هي أمراض تصيب الماشية أساسا، من أبقار وأغنام وإبل وماعز، وعلى رأسها الحمى القلاعية والجدري والسل البقري، والتي يشكل بعضها خطرا على الإنسان إذا ما انتقلت إليه. وعوض أن تواجه بسياسة جذرية للقضاء عليها، يتم الاكتفاء بحملات تنفق عليها الملايير لكنها لا تقضي على الأمراض. رغم أن بلدانا كأمريكا وكندا وأستراليا، قد استأصلت مرض «الحمى القلاعية» منذ ما يقارب قرن من الزمن (1929)، إلا أن الفيروس لازال يضرب بقوة في بلدان أخرى. وهذه المرة لم يجد أفضل من الجارة الجزائر، إذ كان سببا في هلاك عشرات الآلاف من رؤوس الماشية هناك. المرض -من دون سابق إنذار- اجتاح منذ أشهر قليلة 23 ولاية من أصل 40، ولم تتمكن الحكومة الجزائرية من محاصرته حتى كاد أن يأتي على الثروة الحيوانية بكاملها. المغرب وفي خطوة استباقية أعلن حالة الطوارئ على حدوده الشرقية، وأطلقت المصالح البيطرية التابعة ل«المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية»، سلسلة من الإجراءات الاستعجالية. ووفق مصدر مطلع بالمكتب، فإن الإجراءات الأولى المتخذة، تجلت في إحداث لجن لليقظة قصد تتبع الحالة الصحية لقطيع الماشية على صعيد جميع أقاليم الجهة الشرقية، ثم تكثيف عمليات مراقبة الماشية على الشريط الحدودي؛ فغياب المراقبة على الحدود كان يعني الانتقال الحتمي للفيروس إلى القطيع الوطني، بالنظر إلى أن «مافيا التهريب» العاملة في هذا المجال غالبا ما تسعى إلى استغلال مثل هذه الفرص. تشديد المراقبة على الحدود، وفق المصدر نفسه، لحقه تقوية عمليات مراقبة الماشية بالأسواق، والمجازر، والضيعات، والإسطبلات، ومختلف مكان تجمعها، لتنتهي هذه المرحلة بتنظيم لقاءات تحسيسية لفائدة الأطباء البياطرة للقطاع الخاص، والمربين والجمعيات المهنية، وتنظيم حملة لتلقيح الأبقار ضد الحمى القلاعية بجميع أقاليم الجهة الشرقية. الجدري .. جدري الأغنام والماعز هو بحسب التعريفات الطبية المتداولة، مرض فيروسي شديد الخطورة، يصيب الأغنام والماعز ويتميز بعدد من الأعراض؛ كالحمى والطفح الجلدي، وهو الأكثر ضراوة وأهمية بين أنواع الجدري في جميع أنواع الحيوانات، ويشكل تهديدا حقيقيا للثروة الحيوانية. رغم أن المغرب أنفق المليارات على عمليات التلقيح للقضاء على هذا المرض في القطيع الوطني منذ 4 عقود، إلا أن المصالح البيطرية لازالت تسجل إصابات عدد من القطعان بهذا المرض. في هذا السياق، علمت « اليوم24» من مصادر مطلعة أن المصالح البيطرية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية خلال السنة المنصرمة (2014)، طوقت البؤر التي أعلن فيها انتشار داء الجدري بكل من جرادة ووجدة، وعددها 3 بؤر. المديرية الجهوية للمكتب -وفق المصدر نفسه- ستعمل هذه السنة على تعميم عملية تلقيح الأغنام ضد داء الجدري بالجهة الشرقية، وذلك كخطوة إستباقية لمنع تسلل المرض إلى قطعان أخرى، مع العلم أن عدوى المرض يمكن أن تنتقل من الحيوان إلى الإنسان. السل البقري.. السل البقري هو مرض يصيب الأبقار، خاصة المنتجة للحليب. المغرب لازال يسجل إصابات بهذا المرض، ولازلت الوزارة الوصية تواجهه بحملات تلقيح. ويؤكد العديد من المهتمين بالصحة الحيوانية أن هذا المرض إلى جانب أمراض أخرى كان لها تأثير على إنتاجية القطاع، لكن يبقى الخطير في المرض هو إمكانية انتقاله وإصابته للإنسان، عن طريق استهلاك مواد من أصل حيواني كالحليب غير المبستر، وقد يكون سببا مباشرا في رفع نسبة الأشخاص المصابين بالسل بشكل عام في المغرب. وبحسب الإحصائيات التي كشف عنها وزير الصحة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على داء السل السنة الماضية، الذي يصادف 24 مارس، فإن 27 ألف مغربي يصاب بهذا المرض سنويا؛ حوالي 20% بمدينة الدارالبيضاء وحدها. هذا وكشفت الرابطة المغربية لمحاربة داء السل، في تقرير لها، أن عدد الحالات المسجلة في الدارالبيضاء وحدها سنة 2013 بلغ 5311. الترقيم والمواجهة تستعد مصالح وزارة الفلاحة في تنفيذ برنامج لترقيم قطيع الماشية، وهو المطلب الذي طالب به العديد من المهتمين بالقطاع إلى أن قررت الوزارة الانخراط فيه باقتناء حلقات الترقيم العادية والإلكترونية (720.000 وحدة) والقارئ الإلكتروني (100 وحدة) خلال السنة المنصرمة، مع اقتناء نظام معلوماتي خاص بتدبير المنظومة الجديدة لترقيم الحيوانات وملاءمته مع خاصيات نظم تربية الماشية ببلادنا. وهذا المشروع سيضبط تنقلات الماشية، وسيسهل عملية حصر الأمراض المرتبطة بها. لتنفيذ هذا المشروع أبرمت المصالح البيطرية، التي ستعمل على وضع الترقيم، اتفاقيات شراكة مع الفيدراليات المهنية للمساهمة في تنفيذ البرنامج. بالموازاة مع ذلك، فإن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، ووفق برنامج عمله خلال السنة الجارية المتعلق بالصحة الحيوانية، سيواصل حماية القطيع من الأمراض المعدية، من خلال إطلاق حملة جديدة لتلقيح الأبقار ضد داء الحمى القلاعية، وأخرى لتلقيح الأغنام ضد داء الجدري، وتلقيح الأغنام والماعز ضد طاعون المجترات الصغيرة، ومحاربة مرض اللسان الأزرق عند الأغنام، وتتبع وتسيير بؤر المرض المعلنة، ومحاربة مرض السل ومرض الإجهاض المعدي عند الأبقار، بالإضافة إلى تلقيح الماشية ضد مرض الحمى الفحمية عند المجترات بالمناطق التي شهدت انتشار الوباء.