وافقت لجنة الصفقات، وهي هيئة تابعة للأمانة العامة للحكومة، على التماس قدمه المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، حيث رخصت له ببناء 22 سجنا من دون الخضوع لمسطرة الصفقات العمومية، ودون أي إعلان أو إشهار مسبق، ودون إجراء أي منافسة حول بنائها. وتبلغ كلفة إطلاق مشاريع البناء هذه ما لا يقل عن 40 مليار سنتيم، حسب مصادر متطابقة من مندوبية السجون ووزارة الاقتصاد والمالية. وكان التامك تحفظ على «الدور الرئيس الذي يلعبه المهندسون والشركات في بناء السجون»، لأنه، في تقديره، «يشكل تهديدا أمنيا لمؤسسات بالغة الحساسية من الوجهة الأمنية». وقالت لجنة الصفقات، في رأيها رقم 15/456، إنها تجيز مسطرة الاستشارة المعمارية التفاوضية بالنسبة إلى الأعمال التي تتطلب ضرورات الدفاع الوطني أو الأمن العام أن تظل سرية، غير أنها قيدت هذه الإمكانية ب«ضرورة الترخيص لها مسبقا حالة بحالة، من لدن رئيس الحكومة على أساس تقرير خاص تعده السلطة المعنية لهذا الغرض». ونادرا ما تلجأ مؤسسات الدولة إلى التماس تنفيذ مسطرة الاستشارة التفاوضية بدل المسطرة العادية. وتطبق مسطرة الاستشارة المعمارية التفاوضية في الأعمال التي تتطلب ضرورات الدفاع الوطني والأمن العام أن تظل سرية، وأيضا في الأعمال التي يجب إنجازها في حالة الاستعجال القصوى والناجمة عن ظروف غير متوقعة، والأعمال التي كانت موضوع مسطرة استشارة تم إعلانها عديمة الجدوى، والأعمال التي يتعين على صاحب المشروع أن يعهد بتنفيذها إلى مهندس معماري آخر إثر عجز من سبقه، وأخيرا الأعمال المتعلقة بصيانة وإصلاح المباني. وفي يونيو الفائت، أعلن المندوب العام للسجون بالمغرب، في مناظرة حول أوضاع السجون، مخاوفه من الفجوات الأمنية في بناء السجون المغربية، وأعرب عن تحفظه على الطريقة التي كانت تبنى بها السجون، حيث «تعاني بعض الاختلالات الأمنية التي تبدأ منذ فتح ورش بنائها، حيث يشارك عدد من المهندسين ومكاتب الدراسات ومكاتب المراقبة في بناء المؤسسات السجنية في المغرب، ما يشكل في حد ذاته خللا أمنيا واضحا»، على حد تعبيره، داعيا إلى ضرورة اتخاذ «كافة الضمانات الأمنية» لحماية السجون، بما في ذلك حماية «سرية تصاميمها». وسيكلف بناء 22 سجنا مبلغا كبيرا لا يقل عن 40 مليار سنتيم. وقال مصدر من وزارة الاقتصاد والمالية «إن كلفة بناء 22 مؤسسة سجنية بواسطة مسطرة الاستشارة المعمارية التفاوضية ستصل إلى ما لا يقل عن 40 مليار سنتيم، بمعدل لا يمكن أن ينقص عن 1.5 مليار لكل مؤسسة سجنية، وهو ما يطابق المبلغ المفترض ألا يُتجاوز في مسطرة الصفقات لقبول الاستشارة المعمارية التفاوضية». وتفرض وزارة المالية أن يكون اللجوء إلى الاستشارة المعمارية محصورا في المشاريع التي تقل الميزانية الإجمالية المتوقعة للأشغال المرتبطة بها عن 20 مليون درهم، وقال مصدر مأذون بالمندوبية العامة للسجون إن بناء سجن واحد قد يكلف بين مليار و500 مليون سنتيم ومليارين يتسع لنحو 1300 سرير. ومن الواضح أن بناء المؤسسات السجنية المذكورة سيتم على سنوات، وستضخ أمواله من خلال ميزانية الاستثمار، لأن الميزانية المخصصة لسنة 2015 لن تكون كافية وحدها لتنفيذ مشروع بناء 22 مؤسسة سجنية. وخصص القانون المالي الحالي 41 مليار سنتيم كميزانية للاستثمار لصالح الإدارة العامة للسجون وإعادة الإدماج، «وحتى وإن بدت كافية لبناء 22 سجنا، فإن هناك مخصصات من هذه الميزانية تضخ في مشاريع أخرى غير بناء مؤسسات جديدة، لكن إطلاق مسطرة الاستشارة المعمارية التفاوضية سيبدأ هذا العام بعد حصول الإدارة على موافقة لجنة الصفقات وتأشيرة رئيس الحكومة».