من تكون الموثقة عائشة المسعودي، التي تجرأت على الدخول إلى عوالم لا نراها إلا في المسلسلات الأجنبية، حيث يختلط المال والجنس والمخدرات؟ لماذا بعد عشر سنوات على شروعها في إعداد تلك اللوائح وتسليمها إلى الجهات المختصة، تقرر نشرها على موقع إلكتروني؟. مسلسل رمضان لهذه السنة لا يختلف عن باقي السنوات السابقة، التي مازالت ترعب الكثير من رجال المال والأعمال هو «مسلسل التطهير» الذي أخرجه إدريس البصري، إلى جانب المسلسل المشوق «الكوميسير ثابت».فقد نشرت موثقة بالبيضاء أسماء شخصيات نافذة من عالم المال والأعمال وأبناء عائلات ثرية، تتهم من خلالها الأسماء الواردة في القوائم المنشورة بالاتجار واستهلاك المخدرات الصلبة «الكوكايين» والوساطة في الدعارة.
من تكون الموثقة عائشة المسعودي، التي تجرأت على الدخول إلى عوالم لا نراها إلا في المسلسلات الأجنبية، حيث يختلط المال والجنس والمخدرات؟ لماذا بعد عشر سنوات على شروعها في إعداد تلك اللوائح وتسليمها إلى الجهات المختصة، تقرر نشرها على موقع إلكتروني؟.
الموثقة وسط الحملة عائشة المسعودي، المتابعة من قبل المحكمة من أجل «إهانة السلطات عن طريق التبليغ عن جريمة تعلم بعدم حدوثها، والنصب، وعدم توفير مؤونة شيك»، ليست سوى ابنة الكولونيل ماجور المسعودي، المهندس العسكري بالقوات المسلحة الملكية، ووالدتها المحامية بهيئتي باريس والرباط، أمينة الهواري المسعودي، المساعدة السابقة للمحامي والمستشار الملكي أحمد رضا اكديرة. والدة الموثقة، كانت وراء فضح شبكة علاقات إدريس البصري وزير الدولة القوي في عهد الراحل الحسن الثاني، وتورطها في مشروع الحسن الثاني بالدارالبيضاء. ووسط هذه الأجواء، ستتعرض الوالدة للتنكيل عقب نشرها لأسماء مسؤولين كبار في وزارة الداخلية، نشأت موثقة البيضاء، حيث كانت تلتقي بكبار الشخصيات بحكم مهام والدتها كعضوة في العديد من المنظمات الدولية العاملة في مجال محاربة الجريمة المنظمة في مجال الدعارة والاعتداء الجنسي على الأطفال. خلال مسارها الدراسي، الذي توج بحصولها على شهادة الإجازة في الحقوق من جامعة السويسي بالرباط، كونت شخصية قوية، ساعدها في ذلك ممارستها لرياضة «الفول كونتاكت» المفضلة لديها. وإلى جانب حصولها على الحزام الأسود في هذه الرياضة، كانت تقطع 15 كلم في الأسبوع في رياضة المشي، حسب أقرباء لها. بعد حصولها على الإجازة في الحقوق، ولجت عائشة المسعودي، أحد مكاتب التوثيق، وبعد قضائها 5 سنوات، فتحت بداية سنة 2000 مكتبا لها في الدارالبيضاء، ونظرا إلى جديتها وصرامتها، حيث وصفها أحد أصدقائها بشعلة من الذكاء، سهل عليها أن تنتخب ككاتبة عامة لغرفة التوثيق. هي طليقة فاضل بنيعيش، المكلف بمهمة بالديوان الملكي، ونظرا إلى سمعة مكتبها وتفانيها في العمل وعلاقتها الطيبة مع زبنائها، ما جعل مكتبها يصبح في أقل من سنة، قبلة لأحد المليارديرات البيضاويين، حيث أمسكت جميع أعمال التوثيق، كما تولت إدارة المصالح المالية