حسم حزب الأصالة والمعاصرة رئاسة المستشارين بعد منافسة شرسة مع "حليفه السابق" في المعارضة، حزب الإستقلال، بفارق صوت واحد، عقب تفرق أصوات أحزاب الأغلبية والمعارضة على كلا المرشحَين. وما جرى، بحسب رأي عدد من السياسيين، يؤشر على خريطة تحالفات جديدة في المشهد الحزبي، على بعد سنة واحدة فقط من ثاني انتخابات تشريعية بعد دخول دستور 2011 حيز التنفيذ. وفي تصريح خَص به جريدة هسبريس الإلكترونية، نفى عبد الصمد قيوح، القيادي في حزب الاستقلال ومرشحه لرئاسة الغرفة الثانية، نيته الطعن في النتائج التي تمخضت عن صندوق التصويت، مؤكدا بأن ترشيحه جاء بعد احتلال الاستقلاليين للمرتبة الأولى في انتخابات مجلس المستشارين، وللتأكيد على المنهجية الديمقراطية التي اختار المغرب أن يذهب فيها. وقال قيوح إنه لو بقي مرشح الأغلبية، عبد اللطيف اعمو، لما تمكن مرشح حزب الأصالة والمعاصرة من تجاوز الدور الأول، مشددا على أن هذا الانسحاب مهد الطريق أمام "مرشح الجرار". كما زاد نفس المتحدث أن ترشحه جاء للتأكيد على أن حزب الاستقلال يحترم المنهجية الديمقراطية، ويقوم بتطبيقها. كما شدد القيادي في "حزب الميزان" على أن "صفحة جديدة قد تم فتحها مع حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية" بعد أن اختارا التصويت لصالحه، معتبرا أن "هذا التصويت يعد رسالة يجب التقاطها"، على حد تعبير عبد الصمد قيوح. فوز وسط خسارة نور الدين مضيان، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، شدد على أن حزبه يعتبر نفسه فائزا خلال هذه الانتخابات، بالرغم من خسارته لرئاسة الغرفة الثانية في البرلمان، موضحا أن ما جرى قد كان "مرحلة أساسية للمّ الشمل بين عدة مكونات سياسية، خاصة أحزاب الاستقلال والعدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية". وأكد مضيان، في تصريح لهسبريس، أن المحطة الانتخابية لتجديد تركيبة مجلس المستشارين قد أعطت صورة جديدة للمشهد السياسي المغربي، في الحاضر والمستقبل، "عرفنا من هم حلفاؤنا الحقيقيون، وأن هناك تحالفا مبنيا على الصدق والعمل المشترك" يوضح القيادي الاستقلالي. وفي ذات السياق، شدد عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال على أن التصويت على رئيس الغرفة الثانية أعطى إشارات بخصوص ما يمكن تصحيحه، معترفا بأن "حزب الاستقلال كان على خطأ"، وأنه "لابد من استخلاص الدروس انطلاقا من هذه العملية الانتخابية". وفي ما يخص الخطوة التي أعلن عنها حزب الاستقلال، مؤخرا، بتقديم "المساندة النقدية" للحكومة؛ شدد مضيان على أنه لابد أن تتواجد "مساندة مطلقة وغير مشروطة"، وأن يتم الانخراط مع اشتغالات حزبي العدالة والتنمية التقدم والإشتراكية، وفق تعبير مضيان الذي أصر على قرنه ب"رأيه الشخصي". المتحدث ذاته كشف أن اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ستجتمع، خلال اليومين القادمين، من أجل تدارس الوضع السياسي الراهن، إضافة لما قال إنه "نظر في التطورات التي حملتها انتخابات مجلس المستشارين". رئيس للجميع من جهته أكد حكيم بنشماس، الرئيس الجديد لمجلس المستشارين، أنه سيكون "رئيسا لجميع المستشارين، بمختلف تنوعاتهم"، وسوف "يعمل على تقوية هذه الغرفة، على الصعيدين الداخلي والخارجي". وشدد بنشماس، في تصريح لهسبريس، على أن "جلسة التصويت كانت طويلة، وعرفت الكثير من التشويق"، كما أنها "كانت لحظة ديمقراطية فارقة"، موضحا أنه سيقوم بكل ما بوسعه لتطوير عمل الغرفة الثانية من المؤسسة البرلمانية. وشدد المتحدث نفسه على أنه سيعمل على تطوير جودة العمل التشريعي، واستكمال البناء المؤسساتي للغرفة الثانية، والاشتغال على القوانين التنظيمية، بالإضافة إلى تقوية العمل مع مؤسسة الحكومة على أساس فصل السلط المنصوص عليه دستوريا. وتابع الرئيس الجديد لمجلس المستشارين بتأكيده على أن "العمل الدبلوماسي سيكون حاضرا، هو الآخر، ضمن أولويات الغرفة الثانية؛ على أساس متابعة الإصلاحات التي قام بها الرئيس السابق، محمد الشيخ بيد الله". لا انقلاب على الديمقراطية من جهتها ردّت سهيلة الريكي، الناطقة الرسمية باسم حزب الاصالة والمعاصرة، على ما اعتبره القيادي الاستقلالي نور الدين مضيان بشأن "عدم احترام الحزب للمنهجية الديمقراطية"، بقولها: "لا يوجد ما يمنع من ترشح حزب الأصالة والمعاصرة لرئاسة المجلس، بعد حصوله على عدد كبير من المقاعد، ووجود تقارب بين الحزبين". وكشفت الريكي، في تصريح لهسبريس، أن "البام" عبّر، خلال المفاوضات التي خاضها مع حلفائه في المعارضة، عن رغبة المحافظة على رئاسة الغرفة الثانية،من أجل "إحداث التوازن مع مجلس النواب"، موضحة أن هذه الرغبة كان قد أبداها التنظيم منذ الأيام الأولى لتنسيقه مع هذه الأحزاب، كما كان ذلك موكولا لنتائج الانتخابات؛ على حد تعبيرها. واعتبرت الناطقة الرسمية باسم حزب الأصالة والمعاصرة أن انتخاب بنشماس رئيسا لمجلس المستشارين قد جاء للتأكيد على مكانة الحزب في المشهد السياسي بالمغرب، واستكمالا للصدارة التي حصل عليها خلال انتخابات الغرف المهنية والانتخابات الجماعية والجهوية، وكذا انتخابات مجالس العمالات والأقاليم، مشددة على أن "فارق المقعد الواحد الذي كان يفصله عن الاستقلال في مجلس المستشارين ما كان ليمنع من الترشح". وفي ذات السياق، أوضحت الريكي أن من حق كل الأحزاب أن تتقدم بمرشحها لهذا المنصب، كما حصل مع مرشح الأغلبية عبد اللطيف أعمو الذي لا يتوفر تنظيمه إلا على مقعدين فقط وسط الغرفة الثانية، "إلا أن القانون يضمن له حق الترشح" وفق تعبير الناطقة الرسمية باسم حزب الأصالة والمعاصرة.