في أول تقرير لها منذ تعيينها مديرة لصندوق المقاصة، في مارس الماضي، وضعت سليمة بناني، مديرة الصندوق يدها على مكامن الخلل في تدبير صندوق المقاصة، لموضوع الدعم. التقرير النصف السنوي، حول أنشطة صندوق المقاصة لسنة 2013، كشف عدة اختلالات في عدة مستويات وهي: أولا، عدم توفر صندوق المقاصة على اشتراك يمكنه من الاطلاع على أسعار المواد الأولية، في الأسواق العالمية، أو على أسعار الدولار. وفي ظل هذا الواقع، فإن الصندوق يعمل على تصفية ملفات الإستيراد دون إمكانية التصديق على هاتين المعلومتين، ويكتفي بالاعتماد على الفواتير كوسيلة لإثبات مصاريف وتكلفة الاستيراد. ويشير التقرير إلى أن عدم مراقبة وتدقيق أسعار شراء المواد البترولية وأسعار الدولار، ناتج أيضا عن انقسام المسؤوليات، في قطاعات وزارية متعددة.
غياب للوثائق ليس هذا فحسب، بل يشير التقرير، الذي حصلت « اليوم24» على نسخة منه، إلى أن «بعض ملفات الدعم يتم تصفيتها في غياب أي وثيقة مبرهنة»، حيث يتم الاكتفاء بالتصريح الذي تقوم به الشركات. ويشير التقرير إلى أنه «بما أن صندوق المقاصة لا يتوفر على مصلحة للمراقبة الخارجية بإمكانها تحقيق دوريات للمراقبة عند جميع الفاعلين، في القطاعات المدعمة، فإنه يصعب التحقق من التصريحات التي يتوصل بها». بل إن عدم تمكنه من مراقبة هذه المواد، يحول «دون تدخله كفاعل في منظومة الدعم، وعدم مشاركته في مناقشة السياسات التي تعتمدها الشركات لاستيراد المواد الأولية، ولا أيضا التكاليف المترتبة عن هذا الاستيراد». ومن الاختلالات الأخرى أن تركيبة الأسعار التي يعمل بها صندوق المقاصة، لم تتم مراجعتها منذ سنة 2009، وبالتالي، فمستويات الدعم التي تحددت لكل بند لم تأخذ بعين الاعتبار التغييرات التكنولوجية التي من شأنها تقليص التكاليف، وهي ظاهرة عامة تستفيد منها كل شركات العالم في جميع القطاعات. ويعلق التقرير بأن «مراجعة تراكيب الأسعار بطريقة دورية من شأنه أن يحد من تكاليف المقاصة التي تنبني حاليا على رؤية جامدة، مما يمنح لخزينة الدولة إمكانية الاستفادة من انخفاض التكاليف المتعلقة بالتطور التكنولوجي. كما أن تراكيب الأسعار الشهرية لا تساعد على تقليص تكاليف الدعم في ظرفية تتسم باضطرابات كبيرة في الاسعار». ويشكف التقرير أيضا عن أن الدعم يوجه مبدئيا للاستهلاك، لكنه على أرض الواقع يتم احتساب الدعم على أساس الكميات المقتنات من طرف الشركات سواء منها الفاعلة في مجال المواد النفطية أو الفاعلة في مجال غاز البوطان. ويسجل التقرير أن الدعم يوجه بالفعل إلى سياسات شراء تغيب الدولة عن القرار فيها، أو تأطيرها، أو حتى الاطلاع عليها. وبخصوص الدعم الممنوح لبعض القطاعات يلاحظ التقرير أنه «ينبني على منطق قطاعي قديم، كان يعتمد على وجود شركات لاستيراد المواد المدعمة، وشركات لتوزيعها وشركات تتكفل بنقلها». ويرى التقرير أنه مع إدماج مختلف هذه المستويات في شركات موحدة تتكلف بالاستيراد والتخزين والتوزيع، والنقل، «فإنه من غير المعقول أن يتم دعمها على أساس أنها ثلاث شركات مستقلة مع العلم أنها شركة واحدة. مشيرا إلى أن هذه الوضعية تؤدي الى كون جل تكاليف الدعم تعتمد على أساس فواتير داخلية من الشركة الى ذاتها». ويكشف التقرير أيضا عن أن من بين الإشكاليات التي تواجه الصندوق، هناك الملفات العالقة، التي وصلت مبالغها إلى 580 مليون درهم، مشيرا إلى أنه عادة ما يجري الحديث عن أرقام متأخرات الأداء بالنسبة للصندوق في حين لا يتم ذكر مبالغ الملفات العالقة. ومن الصعوبات التي يواجهها الصندوق عدم تمكنه من استخلاص ما قدره 217 مليون درهم إلى غاية ماي 2013 دون احتساب فوائد التأخير، وذلك رغم المحاولات المتكررة من الخازن الآمر بالأداء. ويتعلق الأمر بالضرائب التلقائية التي يفرضها الصندوق على الشركات بسبب إخلالها بالتزاماتها فيما يخص التصريح واسترجاع الدعم، والتي ينص عليها الظهير المنظم للصندوق. كما أن عدم أداء هذه الضرائب يطرح إشكالية أخرى هي اتخاذ تدابير عقابية في حق المستفيد من الدعم الذي اتضح أنه حاول الاستفادة منه بطرق غير مشروعة، أو أنه صرح بمبالغ خاطئة أو أدلى بفواتير مزورة. ومن الإشكاليات التي وقف عليها التقرير، عدم تمكن صندوق المقاصة من استخلاص 3.78 مليار درهم، إلى حدود متم أكتوبر الماضي، وهي عبارة عن مداخيل مفترضة يستفيد منها الصندوق من خلال الاقتطاعات المقررة على الشركات لتكوين مخزون الأمان بالنسبة لغاز البوطان، وهي اقتطاعات حددت في 30 درهم للطن. وحسب التقرير فإنه «مع كونها مداخيل إلا أن الصندوق لا يستفيد منها لا نقدا أي كاسترجاع، ولا دينا أي بالاقتطاع من متأخرات الأداء».
إمكانيات بشرية ضعيفة أمام هذه الاختلالات لا تتوفر إدارة صندوق المقاصة سوى على إمكانيات بشرية محدودة، كما ونوعا، حيث لا يتعدى عدد الموظفين به 31 موظفا من بينهم موظف في حالة استيداع لغاية 2014، وموظف موضوع رهن إشارة النادي الملكي للفروسية، منذ سنة 1997، وآخر سيحال على التقاعد عند متم السنة الجارية، أي أن عدد الموظفين النشيطين لا يتعدى 27 موظفا، موظفان منهم موضوعان رهن إشارة الخازن العام المكلف بالأداء. ويسجل التقرير أن 5 موظفين فقط، يحملون شهادة الإجازة، وموظفة واحدة لها شهادة جامعية فوق الإجازة. وتسعة موظفين حاصلين على شهادة تقني (باكلوريا زائد سنتين)، و53 في المئة من الموظفين لهم مستوى يعادل الباكلوريا أو أقل.