خلفت الأحكام القضائية المخففة تجاه عدد ممن تورطوا في اعتداءات جنسية على قاصرين، أخيرا، استياء واسعا في صفوف الفعاليات الجمعوية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الطفل. ومن بين هذه الأحكام، قضية طفل تمارة، البالغ من العمر عشر سنوات، الذي قضت المحكمة في حق مغتصبه بستة أشهر موقوفة التنفيذ، إلى جانب حكم بالبراءة على متهم باغتصاب وقتل قاصر نواحي أكادير، رغم أن نتائج التشريح أثبتت أن الضحية تعرض للاغتصاب قبل وفاته، كما تأكد وجود عينة من الحمض النوي للمتهم بلعاب القاصر. وتعليقا على هذا التراجع، ربط "اليوم24" الاتصال بنجية أديب، رئيسة جمعية "ماتقيش ولادي"، فكان هذا الحوار: ما هو تعليقك على هذه الأحكام المخففة أخيرا في حق عدد من مغتصبي الأطفال؟ بحكم اطلاعي على ملف اغتصاب القاصر في تمارة، فإني أعتبر أن الحكم الصادر في حق مغتصبه تشجيع على البيدوفيليا أكثر منه تراجعا، إذ صار عيبا أن نقول إن بلادنا تحترم حقوق الطفل عندما نرى مثل هذه الأحكام، التي تضرب عرض الحائط جميع الاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب في هذا الإطار. ومن جانبي، أرى أن الاستهتار بأعراض الأطفال وما تخلفه جرائم الاغتصاب من آثار على نفسيتهم، له عواقب وخيمة، فعندما لا ينصف القضاء هؤلاء الأطفال، يكبرون مع أزماتهم، وتزداد عقدهم بمرور الزمن، ليولد لديهم إحساسا بالحقد تجاه المجتمع، فيفقدون ثقتهم في عدالة البلاد، ويصبحون قنابل موقوتة. وأحيانا يتجه البعض منهم نحو أخذ ثأره بنفسه حتى يشفي غليله مما تعرض له. أين مكمن الخلل تحديدا في هذه الحالات؟ أولا، نحن لا نضرب في قناعة القضاة، لكن حينما تكون الإدانة يجب تطبيق فصول المتابعة، وهي بالمناسبة واضحة في مسطرة القانون الجنائي، التي تتضمن ظروف التشديد، وتصل إلى غاية أربعين سنة، فالمشكلة تكمن في تفعيل النصوص، ومن يقوم بتفعيلها. وفي حالات اغتصاب الأطفال يجب الضرب بيد من حديد على المجرمين وتطبيق القانون في حقهم، لأنه لا توجد أي عقوبات بسنة أو سنتين حبسا أو حتى أربع سنوات سجنا، والمشرع كان واضحا في سن القوانين التشريعية فيما يخص جريمة الاعتداء الجنسي. لطالما ناديت بتطبيق عقوبات رادعة، من بينها الإخصاء والبتر، هل ما زلت متشبثة بالأمر؟ "ياريت لو يكون عندنا الاخصاء"، أنادي بهذه العقوبة منذ سنوات خلت ولاأزال متشبثة بها، فهي مطبقة في دول أخرى من العالم، لم لا تطبق عندنا أيضا. فإن كان المعارضون يتحدثون عن حق المعتدي، وأنه لا يمكن إحلال حق بخرق آخر، فمن سيتحدث باسم هؤلاء الضحايا وحقوقهم؟