والعقارية والجبائية والإدارية، وذلك منذ سنة 2001. وأصبح الميلياردير الزبون الأول لدى الموثقة بحكم أن له مشاريع في مراكش وإنزكان وأكادير وطنجة، كما كان يملك 33 في المائة من أسهم رأسمال أحد البنوك المغربية، لكن المشكل حسب رواية عضو دفاع الموثقة، انطلق عندما قرر ورثة شريك الملياردير، القيام بمراجعة الحسابات، حيث تكلف أحدهم بتفويض من أشقائه بمراجعة الممتلكات العقارية والأموال والمنقولات. خلال عملية المراجعة، التي دامت 7 أيام في فندق الغزالة الذهبية بتارودانت، وقع شنآن بين الملياردير البيضاوي وأحد الورثة، بعدما اكتشف هذا الأخير بأن الملياردير كان لا يؤدي الضرائب، حيث تراكمت عبر السنين لتصل إلى حوالي 23 مليار سنتيم. على إثر ذلك رفع تقريرا إلى جهات عليا، حيث توصلت المحافظات العقارية برسالة من جهات مختصة، تطلب منها إحصاء وجرد جميع عقارات الملياردير البيضاوي، كما حجزت إدارة الضرائب على كل الحسابات والعقارات، في حين اختفت بقدرة قادر أسهم الملياردير البيضاوي. الملياردير البيضاوي أصيب بنوبة قلبية حيث توفي في 03/08/2009، بعدما تم نقله إلى فرنسا. وبحكم أن الحجز وقع على ممتلكاته وعقاراته، فإن الموثقة رفضت أداء الوثائق والملفات إلى ورثة الملياردير البيضاوي، إلى حين أدائهم ما بذمة والدهم لفائدتها عن الملفات السابقة. دفاع الموثقة يسرد هذه الواقعة لكشف أسباب قضاء الموثقة لسنة حبسا، متهما ورثة الملياردير بفبركة الملف، وذلك بعدما طلبت من الورثة أداء حوالي 900 مليون سنتيم، نظير الخدمات والمجهودات المبذولة من طرفها لفائدة والدهما، كما طالبت والدتها المحامية، التي كانت تشغل في نفس الوقت محامية ب560 مليون سنتيم. هذا، وحسب رواية والدة الموثقة، فقد تمت «فبركة» ملف من طرف أبناء الملياردير، وذلك بتحريض أحد الأشخاص بتقديم إشهاد كتابي ضد الموثقة، حيث تم اعتقالها في نهاية دجنبر 2010 وأحيلت على قاضي التحقيق خالد الزاكي بابتدائية البيضاء بتهمة خيانة الأمانة وانتحال صفة محام، حيث قضت محكمة عين السبع ضدها بسنة ونصف حبسا (ابتدائيا) وفي المرحلة الاستئنافية تم تخفيض الحكم إلى سنة واحدة حبسا. الحكم لم يكن نهائيا، وذلك بعدما قرر المجلس الأعلى آنذاك (محكمة النقض حاليا) نقض الحكم وأعيد إلى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، كما أن غرفة التوثيق، أصدرت تقريرا في 8 صفحات أشارت من خلاله إلى أن القضية لا تستحق لا الاعتقال ولا سنة حبسا. في الوقت نفسه، سجلت الموثقة شكاية أمام القضاء تطالب بمستحقاتها من ورثة الملياردير، مازالت جارية لحد الآن وكانت آخر جلسة يوم 13 يونيو المنصرم (ملف مدني عدد 2/1979/2011). خلال السنة الجارية، حصلت الموثقة على قرار بإعادة مزاولتها للمهنة، بحكم أن الحكم غير نهائي، لأن محكمة النقض رفضت الطعن المقدم من طرف الوكيل العام وقبلت بطعن الموثقة، وهذا هو السر وراء عودتها إلى مزاولة عملها، رغم قضائها لسنة حبسا نافذة.
