يبدو أن الجماعات الإرهابية، خاصة تنظيم «الدولة الإسلامية»، استطاعت اختراق الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا، إذ أظهر جرد قامت به الجريدة لعمليات تفكيك الخلايا الإرهابية بالجارة الشمالية وتعقب أفرادها من قبل الاستخبارات الإسبانية، وبعض العمليات المشتركة التي قامت بها مع نظيرتها المغربية منذ سنة 2010، أن عملية الاستقطاب والتجنيد في صفوف المواطنين الإسبان ذوي الأصول المغربية في ارتفاع مستمر، إذ إنه تم اعتقال حوالي 70 شخصا من أصول مغربية في 30 عملية تقريبا، من بينهم نساء وقاصرون وأسر حاولت الالتحاق بدولة البغدادي. وبناء على الجرد نفسه، فإن سنة 2010 عرفت اعتقال شخصين من أصول مغربية، وشخص واحد سنة 2012، و13 شخصا سنة 2013، و27 سنة 2014، فيما سجلت سنة 2015 أكبر عدد من الاعتقالات، حيث تم إلقاء القبض على 32 مغربيا. وتعليقا على عدد الموقوفين من أصول مغربية في الجارة الشمالية، قال الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، عبد الرحمان المكاوي، إن الرقم لم يفاجئه لأن الإسبان يشتغلون في صمت، بالإضافة إلى أن مستوى التعاون والتنسيق الأمني بينهم وبين نظرائهم المغاربة مرتفع مقارنة ببلدان أخرى في الجوار، مشيرا إلى أن الاختراق الداعشي لا يقتصر على الجالية المغربية، بل يشمل كل البلدان، كما هو الحال في فرنسا، حيث تحدث وزير الداخلية الفرنسي عن وجود 1700 فرنسي في صفوف داعش، لكن عندما نتحدث عن إسبانيا فالأمر يتعلق بأكبر عدد من المعتقلين الإسبان من أصول مغربية، بحكم أن الجالية المغربية كبيرة العدد، بالإضافة إلى أن المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية تعتبرهما داعش قواعد خلفية لها من أجل التسلل إلى أوربا. كما عزا ارتفاع نسبة الاعتقالات في سنتي 2014 و2015 إلى ارتفاع الدعاية التضليلية للقنوات الداعشية التي تستقطب المزيد من الشبان الذين ينزلقون من عالم الجريمة إلى التطرف، خاصة في الأحياء الهامشية. في السياق نفسه، مكن التعاون والتنسيق الأمني الوثيق والمكثف بين مصالح الاستخبارات المغربية والإسبانية من القيام بأكثر من خمس عمليات مشتركة، في ظرف سنتين، سمحت بتفكيك خلايا إرهابية في المغرب وإسبانيا، وتم على إثرها اعتقال أكثر من 50 شخصا في البلدين، إذ إن ثلاث عمليات مشتركة بارزة بين البلدين سنة 2014 مكنت من اعتقال 19 شخصا، بالإضافة إلى عمليتين رئيستين في 2015، تم فيهما تفكيك خلية في الرابع من هذا الشهر في الدارالبيضاء ومدن إسبانية، ومكنتا من اعتقال 26 شخصا. من جهة أخرى، وعلى الرغم من حصول اعتقالات بتهم مرتبطة بالإرهاب في وسط التونسيين والجزائريين، إلا أن داعش أصبحت تركز على مغاربة إسبانيا، خاصة المنحدرين منهم من الثغرين المحتلين سبتة ومليلية، وبعض المدن شمال المملكة مثل الفنيدق وتطوان.