بعد تونس والجزائر، جاء الدور على المغرب، حيث أعلنت السلطات عن تسجيل أولى حالات الإصابة بمرض الحمى القلاعية في صفوف قطيع الأبقار بضواحي سيدي بنور، حيث خلق هذا الوضع الجديد حالة استنفار قصوى وسط المصالح البيطرية المختصة. منير سرتيني، أحد البياطرة المفتشين، ومنسق اللجنة الوطنية للأطباء البياطرة، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، كشف لموقع "اليوم 24" عن الفرضيات الممكنة، التي تفسر تسلل الداء إلى التراب الوطني، على الرغم من أن المغرب اعتمد نظاما واسعا للتلقيح. 1. المغرب أنفق أموالا كثيرة على عملية تلقيح الماشية، خصوصا الأبقار والأغنام، وعلى الرغم من ذلك تمكن مرض الحمى القلاعية من التسلل إلى القطيع الوطني، كيف تفسرون ذلك؟ بالتأكيد، ترصد سنويا ميزانيات خيالية لإنجاز حملات تلقيح الحيوانات المجترة على الصعيد الوطني. وبالنسبة إلى الحمى القلاعية، تم إنجاز حملتي تلقيح لما يقارب 2,7 مليون رأس بقر، حسب الرواية الرسمية، الأولى عام 2014، وذلك تزامنا مع ظهور هذا الوباء بتونس، وانتشاره بالجزائر، والثانية في الأشهر الأولى لعام 2015 لدعم المناعة الحيوانية، وعلى الرغم من ذلك المرض تسلل إلى المغرب نتيجة ثلاثة عوامل أساسية: – صعوبة التحكم في دخول بعض الحيوانات عبر الحدود الشرقية – صعوبة ضبط ومواكبة تنقل القطيع على المستوى الوطني، بسب غياب إطار قانوني، يؤطر هذا الشأن، وكذلك الصعوبات الميدانية، التي تواجه تطبيق نظام ترقيم الأبقار في مستهل مشواره. الاختلالات التي تعانيها منظومة وقاية القطيع الوطني من الأوبئة الوافدة، وتطهيره من الأمراض المعدية. 2. بالنظر إلى ما وقع، هل تعتقد أن الاستراتيجية المعتمدة في هذا الإطار تحتاج إلى تغيير؟ الاستراتيجية الراهنة أصبحت جد متجاوزة، لأنها تلخص الشراكة مع القطاع الخاص في توزيع مناطق جغرافية شاسعة على البياطرة الخواص لإسداء خدمة مؤقتة تتمثل في التلقيح، مقابل إقصاء المئات من الاستفادة، ويتم ذلك بعيدا عن الضوابط القانونية، المتعلقة بالصفقات العمومية والمنافسة الحرة، مع الحرص على عدم نشر لائحة الأطباء المستفيدين، مما يجعل من الميدان عرضة للمحسوبية والزبونية. الأكثر من ذلك، غياب نصوص قانونية صارمة تلزم الكساب بتقديم حيواناته للتلقيح، ودعايات إعلامية مسبقة للتحسيس بأهمية هذه الحملات، يؤثر بشكل سلبي في بلوغ الأهداف المتوخاة. بالإضافة إلى غياب تنسيق محكم بين السلطات المحلية والبيطرية بتحديد لوائح مربي الماشية سنويا. وبكل صراحة، حان الوقت لتقوم أجهزة الدولة، المكلفة بالتدقيق والتقييم، بدراسة منظومة الصحة الحيوانية لتقديم اقتراحات عملية وإجبار المؤسسة الحكومية، المنوط لها هذا الشأن على إدخال التعديلات اللازمة والجريئة، بعيدا عن ضغوطات اللوبيات التي لا تدافع إلا عن مصالحها المادية. 3.هل مكنت السياسة المتبعة في مجال الصحة الحيوانية المغرب من حماية قطيعه من بعض الأمراض، التي باتت في مجموعة من الدول متجاوزة؟ تعد تنمية السلاسل الإنتاجية للحوم الحمراء والحليب أهدافا رئيسية لمخطط المغرب الأخضر، ولا يمكن التباهي بالإنجازات إلا في ظل التوفر على قطيع حيوانات مجترة سليمة، لذلك وجب، بعد انتشار مرض اللسان الأزرق، ووباء الحمى القلاعية، الإنصات لأفكار الكفاءات التي تزخر بها المصالح المركزية للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، من أجل تأهيل هذا الوضع الصحي غير المشرف.