مباشرة بعد إعلان نتائج الانتخابات المحلية والجهوية التي أعطت تفوقا واضحا لحزب العدالة والتنمية بالجهات والمدن الكبرى، دخلت أحزاب التحالف الحكومي في مفاوضات شاقة وعسيرة لم تسلم من مشاحنات وتشنجات أدت إلى توقفها، قبل أن تستمر مرة أخرى بتقديم تنازلات، وصفت بالمؤلمة من حزب العدالة والتنمية. في بداية المفاوضات، كان لا بد من الاتفاق على منهجية واضحة، تقول بعض المصادر، من اجل الوصول إلى توافق يضمن بقاء التحالف الحكومي منسجما ومتراصا. وكشف مصدر مطلع لموقع اليوم 24 أن المنهجية نصت على أن المدن التي حصل فيها حزب من أحزاب التحالف على الأغلبية المطلقة تؤول رئاستها إليه مباشرة وبدون نقاش، وهو الأمر نفسه الذي يسري على المدن التي كان يسيرها حزب في التحالف الحكومي خلال الولاية السابقة وحصل فيها على المرتبة الأولى في انتخابات 4 شتنبر، أما ما دون ذلك فيتم التوافق عليه. في بداية المفاوضات أكد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، على ضرورة اقتسام رئاسة الجهات التي حصل فيها أحزاب التحالف الحكومي على الأغلبية المطلقة، دون إقصاء بغض النظر عن عدد المقاعد التي حصل عليها هذا الحزب أو ذاك، مبرزا أنه سيتنازل عن حقه في رئاسة أغلب الجهات التي حصل فيها حزبه على الأغلبية لصالح أحزاب التحالف حفاظا على تماسك الأغلبية. صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، أبدى تشبثا برئاسة بعض الجهات التي لم يحصل فيها حزبه على الأغلبية كجهة درعة تافيلالت التي أًصر على إسناد رئاستها لسعيد شباعتو القادم من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث أكد لبنكيران أنه أعطى وعدا لشباعتو برئاسة الجهة مقابل التحاقه بالتجمع الوطني للأحرار، إلا أن بنكيران رفض رفضا مطلقا مقترح مزوار، مؤكدا أن جهة درعة تافيلالت لا يمكن أن يرأسها إلا الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان سابقا. ولم تقف مساومات مزوار عند هذا الحد، بل إنه أبدى تشبثا أيضا بعمودية مدينة مراكش لصالح عبد العزيز البنين، ذكر هذا الاسم كان كافيا لكي ينتفض بنكيران في وجه مزوار، مؤكدا استحالة الاستجابة لمطلب صلاح الدين مزوار. وفي خضم المفاوضات، أًصر بنكيران على إسناد رئاسة جهة سوس ماسة لحزب التقدم والاشتراكية في شخص عبد اللطيف أوعمو، الذي يصفه بنكيران بأنه صوت حزب العدالة والتنمية في مجلس المستشارين،"هذا الرجل يستحق رئاسة جهة سوس ماسة، هو صوتنا في مجلس المستشارين، الرجال مثله قليلون، وبنكيران تشبث به كثيرا، لكن معارضة مزوار بإيعاز من جهات أخرى، أربكت المعادلة"، يقول قيادي في حزب العدالة والتنمية لموقع اليوم 24. من جانبه قال نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في تصريح سابق لموقع اليوم 24 أن حزبه لم يطلب رئاسة أي جهة من الجهات، مبرزا أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، هو من اقترح إسناد رئاسة جهة سوس ماسة لحزبنا، إلا أن ذلك لقي معارضة شديدة من طرف رئيس أحد أحزاب التحالف الحكومي، الذي نسق مع أطراف في المعارضة من أجل أن لا نظفر برئاسة تلك الجهة"، يقول بن عبد الله.