أوقفت المصالح الأمنية بالدائرة الرابعة بعرصة معاش بمدينة مراكش، أول أمس الاثنين، شخصا قام بحفر نفق من داخل منزله بدرب «الفندق» بحي سيدي ميمون العتيق لاستخراج «كنز أثري» مزعوم من قلب ضريح يوسف بن تاشفين، بالإضافة إلى شخصين كانا يساعدانه في عملية الحفر، وصاحب دراجة نارية ثلاثية العجلات (تريبورتور) كان يقوم بنقل الأتربة المستخرجة من عملية حفر النفق ويتخلص منها بمطرح النفايات. وحسب مصادر مطلعة على ملف القضية، فإن الفضل في اعتقال المتهمين الأربعة يرجع إلى عون سلطة (مقدم حضري) أخضع منزل المتهم الأول للمراقبة، بعد أن ارتاب في أمر قيامه خلال الفترة الصباحية من كل يوم، وطيلة مدة قاربت السنة، بإخراج أكوام من الأتربة من منزله الذي يبعد بأقل من خمسين مترا على ضريح مؤسس المدينة الحمراء، ثم يشحنها بعد ذلك بالدراجة «التريبورتور». ازدادت شكوك عون السلطة خلال الأيام الأخيرة، بعد أن ارتفعت وتيرة استخراج الأتربة من المنزل، الذي كان يستقبل صاحبه عاملي بناء بشكل يومي، بينما يتردد عليه مساء أشخاص يرتدون لباسا تقليديا ويبدو من ملامحهم بأنهم فقهاء دين، الذين كان المتهم الأول يبرر أمام الجيران استقبالهم بمنزله بتنظيم ليال وحلقات للذكر والتلاوة الجماعية للقرآن الكريم. لم ينتظر عون السلطة طويلا. فقد قام بإبلاغ قائد الملحقة الإدارية، الذي رفع بدوره تقريرا إلى رئيس الدائرة الأمنية الرابعة، التي أخبرت النيّابة العامة بابتدائية مراكش، قبل أن تصدر تعليمات بتوقيف المتهم الأول، الذي لاذ بالفرار باتجاه منزله الذي تمت محاصرته، أول أمس، من قبل القوات الأمنية التي كانت تستعد لمداهمة المنزل بعد أن رفض المتهم تسليم نفسه، ليقوم بعد ذلك بمحاولة انتحار عبر تناول مادة سامة (الماء الحارق)، قبل أن تقتحم الشرطة المنزل وتجد بداخله المتهم وهو يتلوى ألما من الوجع، ليتم استنفار عناصر الوقاية المدنية الذين نقلوه إلى قسم المستعجلات بالمستشفى المحلي «ابن طفيل». وحسب المصادر نفسها، فقد استغرقت عملية إسعاف المتهم الأول أكثر من ثلاث ساعات، قبل أن يتعافى تدريجيا من ألمه وتتم إحالته على المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمقر ولاية أمن مراكش، حيث تم الاستماع إليه، وتمت مواجهته بالتهم المنسوبة إليه، ليتقرر وضعه رهن تدابير الحراسة النظرية. مصادرنا أكدت أن تصريحات المتهم أذهلت المحققين. فقد روى لهم «عبد الصادق.ص» (61 سنة) قصته مع الكنز المزعوم، التي بدأت مع حصوله، قبل أكثر من سنتين، عن طريق أحد شركائه على مخطوطة تاريخية تسمى في لغة الباحثين عن الكنوز الأثرية ب «تقييدة»، توضح الطريق المؤدية إلى المكان السري للكنز المدفون غير بعيد عن مرقد قائد المرابطين. وتضيف المصادر نفسها أن المتهم، الذي يعمل صانعا تقليديا (معلم جلايجي)، قرّر المغامرة إلى آخر رمق لسعيه الحثيث إلى تحسين أوضاعه الاجتماعية المتردية، وأمام إغراء الحصول على الكنز الأثري الذي صرح بأنه يعود إلى فترة الدولة المرابطية، وتصل قيمته المالية إلى ملايير السنتيمات. وأمام صعوبة اقتحام الضريح الذي يقع في منطقة آهلة بالسكان، اهتدى المتهم إلى فكرة حفر نفق تحت أرضي يوصله إلى الثروة المدفونة تحت تراب قبر ناصر الدين يوسف بن تاشفين. استغرق «عبد الصادق» سبعة أشهر في حفر النفق الذي كاد يوصله إلى الكنز المزعوم، وهي العملية التي صرح بأنها كانت تتم بمساعدة شخصين يتقنان عملية الحفر، وبإشراف من طرف فقيهين ينحدران من مدينة تحناوت بضواحي مراكش، اللذين قال إنهما كانا يتلوان تعويذات ويخطان الطلاسم أثناء الحفر. هذا، وقد أكدت مصادرنا أن الشرطة أوقفت العاملين وصاحب الدراجة النارية ثلاثية العجلات، بعد أن دل المتهم الأول المحققين على مكان تواجدهم، مرجحة بأن إحالة المتهمين على النيّابة العامة قد تتأخر بسبب احتمال اللجوء إلى مسطرة تمديد الحراسة النظرية من أحل إفساح المجال أمام الضابطة القضائية لتعميق البحث التمهيدي.