عكس انتخاب رئيس مجلس المستشارين تصدعا كبيرا على مستوى التحالفات التي كانت معلنة، فأحزاب المعارضة خاضت الانتخابات منقسمة، وتقدمت بمرشحين للمنافسة على رئاسة المجلس، أما الأغلبية فقد فشلت في الاتفاق على تقديم مرشح ودعمه، ولو من الناحية الرمزية، مما يفسر أن التحالفات في المغرب لا تبنى على عقيدة سياسية وإيديولوجية راسخة، بقدر ما تظل موسمية تتنازعها المصالح. انتخابات مجلس المستشارين، التي فاز فيها حكيم بنشماس، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، شهدت تحالفات غير مفهومة، برأي العديد من المراقبين، ولكنها تؤشر بحسب متتبعين على بداية تحول وشيك في خريطة التحالفات، ففي الوقت الذي فضل فيه حزبا الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار التصويت لصالح حزب الأصالة والمعاصرة، اختار حزبا العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية التصويت على مرشح حزب الاستقلال لقطع الطريق على حزب الأصالة والمعاصرة. حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، قال في تصريح لموقع "اليوم 24″ إن اصطفاف ما وصفها بالأحزاب الوطنية إلى جانب حزب الاستقلال مؤشر على بداية تحول جديد في خريطة التحالفات، فليس مقبولا أن يكون في بلد ديمقراطي لا حكومة غير منسجمة، ومعارضة غير منسجمة، مضيفا أن تصويت الأحزاب الوطنية الجادة الشعبية والفاعلة في المجتمع لصالح مرشح حزب الاستقلال، عبد الصمد قيوح بناء للمستقبل". ومن جهته، قال نبيل الشيخي، نائب رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين في تصريح لموقع "اليوم 24″، إن تصويت حزبين من الأغلبية الحكومية على مرشح "البام" أمر غير واضح، ولا مفهوم، كما يبرز هشاشة المشهد الحزبي، مبرزا أنه كان الأجدر أن يتم التصويت لحزب الاستقلال بعد إعلان المساندة النقدية للحكومة. وأوضح الشيخي أن ما وقع، مساء أمس الثلاثاء، يضع جميع الأطراف السياسية أمام مسؤوليتها، واستخلاص الدروس، والتفكير في المرحلة المقبلة، خصوصا أننا مقبلون على الانتخابات التشريعية لعام 2016. تحالفات ظرفية وموسمية ويرى أحمد بوز، أستاذ العلوم السياسية أنه من الصعب الحديث عن وجود أغلبية معارضة في المغرب، مشيرا إلى أن التحالفات السياسية في المغرب ظرفية وموسمية، وليست نتاج عقيدة سياسية وإيديولوجية راسخة. وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن ما وقع، مساء أمس، في انتخاب رئيس مجلس المستشارين، شبيه بما وقع أثناء تشكيل مكاتب الجهات ومجالس المدن، حيث صوتت أحزاب الأغلبية على المعارضة، والعكس صحيح، مشيرا إلى أن ما حدث بدا وكأننا أمام انتخابات محلية، وليس أمام محطة سياسية فارقة تقتضي ضرورة التمايز بين الأغلبية والمعارضة، وهو ما بدا من خلال عدم قدرة الأغلبية على تقديم مرشح لها ودعمه. وأوضح المتحدث نفسه أن الأحزاب السياسية في المغرب تقوم برد الفعل ولا تنتج الفعل، مبرزا أن حزب العدالة والتنمية صوت لصالح حزب الاستقلال، لأنه لا ينظر بعين الرضى إلى مرشح "البام" حكيم بنشماس، باعتباره محسوبا على الصف اليساري داخل الأصالة والمعاصرة، فضلا عن مشاداته مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران. ولم يستبعد أحمد بوز حدوث تحالف بين حزبي العدالة والتنمية والاستقلال مستقبلا، بسبب شعور قيادات حزب الاستقلال بنوع من الخذلان من طرف حزب الأصالة والمعاصرة، حيث اتضح أن "البام" وظف أحزاب المعارضة لرد الاعتبار لنفسه، بعد التهم التي لاحقته في فترة 20 فبراير، لذلك قد يسعى إلى التخلص من تهمة "البام".