يؤكد عبد الرجمن مكاوي خبير في الدراسات العسكرية والإستراتيجية ان هناك مغاربة لهم علاقة بتنظيم المافيا الا ان ذلك لم يصل الى درجة تاسيس فرع لهذا التنظيم بالمغرب بالرغم من تعدد حالات اطلاق الرصاص في بلدنا توالي حوادث إطلاق الرصاص في البيضاء في عمليات تصفية حسابات هل يعكس برأيك ضلوع مغاربة في تنظيمات تابعة للمافيا الدولية. في الآونة الأخيرة وتحت الضربات التي تلقتها المافيا الإيطالية والروسية، نرى أن هناك انتقالا لهذه المافيا إلى دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، سواء من خلال المتاجرة في المخدرات الصلبة أو الأسلحة أو الاتجار في الرقيق الأبيض وظاهرة الاتجار في الأعضاء البشرية التي أصبحت تدر أرباحا كبيرة. لقد آثار تقرير صدر سنة 2005 عن مؤسسة «الأوروبول» الأمنية التابعة للاتحاد الأوربي، وجود علاقة عضوية مابين المافيا الأوروبية وبعض المغاربة الذين ينشطون في إطار عصابات، حيث ذكر أن المغرب سيكون مرتعا وملجئا للمافيا الأوروبية، سواء من خلال تبييض الأموال أو من خلال استعماله كقاعدة خلفية للهروب والاختباء بانتحال رجال المافيا لصفات وهويات مستعارة. ويؤكد المختصون في منظمة»الأوروبول» الأوروبية والشرطة الدولية (الأنتربول) على أن هذه العلاقة العضوية أصبحت تربط بشكل وثيق بين بعض المافيا بمختلف أصنافها وبين بعض العصابات المغاربية التي صارت تقوم بمهمة صلة الوصل بين هذه المافيا ونظيرتها في أمريكا اللاتينية، خصوصا كولومبيا، وذلك فيما يتعلق بتسهيل تهريب الكوكايين من نيجيريا عبر الصحراء الكبرى والدول المغاربية، نحو أوروبا. حادث إطلاق الرصاص الحي على مهاجر مغربي مقيم بالديار الأوروبية مساء الأربعاء الماضي في شارع الزرقطوني بمدينة الدارالبيضاء، وقبله حادث إطلاق النار من طرف أفراد محسوبين على المافيا الصينية حاولوا تصفية تاجر صيني، وقبله إطلاق الرصاص على مهاجرة روسية، ليست بالأحداث الجديدة والمفاجئة التي يشهدها المغرب.
ظلت الجريمة في المغرب مرتبطة بالأسلحة البيضاء ولم تتعد حالات الاعتداء بالسلاح الناري أو بنادق الصيد المرخصة قبل أن تعرف المسدسات طريقها إلى أيدي المجرمين، هل نحن أمام تطور جديد للجريمة. في العشرية الأخيرة لم يعرف المغرب ظهور مافيا بالمفهوم المافيوزي للكلمة، لأن المافيا تتطلب قيادة وتكتيكا واستمرارية، أما في المغرب فلدينا عصابات عائلية يمكن لبعضها أن يتكلف بتنفيذ خدمات(سوتريتونس) لدى المافيا المستمرة في الزمن. في المغرب هناك عصابات محترفة للجريمة تتشكل غالبا في السجون من أبناء الحي الواحد أو القبيلة أو الجهة، وبمجرد أن يغادر أفرادها السجون حتى يشرعون في القيام بعمليات إجرامية مباشرة، عكس المافيا التي لديها لوجستيك ولا يتم حلها بعد قيام أفرادها بعمليات إجرامية، لأنها تشبه إلى حد كبير المنظمات الإرهابية، وكلاهما وجهان لعملة واحدة.
هل تعتقد أن المافيا الأوروبية مع تضييق الخناق عليها في القارة الشمالية بصدد فتح ذراع لها في شمال إفريقيا وفي المغرب تحديدا. بكل صراحة فالأسلحة في أوروبا متوفرة بسعر التراب، فمثلا في ألبانيا، الدولة الأوروبية التي تعتزم الدخول لحظيرة الاتحاد الأوروبي، تباع بندقية «الكلاشينكوف» بسعر لا يتجاوز 400 دولار، وهناك مليون قطعة سلاح تباع في السوق الأوروبية بطريقة مباحة، والمافيا تستعمل وتستغل هذا السوق في صربيا ويوغوسلافيا المفككة قديما، ويمكن للمافيا أن توصل أي قطعة سلاح للراغبين في الحصول عليه بعد عملية شراء عبر الانترنيت، بدءا من»الإير بي جي» ومرورا بالبنادق الأوتوماتيكية والمسدسات الكاتمة للصوت، وانتهاء بالمدافع الصغيرة، وهكذا يكفي أن يدفع المرء 12 ألف دولار للحصول على ترسانة من الأسلحة. أما بالنسبة للمغرب، فإن المافيا لم تتمكن بعد من أن تخلق لها ذراعا في البلد، حيث أكد التصريح الأخير للوزير المنتدب لدى وزير الداخلية أنه تم تسجيل 370 ألف جريمة في المغرب في غضون 7 أشهر، وأن أغلبية هذه الجرائم بسيطة، وأن الجرائم الخطيرة هي مجرد حالات معزولة. صحيح أن ظهور حوادث إطلاق الرصاص في بعض المدن يمكن أن يعطي الانطباع لدى البعض بأن الوضع الأمني على غير ما يرام، لكن مثل هذه الحوادث ترتبط بتداعيات تصفية حسابات، كأن يخلّ أحد المهاجرين المغاربة في الديار الأوربية بالتزاماته اتجاه المافيا ويفر إلى المغرب وتحاول المافيا مطاردته للقصاص منه، لكن مسألة وجود جيب أو ذراع للمافيا في المغرب أمر مستبعد جدا.