نجح المغرب في تنظيم الانتخابات الجماعية والجهوية بعد مسلسل تشاوري مهم بين الأحزاب السياسية حول القوانين التنظيمية المرتبطة بالجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الأخرى، توج بالمصادقة عليها بالإجماع. وهي خطوة مهمة لتنزيل أحكام الدستور المتعلقة بالجهوية المتقدمة، واستكمال لمسار الإصلاح المؤسساتي الذي اختارته بلادنا منذ المصادقة على دستور 20011، مرورا بتنظيم الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الأستاذ عبد الإله بنكيران التي أشرفت على تنظيم انتخابات المأجورين والغرف المهنية، بالإضافة إلى الانتخابات الأخيرة التي جرت يوم 4 شتنبر. لقد نجحت الحكومة في توفير كافة الشروط القانونية والتنظيمية واللوجيستية لتنظيم هذه الانتخابات في ظروف جيدة. وبغض النظر عن بعض الملاحظات التدبيرية والتقنية التي عمت بعض مكاتب التصويت يوم الاقتراع، فقد عبرت اللجنة المركزية للإشراف على الانتخابات، ممثلة في وزارة العدل والحريات ووزارة الداخلية، عن جاهزية معتبرة ليمر يوم الاقتراع في أحسن الظروف. حزب العدالة والتنمية استعد لهذه الانتخابات بما تستحقه من جدية واهتمام، وساهم بفعالية في مختلف مراحل المسار التشاوري والتشريعي المؤطر للعملية الانتخابية، وتفوق في امتحان الديمقراطية الداخلية لاختيار مرشحيه للجماعات والجهات، وخاض حملة انتخابية نظيفة مبنية على خطاب سياسي واضح تحت شعار: «صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح»، وسجل المراقبون حجم التجاوب التلقائي للمواطنين والمواطنات مع الخطاب السياسي لأبناء الحزب ومرشحيه، وحجم الإقبال الجماهيري المكثف على اللقاءات المباشرة التي قام بها عبد الإله بنكيران بمناسبة هذه الحملة الانتخابية بشكل غير مألوف في تاريخ الانتخابات المغربية، وهو ما جرى تتويجه بنتائج جد إيجابية تؤكد التجاوب الكبير لفئات واسعة من الشعب المغربي مع خيار مواصلة الإصلاح. لقد حصل حزب العدالة والتنمية على الرتبة الأولى في عدد الأصوات بأزيد من مليون ونصف صوت، أي بزيادة 900 ألف صوت عن انتخابات 2009، كما ضاعف الحزب مقاعده بثلاث مرات ونصف مقارنة مع الانتخابات الجماعية السابقة، وقفز من الرتبة السادسة إلى الرتبة الثالثة من حيث عدد المقاعد، وحصل على المرتبة الأولى بالنسبة إلى الجهات بفوزه ب 174 مقعدا من أصل 425، أي بنسبة بلغت 25,66 في المائة، وهكذا بوأه الناخبون المرتبة الأولى في كل من جهة الدارالبيضاءسطات، جهة الرباطسلاالقنيطرة، جهة فاسمكناس، جهة درعة تافيلالت وجهة سوس ماسة، كما فاز الحزب بالمرتبة الأولى في معظم المدن المغربية وحاز على الأغلبية المطلقة في الدارالبيضاءومكناس وطنجة ومراكش والقنيطرة والراشيدية وتمارة والشاون وغيرها، كما حقق الحزب انتصارا بطعم خاص في مدينة فاس، إذ أسقط عمدة المدينة السابق والأمين العام لحزب الاستقلال بالأغلبية الساحقة، وهي رسالة واضحة على رفض نموذج في السياسة قائم على البلطجة والابتزاز كان يُراد تعميمه على جميع الأحزاب… لقد عبرت هذه النتائج على أن الناخبين المغاربة اختاروا دعم المسار الإصلاحي الذي اعتمده الحزب في تدبير الشأن العام، سواء على المستوى الحكومي، أو على المستوى المحلي وفقا لمنهجه القائم على التعاون والتشارك والتدرج، والجرأة في مباشرة الإصلاحات الضرورية للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وقرروا منحه فرصة جديدة لمواصلة الإصلاح في ظل الاستقرار، وفي ظل المؤسسات القائمة، وهو ما سيسهم بحول الله في تعزيز صورة بلدنا في الخارج وجعله في مصاف الدول التي تسير بثبات لترسيخ دعائم المسار الديمقراطي والانخراط في مصاف الدول الصاعدة.