ما زالت الحكومة لم تهتد إلى طريقة لجعل الدعم الذي يقدمه صندوق المقاصة يصل إلى مستحقيه، وسط توقعات بأن تقوم شركات خاصة بمراقبة صرفه في القريب، وقد خصصت الحكومة 20 مليار درهم كغلاف مالي لصندوق المقاصة، 6,12 مليار درهم لدعم المحروقات وغاز البوطان، و4,7 مليار درهم للمواد الغذائية، في الوقت الذي كشف فيه تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2006 حول هذا الصندوق عن غياب المراقبة الميدانية لملفات الدعم لدى الشركات المستفيدة، بحيث لم يتم إنجاز أي تقرير في هذا الإطار، مما يساهم في جعل المقاولات المستفيدة من الإعانات خارج أية مراقبة أو فحص، وبالتالي ذهاب تصفية ملفات الإعانات أدراج الرياح، رغم أن فريق المراقبة يتقاضى التعويض المالي عن المراقبة. وأكد نزار بركة الثلاثاء الماضي في لقاء مع الصحافة غياب المراقبة المالية للشركات المستفيدة رغم التنصيص عليها من لدن المجلس الأعلى للحسابات، وأضاف أنه سيفتح طلب عروض يهدف إلى تكليف جهاز متخصص من أجل مراقبة الدعم، من جهته أوضح عباس الفاسي الوزير الأول أنه لم يتم بعد الوصول إلى كيفية إيصال الدعم إلى الأسر الفقيرة. وسلط التقرير الضوء على جملة من الاختلالات يتخبط فيها صندوق الموازنة، المؤسسة العمومية التي تروم الحفاظ على أسعار السكر والدقيق وغاز الاستعمال المنزلي (البوطان) والمحروقات، سواء من حيث تدبير وتسيير البيت الداخلي، أو فيما يخص التعاملات مع أشخاص من خارج الصندوق خارج الإطار القانوني المنظم له. وبخصوص المواد النفطية، أشار التقرير إلى محدودية نظام المقايسة بهذه المواد، فبدل أن تستقر أسعار النفط، ويبقى المستهلك المغربي في منأى عن الزيادة، استفادت المصفات من مجمل الدعم الموجه لتثبيت الأسعار. كما تستفيد العديد من الشركات من حصة الأسد من الميزانية المخصصة للدعم، إذ تستغل هذه الشركات المصاريف البنكية المخصصة لدعم غاز البوطان أثناء الاستيراد، وتضاعف من نسبة هذه المصاريف إلى 6 أضعاف أو 12 ضعف للطن الواحد، مما يلحق أضرارا جسيمة على الصندوق حسب ما جاء في التقرير. وقال عبد الحق العربي مهندس إحصائي اقتصادي في تصريح ل التجديد أن الفساد مستشري على جميع الأصعدة في صندوق المقاصة كما يكشفه التقرير، ويشوب جميع المراحل التي يقطعها الدعم، علاوة على أنه لا يخضع للمراقبة، ويعرف فوضى في التسيير، وأن الحكومة لا تتحكم في كيفية تدبير الصندوق، وقد خرج من سيطرتها، موضحا أن ترشيد ميزانية الصندوق كان بإمكانه أن تحقق انخفاض أسعار المواد الغذائية إلى أقل مما هي عليه. وأفاد المصدر ذاته على أن ما كشف عنه التقرير لا يعدو أن يكون مجرد الظاهر من الجبل الثلجي، بحيث ما زالت ملفات خطيرة لم يتم التطرق إليها، كالدعم المخصص لشركات النفط والسكر ومطاحن الحبوب، والذي لم يصل في بعض الأوقات إلى هذه المؤسسات، مما جعل الديون تتراكم على الحكومة. وفي إطار الأزمة العميقة التي يعيش على وقعها الصندوق، كشف التقرير عن أداء الصندوق لتكلفة إضافية فيما يتعلق بغرامة التأخير المرتبطة بتفريغ حمولة البواخر، والتي يؤديها إلى شركات النقل، لكون الشركات المستوردة هي التي يجب أن تتحمل هذه التكلفة، بالإضافة إلى غياب مراقبة عمليات الدعم الممنوح لمادة السكر، من ثم يصعب على الصندوق التأكد من معلومات ملفات الدعم والوثائق المتعلقة بالفواتير وحصيلة المواد. وحسب التقرير، فقد قام الصندوق بمنح قروض السكن لأشخاص غير تابعين له، دون التوفر على الضمانات الضرورية لاسترجاعها، وحسب جواب صندوق الموازنة فإن هذه القروض تمت بناءا على قرار رئيس مجلس الإدارة وموافقة وزير المالية.