.
لكن المألوف هو أن الجمهور حين يعجب بفنان يصير مهتما أيضا بشخصه؟ وهنا المشكل، فالاهتمام بالبحث في شؤون دنيا باطما الخاصة، وازاه تدخل في شؤوني الخاصة أيضا، حيث صرت أتلقى الكثير من الأسئلة الخاصة المزعجة، والكثير من الإساءات التي استغلت فيها صورة دنيا الحالية، ما خلق نوعا من البلبلة.
كيف ترى جيل الفنانين الحالي، الذي تنتمي إليه، مقارنة بجيل الرواد؟ الفنانون الكبار من الرواد لا يعلى عليهم، وكانوا مميزين ومتكاملين لأن خلفهم كان كتاب كلمات وملحنون كبار، وموسيقيون، الذين كان لهم الدور الكبير في النجاح الذي حققه هؤلاء المطربون، وهو الأمر الذي لا ينتبه له الجمهور. وأغاني الرواد تجاوز صيتها الحدود رغم إمكانيات التواصل البسيطة التي كانت سائدة. اليوم لدينا كل الوسائل للتواصل والانتشار، لكن المشكل الذي نعانيه هو الاهتمام الحالي بالصورة والقالب على حساب المضمون.
لكن هذه ظاهرة عامة لا تخص المغرب فقط؟ صحيح، والمشكل أن هذه الظاهرة صارت تستغل بشكل سلبي للغاية، فكثير من الشباب تجده اليوم «يركب على حدث معين»، بكلمات لا قيمة لها ويثير ضجة على الأنترنت وغيرها، ويطلق «سينغل»، وهمه في كل هذا «الفلوس» والشهرة... هذا بخلاف جيل الرواد الذي كان يبحث عن تقديم الجميل دائما، وأتحدث هنا عن الأغنية العصرية.
وماذا عن الأغنية المغربية بشكل عام؟ بشكل عام، صرنا في زمن «الفاست فود» و«غير كور واعطي لعور»، هذا هو النهج المتبع حاليا، والهدف المادي أقوى من الهدف الفني.
وماذا عن النوع الموسيقي الغنائي الذي يؤديه طارق باطما؟ النوع الذي أشتغل عليه، والذي يعتمد مزيجا بين العديد من الألوان الغنائية الفلكلورية المغربية والعربية والغربية، والذي بدأته في التسعينات، عرف نجاحا كبيرا في بداياته، لكن هذا اللون «انطفأ» في الوقت الراهن، بسبب غياب الكلمات الجميلة التي تعتمد زجلا يحمل صورا فنية، فقد طغت اللغة المباشرة على كلمات الأغاني، فالكتاب «ما كيغزلوش مزيان وكيصنعو زربية بلون واحد بلا تفنن بلا ألوان بلا زواق».
ماذا أضفت لعائلة باطما الفنية؟ وكيف أثر انتماؤك إليها على مشوارك الفني؟ أردت دائما أن يستمر اسم باطما لامعا في الساحة الفنية، ولذلك اجتهدت في اللون الذي أقدمه. والجميل في عائلة باطما أنها متعددة وتغني ألوانا مختلفة، فهناك سعيدة بيروك والدتي التي عنت مع «المشاهب» ومحمد باطما والعربي باطما وخنساء باطما ودنيا باطما وأنس باطما وحميد باطما ورشيد باطما بالإضافة إلي. هذه العائلة قدمت الكثير للساحة الفنية المغربية. وفي بداياتي لا أنكر أن لقب باطما ساعدني كثيرا، وتعرفت على موسيقيين كبار. ولو لم يكن لي هذا اللقب لما ساعدني أحد، باعتقادي. كما أن انتمائي إلى عائلة باطما جعلني أدرك حقيقة الوسط الفني قبل دخوله، وأعرف أنه مليء بالحفر والمكائد، بالإضافة إلى وجود عناصر فنية صادقة. فاحتكاكي بعائلتي الفنية، بخلاف زملائي الذين لا ينتمون إلى عائلات فنية، وبعمي الراحل «العربي» منحني فرصة أخذ فكرة شاملة عن الوسط الفني في المغرب، الذي يمكن أن يقضي فيه الفنان عمر 40 سنة لتجده في النهاية مهمشا.
هذا يعني أنك استغللت هذا الاسم لتحقق ما لديك الآن؟ صحيح أني استفدت من الاسم، لكني أيضا اجتهدت، عن طريق الآلة التي أحبها، حاملا «الكِيتار» وليس «البندير»، وبقدراتي الخاصة، ولم أتجه نحو إنشاء مجموعة غيوانية أخرى على غرار «ناس الغيوان» أو «لمشاهب».
ما جديد طارق باطما الفني؟ أصدرت ألبوما جديدا، هو ألبومي الثالث، تحت اسم «سمعت صوتك»، يضم 8 أغانٍ عبارة عن مزيج بين الألوان المحلية المغربية العربية والعالمية، تطرقت من خلاله إلى مواضيع إنسانية واجتماعية تخص المغاربة. وهذه الأغاني هي: «سمعت صوتك»، «هوايجا»، «بابا ميمون»، «آه يومي»، «الدنيا ما هانيا»، «قلبي قساح»، «بوجمعة»، «شي وشي»، وقد ساهم في ألبومي هذا عدد من الموسيقيين، هم: أنس شليح، وأنس باطما، ومحمود شجار، ومحمود الحلوي، وخالد لمنور، وطارق لحجايلي.