أعاد فيلم "محمد" لمخرجه الإيراني مجيد مجيدي إلى الواجهة مجددا، جدل جواز تجسيد الرسول عليه الصلاة والسلام والأنبياء في الأعمال الفنية، مع دنو موعد عرضه في صالات السينما، علماً أن الأزهر كان قد حذّر إيران سابقا من تصوير فيلم يجسد النبي، وذلك "لمكانته التي لا ينبغي أن لا تُمسَّ بأي صورة في الوجدان الديني". ويهدف العمل، الذي سيعرض في القاعات السينمائية الإيرانية، انطلاقا من يوم غد الأربعاء، وسيشارك في مهرجان مونتريال بكندا، ليكون فيلم الافتتاح في دورته التاسعة والثلاثين،(يهدف) حسب تصريحات مخرجه، إلى تغيير "الصورة العنيفة" التي يظهر فيها الدين الإسلامي، عبر اختيار مرحلة من حياة الرسول عليه الصلاة والسلام لا خلاف عليها بين المراجع والفرق المختلفة للشيعة والسنة، وهي سن الطفولة من ولادته إلى الثالثة عشرة، أما عن مسألة التجسيد يقول "مجيدي" إنه لن يتم إظهار ملامح الرسول عليه الصلاة والسلام، بل يمكن رؤية ظل جسمه فحسب. رأي الشيخ محمد الفيزازي في هذا الأمر لم يشذ عمّا يُجمع عليه علماء المسلمين، مؤكدا بنبرة لا تخلو من الاستنكار "أن تجسيد الرسول عليه الصلاة والسلام وبقية الأنبياء أمر محرم شرعا"، ويُعلّل المتحدث كلامه بأن "الرسول صلوات الله عليه مُقدّس، وأكبر من أن يتقمص شخصيته إنسان بسيط، لأن من شأن هذه الأعمال أن تمس الجانب العقيدي وثوابت الشريعة الإسلامية، وتستفز مشاعر المؤمنين". وعن الحكمة في ذلك، يبرز لحسن السكنفل، رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيراتتمارة، أن من يُقدّم دور أحد الأنبياء لا يتمثل فيه الكمال الإنساني، كما هو الأمر لدى القديسين، الذين هم صفوة الصفوة، كما أن صورة الممثل وهو يقدّم ذلك الدور تبقى عالقة في ذهن المتلقي إذا ما شاهده في موقع آخر". ويتفق الشيخ السلفي حسن الكتاني مع هذا الرأي، مشددا على أن الرسول مقدّس ولا يجوز تجسيده بأي حال من الأحوال، "هناك كثيرون لا يقبلون أن يُجسّد زعماؤهم أو أن تُنقل عنهم صورة قد لا تكون صحيحة إلى حد ما، فكيف إذا ما كان الأمر عن رسول الله؟". واستشهد السكنفل في حديثه بفيلم الرسالة للمخرج الراحل عباس العقاد، وكيف استطاع أن يصل إلى العالمية، مقدّما صورة إيجابية عن الإسلام دون أن يُجسّد فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، في إشارة منه إلى أن تصحيح الصورة العنيفة للإسلام في الخارج هو مجرد "تبرير واهٍ". وعن تبعات تجسيد الرسل في الأعمال الفنية، يعتبر الفيزازي أن هذا العمل يفتح بابا للتجرؤ أكثر على المعتقدات والمقدسات كما حدث مع المسلسلات التي صورت حياة الرسول يوسف وعيسى عليهما السلام، موضحا أنه لا يمكن تغيير صورة خاطئة عن طريق أعمال عدوانية "فاسدة"، و"نتخذ "تحسين صورة الإسلام" ذريعة لها"، يقول المتحدث نفسه. ويمضي حسن الكتاني، في الاتجاه نفسه، مؤكدا أن مثل هذه الأعمال تدفع الناس إلى التجرؤ على المقدسات، حتى إن كانت نابعة من حب رسول الله، لأن المحبة يجب أن تكون مضبوطة من الناحية الشرعية، لأن ما كل شي يُباح في سبيل الدفاع عن النبي.