القضية اللغز منذ بداية السنة الجارية، تعرضت الموثقة، حسب رواية والدتها، للمضايقات من قبل أشخاص كانوا يحلون بمكتبها بشارع غاندي بالبيضاء ويقدمون أنفسهم على أنهم رجال شرطة ويطلبون منها ضرورة المثول أمام الوكيل العام، لكن الموثقة كانت تشترط بحكم مهنتها، أن تتوصل باستدعاء مكتوب. الضغط الذي تعرضت له الموثقة، حسب ما سردته لوالدتها، لم يسلم منه كاتبها، الذي أصيب على إثره بجلطة دموية وتوفي يوم 30 ماي المنصرم. هذه الضغوطات جاءت عقب تصريحها لأنباء عن اعتزامها بتسريب اللوائح لجهات مختصة، خصوصا أن عملية جمع القوائم، قد انطلقت منذ عام 2007، دون أن تتحق الفائدة المرجوة من ذلك. الأشخاص الذين كانوا يترددون على المكتب ويقدمون أنفسهم على أنهم رجال شرطة، عادوا يوم 4 يونيو المنصرم، ومخافة إتلاف القوائم والملفات التي كانت بحوزتها، قررت اللجوء إلى الصحافة، لتتصل بصاحب موقع «معاريف بريس»، حيث مدته بحاسوب معطل، لأنه لم يتم تشغيله منذ مدة، توجد بخازنه القوائم. بعد أيام من نشر القوائم على الموقع المذكور، ألقي القبض على الموثقة وهي تتناول وجبة سمك على شاطئ البحر بالرباط، حيث تم اقتيادها إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من أجل الاستماع إليها وكذلك من أجل شيك بدون رصيد، في الوقت الذي تشير فيه الشهادة البنكية، التي حصلنا على نسخة منها أن هناك خطأ في التوقيع وليس غياب مؤونة.
المحاكمة «لقد كلفت للقيام بهذه المهمة كواجب وطني وتلقيت الأوامر من أجهزة خاصة.. في الوقت المناسب سأقول كل شيء وسأصرح بطبيعة هذه الأجهزة»، بهذه العبارات ردت، أول أمس الاثنين 29 يوليوز الجاري، الموثقة المثيرة للجدل عائشة المسعودي على أسئلة المحكمة حول الأسباب التي جعلتها تقدم على نشر لوائح بأسماء شخصيات ورجال أعمال وأبناء أعيان ومسؤولين على موقع إلكتروني تتهمهم من خلالها باستهلاك الكوكايين والوساطة في الدعارة. وقالت الموثقة أمام المحكمة، إن ما نشر لا يشكل سوى 30 في المائة من القوائم التي تتوفر عليها وقالت بنبرة الواثق من نفسه: «حالة الاعتقال لن تثنيني عن أداء مهمتي». وحول سؤال عن أسباب عدم تقديم المستندات أمام الضابطة القضائية، قالت الموثقة، «لقد اضطررت إلى الإنكار مخافة أن يتم إتلاف الحجج التي أتوفر عليها..عندما وقفت أمامك سيدي الرئيس سلمتك الأشرطة والصور الصوتية». الموثقة، التي كانت تتمتع بمعنويات عالية، قالت أمام المحكمة الزجرية بعين السبع، لقد كنت أمد الجهات المسؤولة بهذه اللوائح منذ 2003 وعندي توصية من تلك الجهات بأن ألتزم الصمت. وعن سؤال لماذا أثارت اسم الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالاسم والصفة عند نشر القوائم قالت الموثقة «هذاك شأن خاص بي وتلك تعليمات سيتم الكشف عنها في الوقت المناسب»، لتلتزم الصمت بعد ذلك. دفاع الموثقة له جولة أخرى، اليوم الأربعاء، وذلك بعدما قررت المحكمة ضم الدفوع الشكلية إلى الموضوع وشرعت في مناقشة الملف، وكانت النيابة العامة، أول أمس الاثنين، قد رفضت الدفوع الشكلية لأنها لاتستند على أي أساس، حسب وجهة نظرها، خصوصا الدفع القاضي بمتابعة الموثقة إلى جانب الصحافي المتابع بالقاعة 7 بقانون الصحافة وليس بالقانون الجنائي.